Menu

"بوكيمون غو" هوس يجتاح العالم الواقعي من الافتراضي

بوكيمون غو

بوابة الهدف - وكالات

عندما يتعلق الأمر بـ «ظواهر» «السوشل ميديا»، لا يبدو أن لعبة «بوكيمون غو» لشركة «نينتندو» اليابانية تختلف عن غيرها كثيراً. ظهورٌ مفاجئ فانتشار واسع فـ «هوس» يصيب ملايين المستخدمين وعشرات المواقع وآلاف الصفحات.

تدخل «بوكيمون غو» ضمن نطاق ألعاب «الواقع المعزّز» augmented reality (وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في هذا المجال). تحمّل اللعبة مجّانًا (مع إمكان استفادة الشركة من عائدات بيع أدوات تساعد في اصطياد البوكيمون)، ويمكن تلخيصها بالتالي: اصطياد الكائنات الافتراضية في الحيّز المكاني الواقعي. لعبة يتداخل فيها الواقع بتفاصيله الجغرافية والزمانية مع الافتراضي بتسليته وجاذبيته، لينتج من ذلك ما نراه في الصور المتداولة عن أشخاص يمشون محدّقين في هواتفهم الجوالة تسيّرهم الخارطة التي تشبه خرائط «غوغل». بعد تشغيل GPS على هواتفهم، يبحث اللاعبون عن البوكيمون في أيّ مكان (حتى داخل الحمّام) ويحاولون اصطياده عبر تصويره بالكاميرا وضربه بالكرة التي تظهر على الشاشة. أما ما قد ينتج عن هذا من حوادث عرضية تصل أحياناً إلى درجة إلحاق الأذى الجسدي باللاعب، فهو جزء من هذه الظاهرة، والمستخدمون راضون، حتى وإن أصبح الأمر متجاوزاً لخصوصية الأمكنة (في أستراليا مثلاً، طالب البعض بدخول قسم شرطة للبحث عن البوكيمون داخله).

الأكيد أن شركة «نينتندو» هي المستفيد الأكبر من هذا الهوس الجديد، فبعد تردّد طويل لم تستطع الشركة اليابانية الاستمرار في تجاهل أهمية طرح ألعابها على منصّات الهاتف الجوال. فطرحت «بوكيمون غو» في أميركا وأستراليا ونيوزلندا أولاً، لكن اللعبة انتشرت بلجوء المستخدمين لطرق التحميل عبر استخدام تطبيقات VPN أو عبر مواقع قرصنة وإن انطوى ذلك على خطر تحميل تطبيقات خبيثة تضرّ بمعلومات الجهاز وخصوصيته.

وبحسب ما تناقلت مواقع تقنية عديدة، فقد صمّم المطوّر الأميركي جوناثان زارا والمصري عبد الرحمن عيطة تطبيق GoChat للدردشة بين اللاعبين الموجودين في منطقة جغرافية قريبة، لتحقيق نجاح أكبر في العثور على البوكيمون واصطيادها. وقد حظي التطبيق بانتشار واسع، الأمر الذي دفع المطوّرين إلى طلب التمويل اللازم للاستمرار في تطوير المشروع.

يتمّ تناول هذه الظاهرة عبر خطّين متوازيين: المستخدمون المصابون بالهوس، والمتابعون لأخبار تلك الظاهرة حتى لو لم يكونوا من مستخدميها. فالقارئ فقد ينجذب إلى الأخبار التي توصّف نتائج ممارسة ظاهرة ما ـ بما تتضمّنه أحياناً من مبالغات ـ أكثر من دراسة الظاهرة بعينها. فيتّجه الخطان نحو صناعة الأخبار ونشرها عبر منصّات التواصل الاجتماعي المتعددة، لتكرّس الظاهرة بشكل رسميّ.

مبدئياً، وبحسب ما كتبت الباحثة في شؤون الإعلام الرقمي دانا بويد في مقالة نشرتها العام الماضي، فإن «للسوشل ميديا دوراً مهماً تقوم به ضمن موقعها الثقافي أكثر من ارتباطها بما تقدّمه تقنياً. إنها تساهم في مساعدة الناس، بشتى اختصاصاتهم، على إعادة تخيّل الدور الذي يمكن أن تلعبه التقنية في نشر المعلومات والتواصل وتطوير المجتمع. ومع أن للتقنيات التي تتداخل ضمن نطاق السوشل ميديا تاريخاً لا يمكن تجاهله، إلا أن ما ظـــهر بعد العام 2000، أعاد تصوّر وإدراك الممارسات التقنية ـ الاجتـــماعية بطرق جديدة. فأصبحت أســـماء أهمّ المواقع (فايسبوك، تويـــتر، انسـتغرام) متداخلة في حياتنا اليومية وتوجّه وعينا واهتماماتنا وتشكّل آراءنا، صحــــيحة كــانت أم مغــلوطة». وانطلاقاً من هذا التعريف المبسّط، يمكن تفســـير هوس لعبة «بوكيمون غو» الذي اجتاح العالم في الأيام الأخيرة.