Menu

مسارات نحو المجاعة

منظمة اللاجئين الدولية تحذر: مسار المجاعة يدمر غزة تحت وطأة الحصار والتدمير

"منظمة اللاجئين الدولية تحذر: مسار المجاعة يدمر غزة، وكالات

الهدف الإخبارية - فلسطين المحتلة

في تقرير جديد صدر عن منظمة اللاجئين الدولية بتاريخ 12 سبتمبر 2023، تحت عنوان "فك تعقيد حقيقة المجاعة في غزة" (Untangling the Reality of Famine in Gaza)، سلط الضوء على تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، حيث تزايدت التحذيرات من أن المجاعة أصبحت تهدد حياة مئات الآلاف من السكان. التقرير الذي أعده جيريمي كونينديك وجيسي ماركس، يوضح أن ما يحدث في غزة نتيجة طبيعية للحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات، بالإضافة إلى النزاعات العسكرية المتكررة والتي تسببت في تدمير شامل للبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك شبكات المياه، الكهرباء، والرعاية الصحية.

 

غزة تعاني منذ سنوات طويلة من حصار اقتصادي صارم فرضته إسرائيل، إضافة إلى النزاعات المسلحة المتكررة التي دمرت البنية التحتية الأساسية، مما أثر على توفير الغذاء والماء والخدمات الصحية. رغم محاولات منظمات الإغاثة الدولية مثل الأمم المتحدة لتخفيف العبء عبر توفير مساعدات غذائية ومائية، إلا أن هذه الجهود غالبًا ما تصطدم بقيود إسرائيلية، إضافة إلى الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تعرقل وصول المساعدات إلى المناطق الأكثر تضررًا.

التقرير يوضح أن وضع المجاعة في غزة لم يعد مجرد تحذير مستقبلي بل أصبح حقيقة قائمة. بحسب ما ذكره مسؤول في الأمم المتحدة للمنظمة، "كانت غزة دائمًا على بعد أسبوعين من المجاعة"، نتيجة لعدم السماح بمرور المساعدات بحرية. كما أن هناك تزايدًا هائلًا في حالات سوء التغذية، حيث زادت نسبة سوء التغذية المسجلة بنسبة 170% على مستوى القطاع، وبنسبة 300% في المناطق الشمالية، وهي المناطق التي تعاني من القيود الأمنية الأكبر منذ بدء النزاع.

تحديات إيصال المساعدات:

رغم الجهود الدولية، فإن المساعدات التي تصل إلى غزة لا تغطي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات الحقيقية. تشير البيانات إلى أن المساعدات الغذائية تصل إلى ما يقرب من 12% فقط من السكان، فيما يعاني الباقون من نقص حاد في الغذاء والماء. الأمم المتحدة ومنظمات أخرى تواصل مناشدة المجتمع الدولي لزيادة الدعم وتخفيف القيود الإسرائيلية على تدفق المساعدات، لكن القيود الأمنية والهجمات المستمرة تجعل هذه الجهود محدودة التأثير.

المشاكل الأساسية التي تعيق إيصال المساعدات تتعلق بالقيود التي تفرضها إسرائيل على الحدود، حيث تتعرض شحنات المساعدات لتفتيش وتأخير طويلين. بالإضافة إلى ذلك، يتم استهداف المنشآت الصحية التي تعالج سوء التغذية والهجمات على البنية التحتية. هذا الأمر أدى إلى تراجع قدرة المستشفيات والمنظمات الإنسانية على تقديم الرعاية اللازمة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد.

موقف"إسرائيل" والدفاعات:

"إسرائيل" من جانبها، تنكر وجود أزمة مجاعة في غزة، وصرحت بأنها تتيح مرور شحنات المساعدات عبر الحدود. تقرير الخارجية الإسرائيلية الذي نُشر في مارس 2023 ادعى أن تقارير المجاعة مغلوطة ومبالغ فيها. كما أشار التقرير إلى أن إسرائيل تنسق وصول بعض الشحنات التجارية وتسهيلات المساعدات الإنسانية، ما يجعل الأوضاع الإنسانية تحت السيطرة.

