لا يمكن للكيان الصهيوني الاستمرار والاستقرار في أرضنا طالما مقاومة لبنان حرة تؤمن أن رسالتها هي القتال من أجل القضاء على الشر المتمثل في وجوده كاحتلال وككيان هجين واقتلاعه من أرضنا. هذه المقاومة كانت حاضرة منذ نشأت الكيان حتى يومنا هذا وهي تعبر عن جوهر الشعب اللبناني بتنوعه وغالبيته التى تستلهم وعيها الوطني والإنساني من إيمانها أن لبنان وطن الإنسان هو مهد الثقافة الإنسانية التى تعبر عن مقاومة متجذرة في تاريخه وهويته الوطنية. واليوم يقف لبنان المقاومة جنباً إلى جنب مع المقاومة في غزة تعبيراً عن إيمانه بدوره المقاوم وانحيازه المطلق للحق الفلسطيني بالعيش بسلام وحرية على أرضه. بينما يقف كل العالم متفرجاً على المجازر والإبادة الجماعية في غزة ويصم أذنيه عن صرخات الأمهات الثكالى، والأطفال المقهورين الجياع المحرومين من كل أسباب الحياة كأن العالم يخلع قناعه ليكشف عن وجهه الحقيقي البشع لتتبدد كل المعتقدات حول قيمة هذه الحضارة الإنسانية ومعانيها المتمثلة بشرعة حقوق الإنسان والمنظمات الدولية ذات الصلة التى أصبحت محل شك كبير في معنى وجودها وغاياتها الحقيقية التى تعمل بالمطلق لمصالح الدول الكبرى وتتماهى مع إرادتها في إخضاع شعوب العالم. هذه الدول الكبرى تمثل النظام العالمي المتوحش الذي ينهش كل ما حوله في سبيل السيطرة الكاملة على العالم بأي ثمن. على رأس هذا النظام العالمي الولايات المتحدة الأميركية التي أرسلت طائراتها لتلقي وجبات الغذاء للجياع في غزة وهي نفسها الطائرات التى تنقل السلاح والزخائر إلى (إسرائيل) لالقاءها فوق رؤوس المدنين في غزة لقتلهم! قد يبدو هذا تناقضاً لكنه في حقيقة الأمر هو نفاقٌ متعمدٌ لتقويض القيم الإنسانية الحقيقية وتفريغها من قيمتها الأخلاقية. في المقابل يقدم لبنان المقاومة نموذجاً أخلاقياً عظيماً بوقوفه في وجه الظلم ومساندته لأهل غزة ومقاومتها بكل إمكاناته إلى حد القتال باللحم الحي ليعبر عن سردية إنسانية ملحمية أخلاقية يحتاجها العالم ليشفى من قسوته ووحشيته لعله يستطيع أن يرى حقيقة ما حدث ويحدث في غزة من إهانة لإنسانية الإنسان ويشفى من العمى الذي أصابه. لبنان المقاومة الصغير بجغرافيته الكبير بمقاومته وإنسانيته يواجه الوحشية الصهيونية بإيمان أن الشهادة في سبيل نصرة المظلوم نصرٌ عظيم لإنسانية الإنسان وإعلاء من شأن الحضارة الإنسانية الأصيلة التى على مر التاريخ عبرت عنها الشعوب الحرة التي قاومت الطغيان بكل ما أوتيت من قوة. والمقاومة اليوم في غزة ولبنان تصنع التاريخ الإنساني بتضحياتها وصمودها وتقدم رسالة عظيمة تعبرعن ثقافتها الإنسانية النبيلة التى تتجلى في موقفها الموسوم بالخط العريض "إذا أوقفتم الحرب والإبادة الجماعية في غزة نتوقف عن إطلاق النار من لبنان، ولن نتراجع عن ذلك حتى لو دمرتم بيوتنا حتى لو قتلتمونا جميعا". يختصر هذا الموقف سردية المقاومة وروايتها مقاومة حالمة وواقعية مندفعة وثابتة تستلهم صمودها العظيم من المقولة الخالدة "ألسنا على الحق، إذاً لا نبالي" المقاومة تعى فارق القوة بينها وبين العدو الذي يدعمه العالم المتوحش بأسره ولكن هذا لن يسنيها عن الثبات على موقفها في دعم غزة واستكمال مسير النضال وهي تستمد عزيمتها من صمود رجالها في الميدان وفي صبر اللبنانيين النازحين من كل قرية وبلدة ومن التكاتف الوطني في كل لبنان دعماً لمقاومته إلا ما ندر من أصوات نشاز هنا وهناك معروفة مواقفها ودوافعها ومن يقف خلفها. لبنان المقاومة رسالة متجذرة في التاريخ والجغرافيا وهو نموذج مضيء في هذا العالم المظلم يعلم الدروس في معنى الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان وصون كرامته وتقديم التضحيات جنباً إلى جنب مع المقاومة الفلسطنية للتحرير والتحرر. هذه المقاومة لا يمكن هزيمتها على الإطلاق فكيف لأي قوة في العالم هزيمة مقاومة تستمد قوتها من وعيها بقيمة دورها ووعيها بمعنى ماهيتها كمقاومة حرة شريفة نزيهة في زمن الخضوع والخنوع والاستسلام للهيمنة والغطرسة والطغيان.