Menu

نحن من يهمنا الأمر      

حمدي فراج

حمدي فراج

خاص. - بوابة الهدف

                  
 
يلفت النظر إعلان حزب الله المسجل عن أماكن إسرائيلية بعينها ينوي استهدافها في حالة اندلاع الحرب، الإعلان بعنوان "إلى من يهمه الأمر" ويقصد إسرائيل، لكنه أيضاً يهمنا نحن الفلسطينيين، وبالتحديد في الضفة الغربية، التي رغم محاولة النأي بنفسها عما جرى في غزة على مدار تسعة أشهر، إلا أن إسرائيل عبر ممارساتها اليومية تصر أن تبقينا عنواناً أساسياً للصراع ورأساً حاداً للحربة، و آخر ما حرر على هذا الصعيد، تصريحات نتنياهو لقناة المتطرفين والمتشددين "14" من أنه يواجه سبع جبهات في آن واحد، إحداها هي جبهة الضفة الغربية، مساوياً بذلك بيننا و بين جبهة إيران وحزب الله و اليمن والعراق وسوريا. 

نحن يهمنا الأمر بعد أن لم تُبْقِ إسرائيل على أي اعتبار لأي حد من حدود الاتفاقيات أو التفاهمات مع منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية، قتلاً واعتقالاً وإذلالاً وتعذيباً وتجويعاً - خاصة للأسرى - الذي يقارب عدد من تم اعتقالهم خلال العدوان الإبادي على غزة نحو عشرة آلاف أسير، بمعدل أكثر من ألف أسير شهرياً، ناهيك عن أسرى غزة حوالي خمسة آلاف أسير. لم تظل مدينة أو قرية أو مخيم لم يتم اقتحامها وانتهاكها وارتكاب ما يتيسر من جرائم وممارسات يندى لها الجبين، بما في ذلك ترك الجرحى ينزفون حتى الموت، و آخر ما تم تحريره هنا، اعتقال مصاب ووضعه مربوطاً على مقدمة الجيب العسكري في جنين قبل يومين.

نحن من يهمنا الأمر، انفلات المستوطنين المدججين بالسلاح، أصبحوا على مقربة من أن يكون لهم زيهم الموحد، كأنهم عناصر احتياط للجيش، أو أن الجيش احتياطي لهم، وما صرح به مؤخراً وزيرهم، سموترتش، من أن حكومته "منخرطة في خطة سرية لتغيير الطريقة التي نحكم بها الضفة، لتعزيز سيطرتنا عليها بشكل لا رجعة فيه، دون أن نُتَّهم بضمها رسمياً، فنمنع الضفة من أن تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية. إنه أمر درامي للغاية، مثل هذه التغييرات تشبه تغيير الحمض النووي للنظام."

حجز أموال المقاصة، تتصرف بها إسرائيل وكأنها منّة، تنفقها اليوم وفق أهوائها، وغداً ستغدقها على أية أجسام بديلة لإدارة غزة، بعد رفض نتنياهو أي دور للمنظمة "لا فتحستان و لا حماسستان". 

نحن أكثر من يهمه الأمر، فالوطن كله على المحك، والشعب كله في السلخانة. يكمن الحل في تشكيل قيادة وطنية موحدة سرية تعمل على أن تكون ذراع منظمة التحرير وتعلن العصيان الشامل في الضفة وتوظف طاقات الشعب المعطلة في مجابهة الاحتلال، فتجسر الثغرة المستعصية بين الحركتين الشقيقتين الحاكمتين في كل من الضفة والقطاع. 

لا يجوز لأي فلسطيني مسؤول، نصبّه الشعب، أو نصّب نفسه، أن يتجاهل ما اتفق على تجاهله طوال الحقبة الطويلة الماضية، لقد غيرت موقعة طوفان الأقصى، الكثير الكثير من أسس هذا الصراع المحتدم، أشكاله وأطرافه وأسلحته والجهر بأهدافه، ولا يجوز أن نضع بعد الآن أيدينا على عيوننا ونقول لم نر، وأصابعنا في آذننا و نقول لم نسمع.