مع ذلك، يرد التقرير بأن هذه التصريحات لا تعكس الواقع الفعلي على الأرض. فحتى في فترات تيسير مرور المساعدات، كانت الكميات غير كافية لتلبية احتياجات السكان. العديد من الخبراء في الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى أكدوا أن المساعدات التي تصل إلى القطاع لا تشمل الأجزاء الشمالية من غزة، والتي تعاني من أسوأ الظروف الإنسانية.

سوء التغذية: أزمة متفاقمة

قبل النزاع، كانت نسبة سوء التغذية في غزة أقل من 1%، ولكنها الآن ارتفعت إلى ما بين 7-8% في بعض المحافظات. الأطفال يعانون بشكل خاص من سوء التغذية الحاد، حيث تم تسجيل حالات جديدة لم تكن مرصودة من قبل بسبب القيود المفروضة على عمليات المسح الميداني.

التقرير يوثق أيضًا أن خدمات فحص وعلاج سوء التغذية، التي كانت تعتبر أساسية، تتعرض لتهديدات مستمرة بسبب القيود الأمنية والهجمات العسكرية. حتى مع وجود خبرات طبية ومنظمات متمرسة في علاج سوء التغذية، إلا أن القيود الإسرائيلية تجعل من المستحيل تقريبًا تشغيل هذه الخدمات بفعالية في غزة.

أبرز النقاط التي ركز عليها التقرير:

1. أزمة سوء التغذية المتفاقمة:

من أبرز ما تناوله التقرير هو التدهور الكبير في معدلات التغذية في قطاع غزة. فقد أشار إلى أن معدلات سوء التغذية شهدت ارتفاعًا غير مسبوق، حيث تم تسجيل زيادة بنسبة 170% في حالات سوء التغذية المسجلة على مستوى القطاع منذ بداية النزاع الأخير. في المناطق الشمالية من غزة، والتي تعد الأكثر تضررًا من العمليات العسكرية الإسرائيلية، زادت حالات سوء التغذية بنسبة 300%، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

التقرير يوضح أن المرافق الصحية التي كانت تقدم خدمات لعلاج سوء التغذية تواجه صعوبات كبرى في تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، خصوصًا في ظل القيود الأمنية التي تفرضها إسرائيل على حركة المساعدات، وتعرض هذه المنشآت إلى القصف المتكرر.

2. ضعف المساعدات الإنسانية:

على الرغم من جهود المجتمع الدولي لتقديم المساعدات الغذائية والإنسانية، فإن هذه المساعدات لا تزال غير كافية. التقرير يذكر أن المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة لا تغطي سوى نسبة 12% من إجمالي الاحتياجات الغذائية للسكان. بالإضافة إلى ذلك، القيود التي تفرضها إسرائيل على المعابر الحدودية تعرقل وصول المساعدات بشكل فوري ومستدام، حيث تواجه القوافل الإنسانية صعوبات في الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا.

منظمات الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الأخرى قدمت تحذيرات من أن الوضع في غزة مرشح للتفاقم أكثر في حال لم يتمكن المجتمع الدولي من زيادة تدفق المساعدات إلى القطاع. التقرير يشدد على أن هناك ضرورة ماسة لتوفير الغذاء والماء للسكان في الشمال، حيث تعاني هذه المناطق من نقص حاد في المواد الغذائية والخدمات الصحية.

3. القيود الإسرائيلية وتأثيرها على الوضع الإنساني:

التقرير يعالج دور إسرائيل في هذه الأزمة بشكل مباشر، حيث يوضح أن السياسات الإسرائيلية المتبعة تعرقل بشكل كبير إيصال المساعدات إلى قطاع غزة. القيود المفروضة على المعابر التجارية ومعابر المساعدات الإنسانية تجعل من الصعب جدًا على المنظمات الإغاثية تأمين دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية إلى القطاع.

