Menu

قراءة في خطابي السيد المقاوم حسن نصرالله

حاتم استانبولي

بعد قرار ترامب أطل السيد حسن نصرالله مرتين.

الأولى: تحدث بهدوء تام وبخطوط عريضة حول المواجهة لكل حسب مقدرته للرسمي العربي والسلطة الفلسطينية وآخرها للمقاومين وكان الخطاب يحمل في مضمونه أن الأجدى بأم الولد أن تتحدث أولاً وتضع ما في جعبتها ولكي لا يقال أن حزب الله سيأخذ دورها. لأغلاق الباب على القوى المعادية للتحريض على الحزب والمقاومة. من الواضح أن الكثيرين كانوا ينتظرون نهاية الخطاب لكي يبدؤا بهجومهم على الحزب والمقاومة, لكن السيد المقاوم خذلهم وتحدث بهدوء وأعطاهم فرصة ليلتقطوا أنفاسهم ويصحوا من الضربة التي وجهت لنهجهم وليعيدوا التوازن لمواقفهم. بين الخطابين كان هنالك اجتماعات أعلن عنها مجلس الجامعة العربية القيادة الفلسطينية المؤتمر الإسلامي.

ماذا حصل القيادة الفلسطينية؟ لم تجتمع، أي أن أم القضية لم تبادر لوضع رؤيتها للمواجهة وفي هذا الصدد فإن قرار ترامب كشف أن السلطة الفلسطينية واللجنة التنفيذية النائمة لم تكن لها أية خطة بديلة وأنهم حتى اللحظة الأخيرة كانوا ينتظرون أن يتراجع ترامب عن قراره الذي كشف عجزهم الذي ظهر بتعبيرات ومصطلحات تضعهم في ذات الاطار الذي وضعه لهم ترامب في كلمته التي أعلن فيها أن القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية. أما الموقف العربي فقد جاءت قرارات اجتماعهم في ذات الإطار ولم يقدم على أية خطوة للمواجهة بل وضع القرار العربي في صيغة مطالبة ومناشدة ترامب بالتراجع عن القرار الذي يعلم معظمهم أن ترامب لا يمكنه ذلك. أن توقيع القرار هو استكمال للدورة التشريعية القانونية. أن قرار ترامب الذي يمثل رأس الهرم الرأسمالي يحمل عوامل ضغط ملموسة لفرضه على الكثير من الدول التي تحظى بالحماية الأمريكية.

الأنظمة العربية والكثير من الدول الإسلامية تعلم أن القرار الأمريكي لن تستطيع بالوسائل الدبلوماسية أن تسقطه أو تعيد النظر فيه. أن السيد حسن نصرالله قرأ الصورة وتأكد منها بالموس والأهم تأكد أن الشارع العربي الذي توحد نحو القدس كشف أن نهج الاستسلام سقط وأصبح يطالب أنظمته بمواقف غير عادية لمواجهة الصلف الأمريكي.

جاء الخطاب الثاني ليضع النقاط على الحروف من موقع المسؤولية. تحت عنوان إن القدس وضعت الجميع في ذات الخندق وأسقطت كل التعارضات والأهم أن خطابه وضع استراتيجية مواجهة لكل الوطنيين والمقاومين ووضع هدف اسقاط القرار كناظم لكل التحركات للمفاوضين والمقاومين. إن الخطاب وما تضمنه أهميته تأتي من أن قائله يملك من الإمكانيات المادية والعسكرية والخبرة لتحويل الأقوال الى أفعال ووضع حزب الله وحلفائه وإمكانياتهم لخدمة إسقاط المؤامرة وفتح الطريق للمواجهة الحقيقية للتحرير والشرط الأهم لتحقيق ذلك أن تخرج أم الولد من وهمها التفاوضي العبثي وتتنحى جانباً تاركة المكان للقوى الوطنية الحية بكل فصائلها الوطنية التحررية لوضع استراتيجية مقاومة مشتركة تتناغم فيه مع تطلعات الجماهير التي خرجت للتعبير عن رفضها لسياسة العبث بالحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني الأهم أن ترامب أسقط قرارات النأي بالنفس ووضع القوى التي تدعي حرصها على المقدسات وأنها تحمل الشرعية الدينية (السنية) على المحك. أما السيد المقاوم فلم يشمت وإنما وضع الجميع في القارب المقاوم بندائه الذي قاله المقاومون الفلسطينيون من قبله عندما كان في قواعدهم كان يسمع ما يردده المقاتلين ل فلسطين للقدس رايحين شهداء بالملايين. هذه المقولة التي خرجت من فم رجل عوّد العدو قبل الصديق أنه صادق بما يقول هذا السيد الذي استطاع أن يضع التعاليم الدينية في إطارها الوطني التحرري هذا المقاوم الذي اختبر في الميدان هذا والد الشهداء الذي نصر المظلومين هذا الذي يستحق لقب القائد الوطني التحرري الذي حول عباءته الدينية لعباءة وطنية جامعة. لا يمكن لأياً كان أن يقول لا لخطابه إلا الذين يكنون العداء لفلسطين وللقدس الذين لن يستطيعوا الخروج من عباءتهم التآمرية.