Menu

ردًا على "استفسارات حول جمود فصائل وأحزاب اليسار العربي"

غازي الصوراني

جمود الفصائل والأحزاب اليسارية لم يكن متوقفاً عند نصوص ماركس و لينين فحسب، بل كان – وما زال - ممتداً ومنتشراً بحيث أصاب روح التغيير الديمقراطي الثوري لدى معظم قيادات هذه الأحزاب، التي باتت قيادات متكلسة ضحلة الوعي وعاجزة عن ممارسة اي شكل من اشكال التواصل والتجدد التنظيمي والمعرفي الجدلي بالمعنى الثوري الارتقائي ،الامر الذي انعكس سلبا على عموم الاعضاء ، من حيث غياب الوعي بالنظرية وغياب الوعي بمكونات الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلدانهم ، الى جانب غياب الدافعية الذاتية والاخلاق الثورية لدى معظمهم ، ففي غياب الوعي والاخلاق والدافعية لدى معظم القيادات والاعضاء، لا يكون مستغربا في مثل هذه الاحوال أن تتراكم الازمات الداخلية – ذات الطابع الشللي المشخصن - بكل مظاهرها الفكرية والسياسية والتنظيمية دون أي مخرج امام القيادات البيروقراطية المتكلسة والهابطة سياسيا وفكريا في قسم كبير منها، سوى اللجوء إلى إدارة الأزمة بأزمة أخرى أشد بشاعة، عبر مزيد من التكتلات والشلل والمحاسيب ، مما أدى ويؤدى إلى تفاقم الأوضاع المأزومة، التي انتجت بدورها مزيداً من التراجع والعزلة وتراجع الافكار والمبادىء الثورية ، وانتشار حالة من التشكيك بالماركسية ومنهجها او الارتداد عنهما باتجاه الافكار الليبرالية والدينية الشكلية ، وبالتالي ظهور حالة مأزومة من الارباك والفوضى الفكرية، ولجوء بعض قيادات وكوادر هذه الأحزاب إلى الأفكار والسياسات الليبرالية -والمظاهر الدينية احيانا - لتبرر فشلها وانتهازيتها وهبوطها السياسي والفكري ورخاوتها التنظيمية ، الأمر الذي ينذر باسدال الستار عليها ، وولادة الجديد الثوري البديل ، من كوادرها و قواعدها الرافضة لهذا المآل إذا لم تبدأ عملية مراجعة نقدية تطال كافة مظاهر وشخوص الهبوط والتراجع، فالحزب يقوى بتطهير نفسه ، وتلك خطوة لا بد منها في احزاب وفصائل اليسار العربي ، باتجاه اجراء التغيير البنيوي فيها ، واحياء مبادىء ومنطلقات الحزب الثورية بالمعنى الماركسي العلمي المتجدد وفق المنهج المادي الجدلي ومن ثم الاندماج الحقيقي في مسامات ومكونات الواقع بكل جوانبه السياسية والاقتصادية والمجتمعية من على ارضية الصراع الوطني / القومي التحرري وارضية الصراع الطبقي في آن واحد.