Menu

"كلُّ قوى الشرّ لا تستطيع وقف فدائي عن تنفيذ مهمّه" عن النّمر المقدسيّ

حاتم استانبولي

نمر الجمل - مُنفّذ عملية قطنة بالقدس المحتلة 26سبتمبر 2017

عملية التصفية لأربعة من الجنود الإسرائليّين من قبل مقاوم فلسطيني وضعت القوى الأمنية الإسرائيلية في حالة من الإرباك والتخبّط والإحباط. فقد جاءت هذه العملية الفدائية من حيث المكان: مستعمرة المُغتصِب، والزمان: ذكرى الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)، لتؤكد الحقائق التالية : 

أن خيار المقاومة الفلسطينية ما زال هو الخيار الرئيسي لمواجهة المحتل المستعمر لفلسطين.

وأن تراكم العمليات الفردية إن كانت بالسكاكين أو السيارات أو الجرافات أو المسدس تُعبّر عن حالة الإحباط لدى الشعب الفلسطيني من سياسات العبث في أمنه السياسي والاقتصادي والوطني، ويؤشر إلى أن الشعب الفلسطيني قد ضاق ذرعًا من سياسات التفريط في حقوقه الوطنية المشروعة. 

لقد تميّزت عملية "نمر القدس " بأنها عملية تصفية على درجة عالية من الكفاءة المهنية، واختارت الهدف بحيث يمنع المؤسسة السياسية من الاستفادة من خلال الترويج على أنّها عملًا إرهابيا يستهدف المدنيين. فقد واجه أربعة من جنود الاحتلال من مسافة الصفر يعني أن النظرات كانت متقابِلة وثاقبة، مكّنته من أن يُربك أربعة جنود، ويُوجّه رصاصات أربعة كانت ثلاثة منها قاتلة والرابعة تركت الجندي شاهد عيان ليشرح لزملائه وقادته عن قوة وإصرار النمر الفلسطيني على المواجهة. لقد أسقط هذا النمر كل مقولات ميزان القوى، وأكد أن مسدسه ورصاصاته الأربعة كانت توازي سلاح الجوّ وألوية النخبة والرصيد النووي مجتمعةً.

لقد أكّد نمر القدس أن إرادة التصميم والتحدي والتخطيط الجيّد لمواجهة المحتل المستعمر هي الطريق للخلاص، وأن مستوى التضحية التي تمتع بها أدخلت الرعب في قلوب الساسة الإسرائليّين، وعُبِّر عنها في سرعة اتخاذ قرارات العقاب الجماعي التي شهدتها قرى بيت سوريك وقطنة وبِدّو، من عمليات اقتحام واعتقال وعبث، ناهيك عن قرار معاقبة أسرته وإخوته وأعمامه وأبنائهم. وهذه أول مرة يقوم فيها الاحتلال بتوسيع دائرة العقاب ليشمل جميع أفراد العائلة. لكن من الواضح أن هذه القرارات ستكون الشرارة لبداية مواجهة شعبية جماعية للمحتل المستعمر.

النمرُ المقدسيّ الفلسطينيّ أعاد للذاكرة الفلسطينية صورة الفدائي الأول الذي انطلق من شوارعها عام 1967، ليواجه المحتل في القدس وسائر فلسطين عندما أنجز أول عمل فدائي في شارع يافا بالقدس الغربية. النمرُ المقدسيّ يُعيد تشكيل المشهد الفلسطيني من حيث الأولويات؛ وإذا نظرنا للمشهد المقدسي كاملًا، نراه وخلال فترة قصيرة قدّم درسيْن يُعبّران عن ثنائية المواجهة ببعديها الشعبي والفدائي؛ فقد أسقط وفكك البوابات الإلكترونية، وبذات الوقت خطّ مواجهة  الجندي المستعمر عبر الالتحام المباشر من مسافة الصفر. وهذا يؤكّد الدرس الهام، بأن عقلية الالتحام المباشر إن كانت شعبية أو فدائية فإنّها تُسقِط عامل التفوق العسكري وتُحيّد أسلحته الجبّارة وتصبح قوة الحقّ هي المعيار والناظم في المواجهة.

النّمـرُ، أسقط كلّ المقولات والاتفاقات الأمنية، وأكّد أن سياسة المقاومة الفردية والجمعية، إن كانت شعبية أو فدائية، هي الوسيلة التي تُنهي الاحتلال الاستعماري لفلسطين.
العملية الفدائية لنمر القدس قلبت الصورة النمطية عن الربح والخسارة، بعد أن كان الفلسطيني والعربي يخسر أضعاف المرّات عما يتكبّده المحتل من خسائر. نمر القدس رسم معادلة جديدة للربح والخسارة البشرية بالفعل، وهذا العامل سيترك أثرًا عميقًا في المؤسسة العسكرية للمحتل ودرسًا مهمًا للمقاومة؛ ليعيد لها دورها وليُذكّر بصورة الفدائي الأول الذي انطلق من شوارعها ردًا على هزيمة حزيران.

النمرُ المقدسيّ أكد أن كل قوى الشرّ لا تستطيع أن تُوقف فدائي عن تنفيذ مهمّته ونجاحها، مرتبطٌ بدقة التخطيط المترافقة مع قوة وشجاعة وهدوء هذا المقاوم .