يُعد كتاب "الحرب" لبوب وودوارد من الأعمال التي أثارت جدلاً واسعاً، حيث قدم رؤية دقيقة للأحداث من خلال تحقيق صحفي عميق، ولكنه تلقى أيضاً نصيبه من النقد. أحد أبرز الانتقادات التي وُجهت إلى الكتاب هو تركيزه على العرض الوصفي للأحداث دون الخوض في تحليلات عميقة لآثار الحرب على الأرض، سواء من الناحية الإنسانية أو الاجتماعية. يعتبر بعض النقاد أن وودوارد كان محافظاً في أسلوبه، حيث اكتفى بنقل روايات مسؤولين حكوميين وعسكريين، ما يجعل الكتاب غير قادر على منح القارئ نظرة كاملة على تأثير الحرب من زاوية الشعب العراقي ذاته، والذي كان المتضرر الأكبر.
كما يُنتقد الكتاب لعدم محاولته محاسبة المسؤولين بشكل مباشر على أخطائهم؛ فبينما يبرز وودوارد الكثير من الأخطاء في صنع القرار، إلا أنه لا يُظهر نبرة لوم صريحة تجاه الشخصيات الرئيسية التي كانت وراء قرار الحرب. يرى بعض المراقبين أن هذا يعكس ميلاً للحياد المفرط الذي يؤدي إلى تهميش المسؤولية الأخلاقية لأصحاب القرار، وخاصة الرئيس بوش ودائرته المقربة
يتناول كتاب "الحرب" لبوب وودوارد تفاصيل الحرب في العراق، مُقدماً نظرة عميقة على القرارات السياسية والعسكرية التي أدت إلى الصراع، وكذلك العواقب التي ترتبت عليه. يُعتبر الكتاب تجسيدًا لأسلوب وودوارد المعروف في التحقيق الصحفي الدقيق والموضوعي، حيث يستند إلى مقابلات مع الشخصيات الرئيسية في إدارة الرئيس جورج بوش الابن، بالإضافة إلى العديد من المصادر العسكرية والاستخباراتية.
ينطلق الكتاب من خلفية الأحداث التي تلت هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث تتضح الرغبة القوية في إدارة بوش في الرد على هذه الهجمات بشكل صارم. يستعرض وودوارد كيفية تشكيل الرؤى الإستراتيجية حول ضرورة الإطاحة بنظام صدام حسين، مدعومًا بمزاعم تتعلق بأسلحة الدمار الشامل. يتناول الكتاب الجوانب النفسية والسياسية التي كانت تؤثر على صنع القرار في تلك الفترة، موضحًا كيف أن المناقشات الداخلية بين القادة العسكريين والسياسيين كانت مليئة بالتوترات.
يوفر الكتاب نظرة على الاستعدادات العسكرية، مُبرزًا التحديات اللوجستية والتنسيق بين مختلف الجهات الحكومية. كما يتناول العمليات العسكرية في العراق، مسلطًا الضوء على الديناميكيات المحلية والتفاعلات مع السكان. يتضح من خلال السرد أن الحرب لم تكن مجرد عملية عسكرية بل كانت تتضمن أبعادًا إنسانية واجتماعية معقدة، وهو ما عكس الفوضى والصراعات الطائفية التي ظهرت لاحقًا.
واحدة من أبرز القضايا التي يعرضها وودوارد هي النتائج المترتبة على الحرب، بما في ذلك تأثيرها على العلاقات الدولية وصورة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. يطرح الكتاب تساؤلات حول ما إذا كانت الأهداف التي تم الترويج لها، مثل نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، قد تحققت بالفعل.
يمتاز أسلوب وودوارد بالوضوح والموضوعية، مما يسهل على القارئ استيعاب القضايا المعقدة التي يتناولها. تعتمد سردياته على الحقائق والبيانات الموثوقة، مما يعزز مصداقية تحليلاته.
بالرغم من الإشادة التي تلقاها الكتاب كمرجع أساسي لفهم السياسات الأمريكية في العراق، إلا أنه واجه انتقادات من بعض المراقبين الذين اعتبروا أن وودوارد لم يُعطِ الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للحرب حقها من التحليل.
يُعتبر وودوارد أيضاً متحفظاً في طرحه للقضايا المتعلقة بتضليل الرأي العام، حيث لم يُسلط الضوء بشكل كافٍ على كيفية استغلال الإدارة الأمريكية للمعلومات الاستخباراتية لتبرير الحرب أمام الشعب الأمريكي والعالم. قد يكون السبب وراء هذا التحفظ هو اعتماده على مصادر من داخل الإدارة نفسها، مما جعله غير قادر على انتقادها بشكل مباشر.
وأخيراً، بالرغم من أن الكتاب يوثق العديد من التفاصيل المثيرة حول قرارات الحرب، إلا أن البعض يرى أن وودوارد لم يستطع أن يقدم نظرة متكاملة وشاملة حول الأبعاد الإستراتيجية للحرب وتداعياتها على المدى الطويل. هذا يُعتبر نقصاً في الكتاب، خاصةً أنه يُفترض أن يقدم رؤية شاملة لحرب كانت لها آثار جيوسياسية هائلة على المنطقة والعالم.
بالمجمل، يُعتبر "الحرب" وثيقة تاريخية قيمة، لكنه كتاب يفتقر في بعض أجزائه إلى التحليل النقدي العميق، ويُعتبر منحازاً إلى حدٍ ما إلى الرواية الرسمية، ما قد يترك القارئ بحاجة إلى مصادر أخرى لفهم الأبعاد الكاملة للحرب في العراق.
لتحميل الكتاب انقر الرابط
لملخص الكتاب على اليوتيوب