Menu

مدينة الباب: هل ستكون باباً للدخول بالحل أم خروجاً منه؟

حاتم استانبولي

حاتم استنابولي

الغارة الروسية على موقع للقوات التركية على تخوم المدينة جاءت لتحذّر وتذكّر أنقرة بالخطوط التي وُضعت بين كل من موسكو وطهران وأنقرة. هذه الغارة جاءت عشية زيارة المدير الجديد لـCIA لأنقرة.

من الواضح أن سياسة أنقرة تتعرض لضغوط قوية من حلفاء الأمس، والحجيج إليها كان واضحاً في الأيام السابقة. ولكن السؤال الذي يُطرح: هل أنقرة مستعدة بأن تُضحي بكل ما أنجز من اتفاقات وخطوات بشأن الحل في سوريا؟

ما هو العرض الجديد الذي من الممكن أن يقدم لأنقرة من حلفاء الأمس؟

قبل الإجابة على هذه التساؤلات لا بد أن نسجل أن أنقرة خطت سياسة جديدة قائمة على أساس مصالحها القومية ولا يمكنها أن تساوم على وحدة أراضيها! من الواضح أن الهدف الرئيسي لأنقرة هو عدم فرض وقائع على الأرض السورية، تكون مدخلاً لتأسيس كيانية كردية من الممكن أن تتواصل مع نظيرتها في شمال العراق، لتشكل خطراً استراتيجياً على الأمن القومي التركي!

هذا ما يُشغل السياسيين الأتراك الآن, وتموضعهم السياسي الجديد جوهره إدراكهم أن تمزيق الدولة السورية سيكون له انعكاسات جيوسياسية ستطال تركيا نفسها  وستصل ارتداداته لإيران. أما عن روسيا، فلن توافق على إنشاء دولة تكون قاعدة أمريكية، لتشكل منطلقاً للتدخلات في إقليم بحر قزوين.

إن النشاط الدبلوماسي الذي تشهده العاصمة التركية من قبل حلفاء الأمس الإقليميين يندرج في محاولات إعادة سحب الموقف التركي من الاتفاق الثلاثي، فكانت الرسالة الميدانية بعنوانين: الأول، الغارة الروسية؛ والثاني، صفقة الصواريخ الروسية التي أعلن عنها لسوريا، هذه الصفقة التي أريد من الإعلان عنها إرسال رسالة متعددة الاتجاهات.

إن توقف الاندفاع التركي في مدينة الباب، وتقدم القوات السورية لمشارفها، يؤكد أن الباب هي الخط الفاصل بين الدخول للحل، أو الخروج منه. وهذا يتعلق بالخطوة التركية القادمة  واستمرار التزام تركيا بالاتفاق الثلاثي.

من الواضح أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستأخذ وقتاً لترتيب أمورها، ورسم سياسات عملية واضحة بالشأن السوري، وهي في موقف لا تُحسد عليه بشأن العلاقة مع أنقرة والثمن الذي تطلبه أنقرة بشأن عودة التنسيق في سوريا والعراق، ويتلخص بعنوان واحد: هو التخلص من الورقة الكردية في سوريا, وفي هذا السياق يفهم موقف أنقرة التي أعلنت عن استعدادها بالمشاركة الفعالة في معركة الرقة. وهذا بالون اختبار للسياسة الأمريكية القادمة ومدى جديتها في وقف دعم حليفها الكردي, والرد الأمريكي سيكون له وقع على مستقبل الموقف التركي من عناوين عديدة أهمها دخول الباب أم الخروج منه.

من الواضح أن الدول المحيطة في سوريا تحاول كل منها أن تعيد تموضعها بالشأن السوري لاستثماره لاحقاً. وفي هذا السياق تفهم الرسالة الجوية للقوات الأردنية والتي جاءت بعد زيارة ناجحة للملك عبدالله الثاني لموسكو. من الواضح أن أعداء سوريا بالأمس من الممكن أن يكونوا أصدقائها بالغد, بعد أن توضح لهم أن الدولة السورية باقية، وارتدادات بقائها سيكون لها استحقاقات سياسية واقتصادية.

أما عن الموقف الروسي الإيراني فإنه سيشهد مزيداً من القوة ورفع درجة التنسيق مع تركيا والإسراع في عقد محادثات جينيف لاستثمار ما تحقق على الأرض. وفي هذا السياق يفهم الموقف  الروسي الضاغط على ديمستورا لإعلان انطلاق محادثات جينيف. ومن الواضح أن الموقف الرسمي العربي ما زال مراوحاً وسلبياً، ولكن هناك فرصة سانحة من أجل قلب الطاولة من خلال دعوة سوريا الدولة إلى الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية، وحضور سوريا للقمة واعادة تصويب العلاقات العربية العربية، واطلاق المظلة العربية للحل السوري السوري وإخراج سوريا من التجاذب الاقليمي, هذه النصائح التي أرسلتها موسكو مع زائرها.

هذه هي الفرصة المناسبة من حيث المكان والزمان لاتخاذ موقف شجاع سيسجل تاريخياً للأردن وللملك عبدالله الثاني، أنهما أخرجا الدولة السورية من التجاذبات الاقليمية وإن الحل السوري السوري بمظلة عربية وبدعم روسي وصيني سيكون له ارتدادات إيجابية ملموسة على الداخل الأردني والعربي ودوره المستقبلي في إعادة إعمار سوريا سياسياً واقتصادياً. وهذا ما أشار إليه الوزير لافروف في تصريحه لضرورة دعوة سورية للقمة العربية.

إن عودة سوريا وانطلاق الحل من الباب العربي سيكون له ارتدادات إيجابية تفتح الباب من أجل استقرار المنطقة وإعادة ترتيب تموضعها بما يخدم التعاون بين دولها ومحيطها على قاعدة المصالح المشتركة. ومهما حصل فإن سوريا ستبقى دولة عربية مصلحتنا أن تخرج من أزمتها ديمقراطية موحدة. فالمسؤولية أن يفتح لها الباب العربي للحل. سورية تستحق من شعوب وقادة العرب أن يمدوا لها العون ويقصفوها بالورود والمحبة والتعاون, فبصمودها حافظت على كياناتهم.