Menu

نهاية المشروع الصهيوني

في ذكرى رحيل د. حبش .. بات المستحيل ممكناً يا حكيم

وسام رفيدي

خاص _ بوابة الهدف

 

 

كتب وسام رفيدي*

 

 26 يناير ذكرى رحيل القائد القومي والوطني الكبير د. جورج حبش ، حكيم الثورة كما عُرف، والحكيم لقب استحقه ليس لأنه طبيب فقط، والطبيب هو الحكيم في الدارجة الشعبية، بل لأنه تمتع برؤية ثاقبة لجذور الصراع ومآلاته ونهاياته وأدواته، فاستحق لقب حكيم الثورة.

 

في 26 يناير 2008 توقف قلبه المتعب عن الخفقان، تعب القلب الذي قاتل عشرات السنين دون كلل، ولكن ما توقفت رؤياه السياسية الوطنية عن التجذر أكثر فأكثر، تحفر لنفسها مكانة في الممارسة، تعيد ضبط الحسابات والمواقف، وتعرّي أحياناً كثيرة الحسابات والمواقف، تجذرت لتتجسد أخيراً في 7 أكتوبر بأبهى مظاهر التجلي.

 

مفاصل رئيسة رسّخها الحكيم في مسيرته، وانعكست في خطاب حزبه الذي أسس على رأسها الموقف القطعي المناهض للتسوية مع دولة الكيان، وما يعكسه هذا الموقف من تشخيص لحقيقة الصراع معه بأنه صراع على الوجود بين مشروعين، وطني تحرري فلسطيني يروم تحرير الوطن وعودة لاجئيه، ومشروع استعماري كولونيالي إحلالي يروم تهجير الشعب والسيطرة المطلقة على الوطن. هذا الموقف كان يستتبعه بالضرورة ما كان الحكيم، وتقريباً في كل خطاباته وكتاباته، يركّز عليه وهو نهج المقاومة وبكافة أشكالها، ولا شيء غير المقاومة، فأن تحدد جوهر الصراع كصراع وجود، وأن تحدد طبيعة المشروع كمشروع كولونيالي استيطاني استعماري إحلالي، فهذا يعني أن لا حسم للصراع معه، لمصلحة التحرر الوطني لشعبنا، سوى بالمقاومة،واستتباعاً كان الحكيم يُبدي حساسية وطنية وأخلاقية عالية تجاه وحدة المقاومة، حساسية لا تعكس فقط رهافة إحساسه وأخلاقه كإنسان، بل وأيضاً قناعته بأن شعبنا لن يتمكن من هزيمة المحتلين إلا عبر وحدة مقاوميه.

 

ماذا أظهر وأكد طوفان الأقصى غير ما كان يدعو له الحكيم؟ فزّاعة الجيش الذي لا يُقهر تم تحطيمها، وسبق وتحطمت في جنوب لبنان في الـآ 2000 و2006، واستحالة تحرير فلسطين نجح مقاتلو القسام بنقضها فعلياً يوم 7 أكتوبر، ووحدة المقاومين من مختلف الكتائب تتجسد على أرض المعركة، ليس في مقاومة كل فصيل منفرداً، بل وبعمليات مشتركة للكتائب، وحدة وجدت طريقها لغرفة عمليات مشتركة، أما وتجلّي الصراع على حقيقته كصراع وجود، فهذا ما تؤكد عليه قيادة المقاومة بشعار (التحرير والعودة)، وهو ما يستشعره الصهاينة حين يعتبرون أن هزيمة الكيان حالياً ستعني بداية النهاية، وكان المؤرخ إيلان بابيه المعادي للصهيونية، قد اعتبر أن ما يجري بداية النهاية للمشروع الصهيوني.

 

لذلك حق القول، إن معركة الطوفان تأكيد على صوابية طريق اختطه الحكيم، والعديد من القيادات الثورية الفلسطينية والعربية والعالمية، ليصح القول دون تردد إن المعركة تمثّل ذات ما كان الحكيم يبشر به، فسواء كانت خلفية المنهج المقاوم الخطاب الديني المقاوم، أو الوطني العروبي، أو اليساري الوطني، فكل الطرق تؤدي للمقاومة والتحرير طالما نهضت على قاعدة الحق التاريخي في الوطن ووجوب المقاومة ووحدة المقاومين.

 

يمكن القول دون مجازفة أن روح الحكيم المرهفة وإن آلمها حجم التضحيات والمآسي الذي تخلّفه حرب الإبادة على شعبنا، إلا أنها فرحة حتماً بتلك السواعد التي تخط طريق التحرير الذي وهب حياته لتحقيقه ولم يسعفه الموت ليعيشه.

 

قال مرة: الثورة قامت لتحقيق المستحيل لا الممكن. صحيح يا حكيم، وها هو المستحيل يبدو ممكناً. صدقت فعلاً.

*أكاديمي فلسطيني