Menu

الشبان الستة المختطفين لدى السلطة: "يا بنموت يا بيفرجوا عنّا"

أحمد نعيم بدير

المختطفين لدى مخابرات السلطة

غزة_ خاص بوابة الهدف

يواصل الشبان الستّة المختطفين لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة المحتلة، إضرابهم المفتوح عن الطعام، منذ مساء الأحد 28 أغسطس، رفضاً لاعتقالهم السياسي، دون تهم واضحة، وحتى يتم إطلاق سراحهم.

وكانت محكمة رام الله قررت خلال أغسطس الجاري، تمديد اعتقال الشبان لمدة (45) يوماً في سجن بيتونيا برام الله، بعد أن قضوا عدة أشهر في سجن أريحا، تعرّض فيها أحدهم للعزل الانفرادي، ومعظمهم لاعتداءات وانتهاكات.

تجدر الإشارة الى أنه عندما تم نقل الشبان الستّة من سجن أريحا الى سجن بيتونيا قرروا الإضراب عن الطعام إلا أنهم تراجعوا عن القرار حتى لا يؤثر إضرابهم على إضراب الأسير القائد بلال كايد.

بوابة الهدف أجرت عدة اتصالات لتقترب من الصورة أكثر فكانت هذه التفاصيل.

سعيد الأعرج، شقيق المعتقل باسل في اتصالٍ هاتفيّ مع "بوابة الهدف"، أكد على أن الشبان الستّة مضربين عن الطعام منذ الساعة الخامسة من مساء الأحد، مشيراً الى أنهم معتقلين على خلفيّة سياسيّة بدون أي تهمة تذكر.

وحول زيارات الأهالي لأبنائهم المعتقلين، يقول الأعرج "قبل قرابة الشهر زُرنا الشبان في سجن أريحا وجلسنا معهم بحضور ضابط من المخابرات الفلسطينيّة وبحوزته ورقة وقلم لتسجيل كل ما يدور بيننا من حديث، وقبل الزيارة كان يعطينا التعليمات بخصوص الموضوعات التي نتناولها خلال حديثنا مع الشبان".

ويضيف "كنّا نجلس معهم، وكان يُسمح لنا بالاطمئنان على صحتهم وأحوالهم فقط بدون أي حديث آخر، لكن بعد نقلهم الى سجن بيتونيا، أصبحنا نتحدث معهم من خلف جدار بعلو 120سم، نكاد بصعوبة نسمع صوت باسل لبعد المسافة".

ويُعتبر مُعتقل بيتونيا القريب من مدينة رام الله، وسط الضفة، من أسوأ المعتقلات التابعة للسلطة الفلسطينية، إذ صُمم على الطريقة الأمريكية وبمواصفات "إسرائيلية" ذات طابع جنائي يحوي المئات من تجار المخدرات والسلاح وغيره.

الشبان الستّة المعتقلين في بيتونيا موزعين على (6) غرف، في كل غرفة (35) معتقلاً مُتنوّعي التهم، منهم على علاقة بقضايا أمنية والبعض الآخر مُعتقل على خلفية جرائم قتل.

الأجهزة الأمنيّة الفلسطينية وفي تصريحاتٍ متضاربة لها في وقتٍ سابق، قالت إنه "جرى اعتقال الشبّان الستّة لتشكيلهم خطراً على الأمن العام الفلسطيني"، وفي رواية أخرى زعمت أنّ اعتقالهم هو "لحمايتهم من الإحتلال".

فُقدت آثار بعض الشبان الستّة بتاريخ 30 مارس الماضي، وهم: باسل الأعرج، محمد حرب، هيثم السياج، واعتقلتهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتاريخ 9 إبريل في قرية عارورة برام الله، وجرى اعتقال الثلاثة الآخرين: محمد السلامين، علي دار الشيخ، سيف الإدريسي، خلال فترة اختفاء الأعرج وحرب والسيّاج، بحجّة التحقيق معهم.

مؤسسة "الضمير" لحقوق الإنسان، وفي بيانٍ سابق لها، أكدت تعرض الشبان الستّة لتعذيبٍ قاسٍ في الأيام الأولى للاعتقال منها: الشبح، ومنع النوم والتحقيق المتواصل وضرب على كافة أنحاء الجسد وشتائم ومنع الاستحمام؛ وذلك لانتزاع اعترافات منهم بالقوة.

شقيق المعتقل باسل الأعرج أضاف "في الأيام الأولى للتحقيق تم نقل باسل للمشفى بعد توقف قلبه عن النبض جراء التعذيب، ومن ثم أعادوه للتحقيق، ونقل 6 مرات للعلاج في الخدمات الطبية كونه يعاني من حصوة في الكلى ومرض السكري".

لم تُوجه أيّة تهمة ضد الشبان الستة وترفض المحكمة أيضاً الإفراج عنهم بكفالة أو تحت أي ظرف، علماً بأن بعض هؤلاء الشبان ناشطين في المجال السياسي، ما يُعطي اعتقالهم صبغة الاعتقال السياسي، إلّا أن ما أقدمت عليه السلطة الفلسطينية هو تحويلهم للاعتقال الجنائي.

والدة المعتقل هيثم سياج ناشدت عبر "بوابة الهدف"، بأن "لا مطلب لنا سوى الإفراج الفوري عن هيثم ورفاقه، والمحكمة تمدد اعتقالهم بحجة التحقيق غير الموجود أصلاً".

