يُقال أن الفلسطينيين لا يتعلّمون من تجاربهم، ودائماً يقعون في أخطاء سبق وأن وقعوا فيها عدّة مرات من دون أن توفر لهم تجاربهم فرصة التخلص من الأخطاء والخطايا، ولعل هذا ما يفسر، بنظر البعض، مسيرة فلسطينية بقدر ما فيها من بطولات وشهداء وجرحى وأسرى، كعنوان للتضحية في سبيل قضية التحرر والانعتاق، بقدر ما فيها من خطايا وويلات وكوارث على كافة الأصعدة.
لكن وربما ما يخفف من وقع هذه الحقيقة، حقيقة عجزنا عن التعلم من تجاربنا وخطايانا وتكرارها بشكل مستمر، أن عدونا المأخوذ بالتفوق والتغول، أيضاً يقع في نفس "الخطيئة"، إذ إنه لا يتعلم من التجارب والدروس، وليس أدل على ذلك أكثر من سلسلة الإجراءات الانتقامية والثأرية التي اتخذتها سلطات الاحتلال إثر عمليتيّ الخليل البطوليتين، قرارات جديدة بالاستيطان، هدم منازل، إلغاء تصاريح العمل، استمرار الاستيلاء على جثامين الشهداء، القتل الميداني المُعلَن، وغيرها من الإجراءات الدموية، أضاف عليها هذه المرة التهديد بقطع شبكة الانترنت، وكأن الفلسطيني بحاجة لمن يُحرّضه ضدّ الاحتلال، ومع أن مثل هذه الأساليب قد اتبعت من قبل، ولمرات عديدة، إلّا أن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، استمرت وتطورت أدواتها ووسائلها، لم تتعلم سلطات الاحتلال من تجاربها السابقة في أن مثل الإجراءات لا تزيد الانتفاضة إلّا اشتعالاً وتطوراً واستمراراً وتنوعاً في أساليبها الإبداعية المتجددة.