Menu

حقيقة ماتياس شمالي.. رجل التقليصات في "الأونروا"

ماتياس شمالي

غزة_ بوابة الهدف

تطرّق تقريرٌ أعدّته جريدة "الأخبار" اللبنانية إلى خطورة السياسات التي تتبعها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في تعيين المُدراء العامّين في أقاليم عملها، وخاصّة المناطق الساخنة منها، واللذين بمجرّد تعيينهم يبدأون بتقليص الخدمات المُقدَّمة للاجئين، ويُصعّدون من إجراءاتٍ تزيد من تعقيد وصعوبة الأوضاع المعيشيّة لهم، في مقدّمتها وقف برامج التوظيف والمساعدات الغذائية.

تقرير "الأخبار" خصّ بما كشفه، مدير عمليات الأونروا في قطاع غزّة حاليًا ماتياس شمالي، الذي ما إنْ عُيّن في منصبه في أكتوبر 2017، حتى أعلن أنّ الوكالة لن تتمكن من دفع رواتب موظفيها عن شهر ديسمبر من العام نفسه إن لم يتم سدّ العجز المالي الذي تجاوز 60 مليون دولار. ومع بداية 2018 بدأت الوكالة تنفيذ سلسلة من القرارات والإجراءات، التي أنزلت أزمةً جديدة على رؤوس المواطنين بغزّة.

وشملت القرارات: وقف التوظيف اليومي، وقف تعبئة الفراغات والشواغر وتثبيت الموظفين، وقف عقود البطالة، إنهاء عقود نحو 100 مهندسًا فجأة، ممّن كانوا يعملون لدى الوكالة منذ 10 سنوات على بند العقود المؤقتة، إيقاف مشتريات الوكالة إلا للضرورة القصوى. كما شملت الإجراءات تقليصات طالت برنامج المساعدات الغذائية في غزة، الأمر الذي فاقم الأوضاع المعيشية المتدهورة أصلاً بالقطاع.

سياسات الوكالة وقراراتها التي بدأ تنفيذها تِباعًا منذ مطلع العام، ومُبرراتها المُعلنة، لم تحظَ بتصديقٍ في صفوف اللاجئين أو الموظفين، وكذلك اللجان الشعبية والفصائليّة، ما استدعاها لتنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجيّة والاعتصامات وإعلاء المُناشدات، مع استحضار الخطر الأكبر على قضيّة اللاجئين، وهو المُخططات التي تستهدف نسف وجود الوكالة الأممية وإنهاء دورها، والتي تتوافق مع كل ما تقوم به الوكالة نفسها من إجراءات وخطط تقليص وسياسيات تقشّف، كلّها على حساب الخدمات المُقدّمة للاجئ الفلسطيني.

وذكر تقرير "الأخبار" أن المدعو شمالي سبق ونفّذ سياسات مُشابهة في مخيّمات لبنان، التي بدأ العمل بها في أبريل 2015، ما تسبب بأزمةٍ كبيرة، بدأت بتقليصاتٍ حادّة وتراجع كبير في الخدمات المُقدَّمة للاجئين، لحقه احتجاجٌ شعبي استمرّت فعالياته لأشهر، تدخلت بعدها السلطات اللبنانيّة، ما أفضى لتشكيل خلية أزمة، توصلت بعد عدّة اجتماعات إلى قرار "التوافق على الشراكة بين اللاجئين والأونروا على أيّة قرارات مستقبلية تتخذها الوكالة"، وهو ما لم يلتزم شمالي به على الإطلاق، إذ واصل اتخاذ قرارات أحادية الجانب، مطلع 2016، منها التقليصات في قطاعيْ الصحة والتعليم وإلغاء 1800 وظيفة، وتحويل المساعدات العينية إلى "بطاقة صراف آلي"، دون موافقة المرجعية الفلسطينية بلبنان.

إدارة الوكالة، ضربت عرض الحائط الاحتجاج الفلسطيني ضدّ سياسات ماتياس، لتقوم بما يُوازي "ترقيته" بتعيينه مديرًا عامًا لديها في إقليم سوريا، في أغسطس 2016، ولم يكن قد أنهى المدة المفترضة لمنصبه، الأمر الذي حمِل تفسيرات عدّة، في مقدّمتها: أنّ نقله من لبنان ل سوريا هو بمثابة تحايلٍ في حلّ الأزمة، التي قد تفتر وتنتهي بمغادرته منصبه.

التقرير الذي نشرته الجريدة اللبنانية قال عن شمالي ذو الأصول العربية ويحمل الجنسيّة الألمانية، إنّه استطاع تنفيذ سياسة الوكالة الدولية، وأثبت كل ما يريده سياسياً واجتماعياً، ولعب على التناقضات والخلافات ما مكّنه من تمرير قراراته، لكن قرار نقله إلى مخيمات سوريا اصطدم برفض دمشق تعيينه رغم بقائه فيها لشهرين".

ولم تُكشف دمشق أسباب رفضها استقبال ماتياس شمالي ليشرف على عمليات الوكالة لديها، فيما قدّرت مصادر أن تكون "أمنية".

وبعد ما يُشبه "طرده" من سوريا، عيّنت الوكالة شمالي مديرًا عامًا لعمليّاتها في غزّة، التي لم تشهد منذ وطأت قدماه أرضَها، سوى أزماتٍ متلاحقة وتدهورٌ مستمر في ملف "الأونروا وخدماتها المُقدّمته للاجئين".

مصادر سياسية وأمنية في غزة قالت للـ"أخبار" إنّ الفصائل على علمٍ بما يُجريه شمالي إلّا أنّ الأزمات الطاحنة التي تعصف بالقطاع من تردّي في الأوضاع الاقتصادية بفعل الحصار الصهيوني المتواصل منذ 11 عامًا أضافت عليه السلطة الفلسطينية برام الله عقوبات شلّت حياة المواطنين "لم تدع مجالاً لفتح مشكلة جديدة مع الأونروا"، وأضافت أنّها تُدرك أنّ الوكالة تُريد تطبيق "خطة ما" لا يستطيع تنفيذها سوى شمالي، وهو ما يُثبته إصرارها على إبقاء هذا الشخص في المناطق الحساسة.