"ما لحقنا نفرح بطلعته"، تقول أم هيثم، بعد أن أوضحت أن اعتقال ابنها جاء بعد 8 شهور فقط من الإفراج عنه من سجون الاحتلال، بعد أن أمضى فيها 15 شهراً، ولفتت إلى أن العائلة تعيش خوفاً وتوتراً مستمران في ظل غياب هيثم عن المنزل.

بدورها تواصلت "بوابة الهدف" مع محامي مؤسسة الضمير، مهند كراجة، وهو أحد المتابعين للملف القانوني للشبان المعتقلين، وأفاد أنه "في كل مرّة نلتمس الإفراج عن الشبّان، ترفض المحكمة ذلك بنفس الحجة، وهي أن إخلاء سبيلهم يلحق ضرر بالأمن والنظام العام، وأن الإفراج عنهم بكفالة مالية يؤثر على حياة العامة".

المحامي كراجة خلال زيارته للشبان الستة، الأحد الماضي، في سجن بيتونيا، أخبروه بقرارهم خوض الإضراب المفتوح عن الطعام حتى الإفراج عنهم، وقال الشبان للمحامي حرفياً "يا بنموت يا بيفرجوا عنّا".

وعن قانونيّة اعتقال الشبّان الستة، أكد كراجة أن "اعتقالهم يُصنف اعتقالاً سياسياً، كون التهم التي يجري التحقيق معهم بشأنها تتعلق بنشاطهم السياسي، إلا أن الحكومات تتعمد دائماً في مواجهة النشطاء السياسيين توجيه تهم جنائية للمعتقلين حتى ترفع الصبغة السياسيّة عنهم".

وعن الوضع الصحي للشبان، قال "باسل الأعرج أخبرني أنه يعاني من آلام مرض السكري وحصوة الكلى ويشعر بنمنمة وتعب في أطراف اليدين والقدمين، أما الشاب سيف الإدريسي فلديه مشاكل مزمنة في القلب مما يعرض حياته للخطر بعد الدخول في الإضراب".

وطالب المحامي كراجة المؤسسات الحقوقيّة والشارع الفلسطيني للتحرك من أجل التضامن مع كافة المعتقلين السياسيين، لضمان الحقوق والحريات العامة للنشطاء السياسيين سواء في غزة أو الضفة.

القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، أحمد المدلّل، أعرب عن رفضه الكامل لما تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة المحتلة من اعتقالات سياسية في صفوف الشبان الفلسطينيين، واصفاً إياها بالمهزلة، التي يجب أن تتوقف فوراً.

وقال خلال اتصال هاتفي مع "بوابة الهدف": نرفض الاعتقالات السياسية لأنها تخدم الاحتلال الصهيوني وهذا يؤكد أن السلطة غيّرت عقيدتها الوطنية باتجاه الحفاظ على العدو الصهيوني".

وأضاف "ان المناضلين في الضفة المحتلة يعيشون ما بين مطرقة الاحتلال وسندان السلطة الفلسطينية، وهو ما يؤكّد التبادل الوظيفي ما بين قوة الإجرام الصهيونية وأجهزة السلطة"، مُطالباً هذه الأخيرة "بوقف مهزلة الاعتقالات السياسية، وأن تكون السلطة في خط الدفاع الأول عن أبناء شعبها، وعدم الانجرار للاعتقالات السياسية، خاصةً وأن الانتخابات المحلية على الأبواب، والكل الفلسطيني يتمنّى الآن أن تكون هذه الانتخابات البداية لإنهاء الانقسام الفلسطيني".

المختطفين الستّة في سطور

هيثم سياج (19 عاماً) من الخليل، وهو أسير محرر قضى عام ثلاثة شهور في سجن "مجدو"، لم يمضى على الإفراج عنه من سجون الاحتلال سوى (8) أشهر، يتدرب على السواقة ويمارس بعض الأعمال الحرة.

محمد عبد الله حرب (23 عاماً) من جنين، مهندس كهربائي خريج جامعة النجاح، إنسان مبادر، مهتم بالتاريخ والفكر والفلسفة، كان يتدرب في مكتب هندسة في رام الله، وهذه أول تجربة له في الاعتقال السياسي.

باسل الأعرج (33 عاماً) من بيت لحم، حامل لشهادة الصيدلة من جمهورية مصر العربيّة، يعمل كباحث في التاريخ الفلسطيني الشفوي، مهتم بالتاريخ والفلسفة وكان يعقد ندوات ثقافية مناقشة أبحاث وكتب.

سيف الإدريسي (26 عاماً) من طولكرم، اعتقل من منزله، يحمل درجة البكالوريوس في التسويق وكان يعمل في إحدى الشركات، وقد تعرض سابقاً للاستدعاء والتحقيق والاعتقال لدى السلطة عدة مرات، والده سامر الإدريسي، أعلن إضرابه عن الطعام اعتبارًا من يوم الثلاثاء تضامنًا مع نجله وزملائه.

محمد السلامين (19 عاماً) من البيرة، طالب سنة أولى بجامعة بيرزيت، اعتقل بعد استدعائه للتحقيق وهذه أول تجربة اعتقال له.

علي دار الشيخ (21 عاماً) من قرية بدّو وتعيش عائلته في بيرنبالا، يعمل في محل للأحذية ويسكن مدينة رام الله، لم يتعرض للاعتقال سابقاً.