Menu

بعد مئة يوم حرب

حلمي موسى

خاص - بوابة الهدف

 

 

كتب حلمي موسى*  

 

في اليوم المئة للحرب الإجرامية على قطاع غزة تتبدى بمزيد من الوضوح معالم التفكك والخلاف داخل الموقف الإسرائيلي وبين الموقفين الإسرائيلي والأميركي. ويزداد الخلاف جراء اتضاح صعوبة تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

فيوم أمس، وحسب وسائل الإعلام الصهيونية. فوجئ الإسرائيليون في أسدود وجوارها بتساقط الصواريخ عليهم من غزة، وتحديداً من شمالها. واضطر المراسلون العسكريون للاعتراف بأن الصواريخ من غزة تسقط يومياً. وليس تقريباً كل يوم، على مستوطنات غلاف غزة. بل أن وزير الحرب يؤآف غالانت اعترف بأن على مستوطني الغلاف المطلوب منهم العودة إلى مستوطناتهم التعود على " تنقيط" الصواريخ.

وبسبب المئة يوم تدور نقاشات صاخبة داخل الجيش من جهة وبين الجيش وأهالي الأسرى من جهة أخرى حول مبدأ أن الضغط العسكري يسهل عودة الأسرى الإسرائيليين. ويرى الجميع أن حوالي شهرين مرا من دون أن تفلح إسرائيل في تحرير أي أسير بالضغط العسكري. والأهم أن الجيش صار بالغ البطء في حركته البرية خصوصاً في خانيونس والمنطقة الوسطى. ورغم التهديدات الصاخبة باحتلال محور فيلادلفيا فإن إسرائيل، كما يبدو، سمحت ل مصر بزيادة قوات نوعية على الحدود مع غزة وبقصد تكثيف مراقبة محور فيلادلفيا ومنع تهريب الأسرى إلى سيناء. ويشهد هذا التطور إضافة للاتفاق على تزويد الأسرى الإسرائيليين بالدواء عبر قطر على نوع من الإقرار بالعجز عن تحرير الأسرى بالقوة.

ومن الجائز أن إحساس الإسرائيليين بهذا العجز دفع الأميركيين إلى التعبير عنه صراحة أمام الإسرائيليين،

فقد ذكرت القناة الرسمية الإسرائيلية أن العسكريين الأميركيين الذين يتعاملون مع نظرائهم  في تل أبيب يشيرون لهم باستحالة تحقيق أهداف الحرب التي أعلنوها. وهم يطالبونهم بتعديل الأهداف وتكييفها مع الواقع. وبعبارة أخرى هم يقولون لهم أنه ليست لدى إسرائيل القدرة على القضاء على حماس.

لكن الجيش الإسرائيلي لا يزال يصر على أن بوسعه القضاء على حماس ولكنه يحتاج مزيداً من الوقت. والأميركيون يردون بأن إسرائيل تجاوزت الوقت المعقول وأنه لم يعد مقبولاً استمرار قتل المدنيين وتدمير ممتلكاتهم.

ولذلك كثر الحديث مؤخراً عن دخول الجيش الإسرائيلي مرحلة الحرب الثالثة لإقناع الأميركيين بأنه يأخذ بالحسبان طلباتهم ومصالحهم في المنطقة.

غير أن الخلاف الأميركي الأسرائيلي يتجاوز الجانب العسكري. فالتفاهم على المستوى العسكري أعمق بكثير من التفاهم على المستوى السياسي.

ففي هذا المستوى يكاد بعض المعلقين يتحدثون عن ما يقترب من قطيعة. وكانت أنباء قد أشارت إلى أن بايدن أغلق الهاتف في وجه نتنياهو قبل أكثر من عشرين يوماُ ولم يعد يهاتفه.

كما أن زيارة بلينكن الأخيرة كانت فشلاً ذريعاً حيث كان الخلاف سيد الموقف. ويقال أن الأميركيين باتوا يعربون صراحة عن حيرتهم وعدم يقينهم مما إذا كان نتنياهو يقود الحكومة أم أنه منقاد من آخرين. وغالباً ما يشير الأميركيون إلى أن الآخرين المقصودين هم المتطرفون أمثال سموتريتش وبن جفير وعدد من متطرفي الليكود.

ويلاحظ الأميركيون عجز نتنياهو عن تمرير قرار في الحكومة بتحويل أموال المقاصة كاملة للسلطة الفلسطينية. ومعروف أن سموتريتش كوزير للمالية هو من عليه أن يوقع على تحويل هذه الأموال وهو يعلن رفضه التوقيع على تحويلها.

وعدا ذلك هناك مشكلة العمال من الضفة الغربية حيث أن الاقتصاد الإسرائيلي بحاجة ماسة لهم لكن سموتريتش وبن جفير واشباههما يمنعان السماح بدخول هؤلاء العمال.

وقد اضطر وزير الحرب المدرك لمخاطر توتير العلاقات مع الأميركيين إلى إعلان موقف صريح بوجوب تسليم السلطة أموال المقاصة والسماح للعمال الفلسطينيين بالعودة للعمل في إسرائيل. فالاقتصاد الإسرائيلي يعاني بشدة من ضغوط الحرب بسبب تكاليفها من جهة واستمرار تجنيد ما لا يقل عن ربع مليون من جنود الاحتياط. وما يزيد الطين بلة هو الاعتقاد باحتمال اتساع رقعة الحرب إذا تم تصعيد الموقف مع حزب الله في الشمال.

وبعد كل ذلك أو قبله يأتي الخلاف بين أميركا وإسرائيل حول اليوم التالي للحرب وسبل التعامل مع غزة ومع المحيط العربي بما يضمن استقرار المنطقة كبحيرة أميركية بعيداً عن التيارات الأخرى.

 

*كاتب صحفي من غزة