Menu

تحليلضربة تحت الحزام

حلمي موسى

خاص - بوابة الهدف

 

 

كتب حلمي موسى*

 

وأخيراً استجمع الرئيس الأميركي جو بايدن شجاعته واتصل برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وطلب منه تسهيل إبرام صفقة التبادل بمنح تفويض واسع لوفده المفاوض والعمل على وقف نار فوري. ويكاد المرء لا يصدق نفسه وهو يقرأ هذا الكلام في بيان رسمي عن البيت الأبيض ويلحقه تسريب ينطوي على تهديد: إذا لم تغيروا سياستكم فسوف نغير سياستنا. وبديهي أن هذا الكلام يشكل ضربة تحت الحزام لنتنياهو وإسرائيل وشهادة على المستوى الذي تراجع به بايدن من كونه الصهيوني المفتخر إلى المتملص من تبعات إجرام إسرائيل ووحشيتها.

وفي محادثة هاتفية قاسية بين بايدن ونتنياهو وضع الرئيس الأميركي أمام نتنياهو مطلباً وهو تغيير سياسة إسرائيل في قطاع غزة موضحاً أنه حان وقت الوقف الفوري لإطلاق النار جراء الوضع الإنساني المتدهور في القطاع. ومعروف أن هذه المحادثة تمت على خلفية قصف مركبات منظمة "المطبخ المركزي العالمي" وقتل سبعة من موظفيها في دير البلح.

وحسب بيان البيت الأبيض فإن بايدن أثار مع نتنياهو هذا الطلب حيث قال له أن وقف النار الفوري بات مطلوباً من أجل استقرار وتحسين الوضع الإنساني في غزة وحماية أراح المدنيين. بل أنه أيضاً حث نتنياهو على تفويض وفده المفاوض على التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى من دون أي تأخير إضافي. وجاء في البيان أن على إسرائيل الإعلان عن سلسلة خطوات واضحة ويمكن قياسها وتنفيذها من أجل معالجة المعاناة الإنسانية في غزة وتأمين عمال الإغاثة. وأوضح أن سياسة أميركا بشأن غزة ستتقرر عبر تقييم خطوات فورية من جانب إسرائيل في القضايا المذكورة آنفاً.

وأثار الرئيس الأميركي في المحادثة أمر قتل عمال الإغاثة يوم الإثنين وقال أن ذلك لا يتقبله العقل، كما الحال مع الوضع الإنساني في غزة عموماً. وتحدث الرجلان أيضاً عن تهديدات إيران لإسرائيل. وقد أوضح بايدن في هذا السياق أن أميركا تغطي إسرائيل في مواجهة التهديدات. وقد انضم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لرسالة بايدن. وقال بلينكن في قمة الناتو في بروكسيل أنه إذا لم تحدث التغييرات التي نتوقعها من إسرائيل، فسوف تحدث تغييرات في سياستنا". وأضاف بلينكن أن "المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة ببساطة غير كافية. والهجوم على رجال "المطبخ المركزي العالمي" لم تكن الأولى لكنها يجب أن تكون الأخيرة.

وفي إيجاز للصحافيين تحدث الناطق بلسان مجلس الأمن القومي، جون كيربي، فقال: "لا نية لدينا لتغيير سياستنا مستقبياً وإنما عن نية لدينا لأن تغير إسرائيل سياستها. وإذا لم نشهد تغييراً في إسرائيل، فسوف يكون التغيير من جانبنا". وأضاف كيربي أن خيبة الأمل تتعاظم بشأن الطريقة التي يستقبل فيها نتنياهو رسائل الرئيس. وشدد كيربي على الحاجة لأن تُغير إسرائيل سياستها، لكنه رفض تفصيل الخطوات المحتملة من جانب أميركا.

وقد استمرت مكالمة نتنياهو وبايدن حوالي 45 دقيقة في حين أشارت مصادر أخرى إلى أنها استتمرت أقل من نصف ساعة. وقد اضطر نتنياهو بعدها إلى عقد اجتماع عاجل للكابينت السياسي الأمني لمناقشة الوضع في ديوان رئاسة الحكومة في القدس وليس في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، بسبب العمية الجراحية التي اجتازها نتنياهو مطلع هذا الأسبوع.

وفي مستهل اجتماع الكابينت قال نتنياهو: "على مدى سنوات وإيران تعمل ضدنا أيضاً بشكل مباشر وكذلك عبر مبعوثيها، لذللك تعمل إسرئيل ضد إيران وضد مبعوثيها، دفاعياً وهجومياً. ونحن نعرف كيف ندافع عن أنفسنا وسوف نتصرف وفق المبدأ البسيط من يأت لضربنا أو يخطط لضربنا، فإننا سوف نضربه".

وبموازاة ذلك، في أعقاب مقتل عامل الإغاثة الإنسانية البولندي في حادث في قطاع غزة، تم استدعاء سفير إسرئيل في وارسو لمحادثة توبيخ. وسيوصل رسالة التوبيخ إسرائيل نائب وزير الخارجية  البولندي الذي قال في أعقاب الحادث المأساوي لأن "هذا الحادث يشبه حوادث الدهس والفرار ولذلك يعتبر ذلك جريمة.

من جهة أخرى كتب نير شوكو كوهين في يديعوت أن الولايات المتحدة تدير اتصالات متقدمة على اتفاقية دفاع مشترك مع السعودية وأن إدارة بايدن تأمل أن تتمكن من عقد قمة ثلاثية تضم بايدن ونتنياهو وابن سلمان. وأشار إلى أن العقبة الأساسية هي أن للسعوديين مشكلة طالما أن القتال دائر في غزة. وبحسب الكاتب فإنه فيما تدير إسرائيل حرباً على القطاع تدير الولايات المتحدة اتصالات متقدمة لإبرام اتفاق دفاع مشترك مع السعودية. وكان يفترض بمستشار الأمن القومي أن يزور الخليج للقاء ولي العهد السعودي وكان مقرراً أن يصل هناك لحث عملية التبادل المقترح أن تتم خلال أيام قصيرة. ويبدو أن أميركا في هذه اللحظة تستخدم ما يمكن وصفه بالعصا والجزرة للدفع نحو تحقيق سياستها في المنطقة برضى إسرائيل أو رغماً عنها وربما لمصلحة إسرائيل رغماً عنها.

 

*كاتب صحفي من غزة