إسرائيل من جهتها تدعي بأنها تسهل دخول المساعدات، حيث ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في تقرير صدر في مارس 2023 أن الادعاءات بوجود مجاعة في غزة "مبالغ فيها"، وأن إسرائيل تسمح بمرور بعض شحنات المساعدات الإنسانية. لكن تقرير منظمة اللاجئين الدولية يناقض هذه الادعاءات، حيث يذكر أن المساعدات التي تصل لا تلبي إلا جزءًا ضئيلًا من احتياجات السكان المتزايدة، وأنها غالبًا لا تصل إلى المناطق الأكثر احتياجًا.

4. تدمير البنية التحتية:

أحد الجوانب المهمة التي تناولها التقرير هو تدمير البنية التحتية في غزة نتيجة للعمليات العسكرية المتكررة. تعرضت المستشفيات، شبكات المياه، والكهرباء إلى دمار شبه كامل، مما أثر على قدرة القطاع على توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للسكان.

التقرير يشير إلى أن تدمير هذه المرافق أدى إلى صعوبة كبيرة في توفير المياه النظيفة والغذاء الكافي للسكان. فالكثير من العائلات تعتمد على المياه غير الصالحة للشرب، وهو ما يزيد من خطر تفشي الأمراض والمشاكل الصحية المتعلقة بسوء التغذية.

5. استجابة المجتمع الدولي:

بالرغم من تفاقم الأزمة، فإن استجابة المجتمع الدولي كانت محدودة مقارنة بحجم الكارثة. التقرير يناشد الحكومات المانحة والمنظمات الدولية بتقديم مزيد من الدعم لقطاع غزة، مع التركيز على ضرورة الضغط على إسرائيل لتخفيف القيود على المعابر الحدودية. يشدد التقرير على أهمية التنسيق بين الدول المانحة والمنظمات الإغاثية لضمان وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة في الوقت المناسب.

التقرير دعا أيضًا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لزيادة الدعم المالي واللوجستي للمنظمات العاملة على الأرض، لضمان تقديم الرعاية اللازمة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد.

6. التحذير من تفاقم الأزمة:

في نهاية التقرير، حذرت منظمة اللاجئين الدولية من أن الوضع في غزة يمكن أن يزداد سوءًا في حال استمرت القيود المفروضة على مرور المساعدات، خاصة في ظل غياب الحلول السياسية للصراع. ويشير التقرير إلى أن هناك خطرًا حقيقيًا من تفشي المجاعة في أجزاء واسعة من القطاع، خاصة في المناطق الشمالية، ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف الوضع الإنساني.

لقراءة التقرير كاملة:- انقر هنا 

خلاصة التقرير:

في ظل هذه المعطيات، يُعتبر التقرير بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي للتحرك الفوري لتجنب تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة. منظمة اللاجئين الدولية تدعو إلى تعزيز الجهود الإغاثية والتفاوض مع الجانب الإسرائيلي لتخفيف القيود المفروضة على المساعدات. كما يشدد التقرير على ضرورة تقديم دعم مالي أكبر للمنظمات الإغاثية التي تعمل في غزة لضمان تقديم الرعاية الطبية والغذائية اللازمة للسكان المتضررين.

في الختام، يعتبر تقرير منظمة اللاجئين الدولية توثيقًا مهمًا لما يحدث على الأرض في غزة، ويكشف عن مدى التعقيد الذي يحيط بالأزمة الإنسانية في القطاع. المجاعة أصبحت تهديدًا حقيقيًا يلوح في الأفق، ما لم يتحرك المجتمع الدولي بسرعة وبقوة لمعالجة هذا الوضع الكارثي.

للمزيد من التفاصيل يمكنك الاطلاع على التقرير الكامل عبر الموقع الرسمي لمنظمة اللاجئين الدولية .