ضد صواريخ العدوان التي انهمرت على سورية ستكون المواقف هي التعبير الحقيقي عما تبقى من معنى للعروبة وللكرامة وللقتال في وجه قوى القتل والهيمنة، ففي هذا الزمن الرديء اختارت الولايات المتحدة وحليفتها دولتي الاستعمار بريطانيا وفرنسا هذه الحرب عن إصرار كامل وتخطيط وتدبير، والهدف بالتأكيد هو سورية بكل ما لهذا الاسم ولهذه البلد من معان في كل نفس عربية، وإرادة العدوان واضحة لا لبس فيها، فرض الاستسلام الكامل علينا، ومضاعفة مسار التدمير والموت والقتل لشعوبنا وبلادنا، أمام هذا سيكون الانحناء ولو لبرهة هو جريمة، والتفاوض تفريط بحقوقنا و كرامتنا وحقنا في اختيار نمط حياتنا، هذا الخيار الذي تعمد بدماء شهداء غزة في وجه العدوان الصهيوني اليومي، و بتضحيات أبطال الشعب السوري في مواجهة الكيان الصهيوني منذ نشأته.
إن التأتأة أو التهاون في تظهير المواقف، وبذل التضحيات في صد هذا العدوان، هو إهانة لكل قطر ة دم عربية سالت في المعركة الطويلة مع قوى الاستعمار والهيمنة، فخيار شعوبنا كان ولا زال هو الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وعلى هذا قدمت هذه الشعوب مسيرة تضحياتها الكبيرة، ومع هدير طائرات العدوان وصوت صواريخه، نستذكر شهداء العامرية، وبحر البقر، وقانا، والفكهاني، ودير ياسين، فالدم العربي واحد كان أبدا، ولن يتفرق مهما تعالى نباح أشياع الاستعمار.
لا حرية ولا حماية يجلبها العدوان الاستعماري للشعب السوري، ولا حتى لفرد واحد من أبناء هذا الشعب، فما يعرضونه علينا جميعا، هو تدمير بلادنا وقتلنا واستباحة دمنا، وفوقها وليس دونها استسلام وعبودية دائمة، في خضوع وذل لا ينتهي، بتنا ندرك ذلك جيدا لأننا تعلمنا دروس التاريخ، تعلمناها بالمجازر والمذابح وأشلاء أطفالنا و دمائنا النازفة بصواريخ هذا العدو على امتداد الأرض العربية.
سيحتج المجرمون لقتلنا بخلافاتنا، باقتتالنا، بطائفية بعضنا، وبانتهازية بعضنا الآخر، وبالعروبة، نعم بالعروبة التي باتت تتحدث عنها نظم الرجعية العربية لتبرير شراكتها في العدوان وتمويلها له، كل هذا لا قيمة له، فلم يأت المستعمر المجرم لنصرة طرف على الآخر، وبغارات العدوان لن يكون هناك منتصر، إلا من يختار المقاومة، وبذل الدم، فداء لشعبه وقضيته وحريته.
حين تشرق شمس هذا اليوم سيسجل التاريخ علينا ماذا قلنا، وماذا فعلنا، فهذه هي المواقف التي يختبر فيها وجودنا وطبيعته، واستحقاقنا للعيش شامخي الهامات رافعي الرؤوس، ومهما كانت تفاصيل هذه المعركة سينتهي العدو مهزوما مدحوراً، فلا تبقي في الوادي إلا حجارته، ولا يعرف تفاصيل البقاء في هذه البلاد إلا من جبل من طينتها.
سنقاتل بكل ما نملك دفاعا عن هوائنا، وجبالنا، و بيوتنا، وأطفالنا، سننظر في وجوه هذا الجيل من الأطفال ونخبرهم أننا لن نستسلم، لأجل مستقبلهم.. لن نستسلم، سنرفض أن نسلمهم لمستقبل من العبودية لأسوأ امبراطورية طغيان مرت على مدى التاريخ البشري. مهما حدث ومهما تغيرت المواقف أو تبدلت الولاءات، مهما اختلفت أو تشابهت علينا الأمور، لن نكون يوماً إلا في الخندق المضاد للعدو الأمريكي، الصهيوني، البريطاني، الفرنسي، وسوف نهزم هذا العدوان، ولن يلقى في أرضنا إلا الموت تسقيه كؤوسه سواعد أبطالنا وأحرار شعوبنا، وحين ينحسر العدوان سيعرف التاريخ كيف حاسبت الشعوب الخونة وعملاء الاستعمار وأنظمة الردة والرجعية، وذلك لن يكون حساباً يسيراً.