Menu

المساعي الهندية اليائسة للحفاظ على سياسة متناقضة في الشرق الأوسط

بوابة الهدف/إعلام العدو/ترجمة خاصة

منذ أن أقامت الهند علاقات دبلوماسية رسمية مع الكيان الصهيوني قبل 25 عاما، تحسنت العلاقات بسرعة. واليوم، تعد الهند أكبر مشتر أجنبي للأسلحة من الكيان، حيث وقع الجانبان في العام الماضي اتفاقات عسكرية بقيمة 2.6 مليار دولار. وفي هذا التوجه يكمن التناقض الصارخ بين تعزيز العلاقات مع الصهاينة والموقف التقليدي المؤيد ل فلسطين والذي كان السمة المميزة للسياسة الخارجية الهندية منذ تأسيس الكيان ونكبة الشعب الفلسطيني في عام 1948.  ويكمن جوهر هذه السياسة بما عبر عنه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بأنها سياسة ثنائية تقوم على مزاياها ومصالحها الخاصة ومستقلة عن بعضها البعض. ما يضفي مزيدا من التناقض. طبقا لمقال كتبه الصحفي الهندي بنجي فلاكس في ميديا لاين.

وكانت زيارة مودي إلى رام الله في مطلع شباط / فبراير هي المرة الأولى التي يتوجه فيها زعيم هندي إلى الأراضي الفلسطينية. وصفت نيودلهي الزيارة بأنها "تاريخية حقا"، و تم خلالها توقيع اتفاقيات تعاون بقيمة 50 مليون دولار مما يعزز التزام الهند بالقضية الفلسطينية. والجدير بالذكر، أن الزيارة جاءت بعد شهر واحد من زيارة للكيان استمرت خمسة أيام تجاهل مودي خلالها الجانب الفلسطيني، في أول زيارة هندية أيضا إلى الكيان الصهيوني.

وبينما حاول مودي عرض التوازن، يرى العديد من المحللين تحولا واضحا نحو الكيان الصهيوني، ما دفع قيادة البي دي أس في الهند للإعراب عن خيبة أملها تجاه هذا التحول، عن تقليد طويل تاريخيا في دعم المقاومة،  ويعتقد أيضا أن رحلة مودي لرام الله كان "مجرد عرض ودليل أخر على موقف الهند الثابت فيما يتعلق بالأعمال غير القانونية الإسرائيلية".

من جهته عبر أبارنا باندي، مدير مبادرة الهند، عن موافقته على أن الهند كانت "بطلا للقضية الفلسطينية من البداية، ومع ذلك، فإنها علاقة تقوم في المقام الأول على العاطفة والتاريخية" وأضاف أن  على الهند أن تحاول موازنة سياساتها مع الدول التي لا تتفق معها.

ولتحقيق هذه الغاية، يبدو واضحا أن زيارات مودي المستقلة للكيان والأراضي الفلسطينية كان القصد منها التأكيد على رغبته في عدم وجود علاقة واحدة تؤثر على الأخرى.

في الواقع، ينظر إلى الهند بشكل متزايد على أنها طرف محايد في دول الشرق الأوسط. وقد سمح ذلك لنيودلهي بإقامة علاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني، وهى عدو ايران، التي تقيم الهند معها علاقات طيبة أيضا. طهران، بدورها، عدو السعوديين، ولكن هذا لم يمنع إقامة شراكات وثيقة بين الهند والرياض.

انتخب مودي في مايو 2014 بعد حملة قومية متشددة تقوم غلى قاعدته الهندوسية،  وهذا سمح له على الفور بكسر المحرمات التي كانت تنص على عدم إمكانية إقامة علاقات دافئة مع الكيان الصهيوني، وهو الوضع الذي يعزى إلى "التقاليد الهندية القديمة" في دعم القضية الفلسطينية التي كانت  شعبية بشكل لا يصدق في السياسة الداخلية الهندية،  ويرجع ذلك إلى تغير قاعدة الحكم نحو المصوتين الهندوس ما يجعل الحكم الهندي  أكثر حرية لمتابعة علاقة مفتوحة وعميقة مع "إسرائيل".

وفي هذا الصدد، زادت التجارة الثنائية بين الدولتين من 200 مليون دولار في عام 1992 إلى 4.52 مليار دولار في عام 2014 (باستثناء الصفقات العسكرية). وعلاوة على ذلك، قال باندي  "إن العلاقة مع إسرائيل هي متعددة الأوجه، كما تشمل المصالح الأمنية والزراعة." وهذا تناقض صارخ نع علاقات نيودلهي ورام الله  التي "لا يوفر للهند شيئا، ومن ثم فان نيودلهي لا تقدم سوى بضعة ملايين من الدولارات من المساعدات كل عام".

وبالتالي تسعى "إسرائيل" إلى أن تظل شريكا جذابا للهند للمضي قدما في الوقت الذي يسعى فيه مودي إلى تعزيز الجيش في البلاد، ومن بين أمور أخرى، أن تصبح الهند عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لكن الاقتصاد سيظل على الأرجح القوة الدافعة للمستقبل المنظور حيث تهدف نيودلهي لتحويل نفسها إلى قوة صناعية.

ومنذ ذلك الحين يعزز مودي العلاقات الاقتصادية ليس فقط مع الدولة الصهيونية ولكن أيضا مع السعودية وعمان والإمارات العربية المتحدة. ووصف المحلل السياسي د. ن. جاناردهان هذا بأنه  "هجوم سلمي". وعلاوة على ذلك، اختتم الرئيس الإيراني حسن روحاني لتوه زيارة إلى نيودلهي، حيث وقعت الحكومتان تسعة اتفاقيات اقتصادية. ولكن باند غير متأكد من قدرة نيودلهي على الاستمرار بسياستها هذه بنجاح فترة طويلة،  حيث تبذل  محاولة يائسة لتحقيق التوازن بين علاقاتها التي تبدو متناقضة.