أحد أبرز الاضرار التي استطاعت اتفاقية أوسلو إلحاقها بالنضال الوطني الفلسطيني تمثل في إزاحة حركة فتح تجاه مربع التسوية.
فلقد شكل إعادة التموضع البرامجي للكتلة الجماهيرية والتنظيمية الكبيرة المتمثلة في حركة فتح استنزاف خطير للمشروع الوطني الفلسطيني في واحدة من أهم مراحله، وهو أمر كان له انعكاساته لجهة تعميق التناقضات الداخلية وارباك العلاقات الوطنية بين قوى منظمة التحرير وغيرها مع فتح، واضعاف القدرة الوطنية المعارضة للتسوية عن حشد الكتل الجماهيرية اللازمة لصد مشاريع تصفية القضية الوطنية الفلسطينية.
وفي هذه النقطة تحديداً يمضي بعض المتابعين للشأن الفلسطيني للقول إنّه لا زال من المتعذّر القيام بفعل فلسطيني جمعي وشامل في مقاومة الاحتلال -كالانتفاضة-دون انخراط تنظيمي وجماهيري من فتح في هذا الحدث، وهو ما يجعل انطلاق أي مهتم بالشأن الفلسطيني للحديث عن مؤتمر فتح القادم أمر لا يرتبط بالقرب أو البعد من حركة فتح بقدر ما يعتبر مقاربة لشأن وطني له دور أساسي في تشكيل المشهد الفلسطيني.
والحقيقة أن كارثة أوسلو لم تتوقف عند حدود التأثير السلبي على المشهد الوطني، بل امتدت لتلحق كل اذى قد نتخيله بالبنى التنظيمية لكبرى التنظيمات الفلسطينية وهو ما يبدو اليوم كعنصر تهديد بخلق انقسام يعمق آلام الفلسطينيين ومعاناتهم.
هذا ما يدفع الكثيرين لتمني نجاح المؤتمر العام السابع لحركة فتح في ان يكون بوابة تجميع وبناء للحركة أكثر من اي سيناريو آخر، بل ويدفعنا لمطالبة واضحة للمؤتمرين بأن يكون هذا المؤتمر عنوان لعودة فتح لما انطلقت من أجله وإعادة الاعتبار لرنامجها، والانحياز للرصيد الكفاحي والنضالي للحركة في مواجهة الاحتلال واعلان القطيعة مع خيار المفاوضات والرهان عليه ومع مشروع اوسلو وما انتجه.
ان هذه الاستعادة المطلوبة كفيلة بفتح الباب امام بناء وحدة وطنية حقيقية تتجاوز مفهوم انهاء الانقسام وتستند لبرنامج وطني موحد يجمع الكل الفلسطيني في المعركة المصيرية ضد المشروع الصهيوني، وإلى إعادة بناء مؤسسات النظام السياسي الفلسطينية وفي القلب منه منظمة التحرير الفلسطينية على أساسٍ ديمقراطي وبما يوفر الشراكة الجادة للتقرير في كل ما يتعلق بالشأن الوطني الفلسطيني.