Menu

إركع أو سأطلق النار... لماذا لا تحب الكوكا كولا!؟

نصّار إبراهيم

ترامب

"أن تتوقّعَ من العالم أن يعاملك بعدل لأنك إنسان طيّب، يشبه نوعاً ما توقُّعُكَ ألا يهاجمك الثور لأنك نباتي !"(منقول عن صفحة الكاتب اللبناني إلياس عشي) 
من يا ترى الذي ستعاقبه أمريكا غدا!؟. ربما تكون أنت.. لا تقل أنك لا تحب الكوكا كولا!
هذا السؤال اصبح يشبه فنجان القهوة ... فمن يتابع الأخبار كل صباح سيجد نفسه هكذا وبدون مقدمات بانتظار قائمة العقوبات التي ستعلنها أمريكا ضد كل من يرفض أو يفكر بالرفض أو التمرد أو الاحتجاج على المواقف أو السياسات الأمريكية... سواء كان هؤلاء دولا أو أمما أو شعوبا أو حكومات أو تنظيمات أو أفراد... 
أمريكا تتصرف اليوم باعتبارها الحاكم بامر الله وأمر الإنسان وأمر الكون.. وهي من سيقرر المصائر والجيد من السئ والشيطان من الرحمن... بل وهي التي تعرف مصلحة كل شعب وأمة وجماعة وكل إنسان على هذه الأرض أكثر من نفسه... تعرف ما يناسب طعامه وشرابه، ملابسه وأحذيته.. وتعرف اي ثقافة وأي موسيقى تلائمه.. وكيف يجب أن يجلس وأين... وهكذا. 
الآن يقيم في البيت الأبيض الكاوبوي الذي يعطي صكوك الغفران للدول والأمم والشعوب والقوى والأفراد... فمن يلتزم ويخضع.. فقد فاز... ومن يرفض حق عليه سوط عذاب... 
أمريكا هذه خلعت كل لياقتها وكل ما تثرثر به عن الحرية والعالم الحر والديمقراطية وألقت بكل ذلك في حاوية الزبالة... فاللحظة ليست للمجاملات، بل لتأديب الكرة الأرضية... 
وهكذا أكاد أتخيل دونالد ترامب يقف كالكاوبوي في حديقة البيت الأبيض.. يلفه الغبار والشجيرات التي تدحرجها الرياح.. يتمنطق مسدسه... ويعلن قوانينه وويل لمن يرفض أو يتررد أو يتمرد... 
لنتابع:
أولا: وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في كلمة ألقاها في معهد "هيرتيج" يوم الإثنين 21 أيار 2018 يعلن الشروط الأمريكية أل12 للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، بشأن برنامجها النووي، التي وصفها أحد الإعلاميين الإسرائيليين قائلا: وكأنها كتبت في مكتب نتنياهو: والشروط هي:
- الكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التفاصيل العسكرية السابقة لبرنامجها (المقصود إيران) النووي.
- وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وعدم إنتاج البلوتنيوم وإغلاق مفاعل المياه الثقيلة (آراك).
- السماح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول غير المشروط إلى جميع المواقع النووية في البلاد.
- إنهاء نشر الصواريخ الباليستية والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية.
- إطلاق سراح المواطنين الأميركيين ومواطني الدول الحليفة المعتقلين في إيران.
- إنهاء دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، بما فيها "حزب الله" و"حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي".
- احترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية.
- وقف دعم الميليشيات الحوثية والعمل على تسوية سياسية في اليمن.
- سحب جميع القوات الإيرانية من سوريا.
- إنهاء دعم طالبان والإرهابيين الآخرين في أفغانستان والمنطقة وعدم تقديم مأوى لقادة "القاعدة".
- إنهاء دعم «فيلق القدس » التابع لـ«الحرس الثوري» للإرهابيين عبر العالم:
- وقف تهديد جيرانها، بما يشمل تهديدها بتدمير إسرائيل، والصواريخ التي تستهدف السعودية والإمارات، فضلا عن تهديدها الملاحة الدولية وهجماتها السيبرانية المخربة.
ثانيا: نيكى هيلى مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة تعلن في تصريح نقلته شبكة "إيه بي سي نيوز" أن الانتخابات الرئاسية المبكرة فى فنزويلا [جرت يوم 20 أيار 2018 وفاز فيها الرئيس نيكولاس مادورو بنسبة 68%] لن تكون عادلة أو نزيهة. وبالتالي فإن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدى فى الوقت الذى يتحول فيه شعب فنزويلا إلى ضحية لنظام مادورو (الأهرام المصرية 21 أيار 2018).
وفورا تحرك الكومبارس التابع والخاضع للشد على يد نيكي هايلي حيث أعلنت مجموعة ليما" التي تضم 17 دولة من دول أمريكا الجنوبية والشمالية وحوض الكاريبي، أن عددا من الدول الأعضاء فيها لن تعترف بنتائج الانتخابات الفنزويلية، وأعلنت تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية معها، فيما أعلنت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند إن بلادها تعتبر الانتخابات الرئاسية التي جرت في فنزويلا "غير شرعية وغير ديمقراطية".
ثالثا: وقبل ذلك... يخاطب دونالد ترامب خلال لقائه مع نتانياهو، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يوم 25 كانون ثاني 2018، الفلسطينيين قائلا:"الفلسطينيون لم يحترموا الولايات المتحدة، لقد أبدوا عدم احترام تجاهنا قبل أسبوع بعدم السماح لنائب رئيسنا الرائع بمقابلتهم، نحن نمنحهم مئات الملايين، وهذه الأموال لن تسلم لهم إلا إذا جلسوا وتفاوضوا حول السلام... لدينا اقتراح للسلام، إنه اقتراح عظيم للفلسطينيين". 
رابعا: يوم 18 أيار 2018 نشرت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان على موقعها الإلكتروني قائمة بأسماء من حزب الله الذين ستفرض عليهم العقوبات الأمريكية.
وما أن أعلنت القائمة حتى تحركت الأدوات تلقائيا كقطيع الغنم، حيث أعلنت السعودية والبحرين والإمارات وضع الأمين العام لحزب الله وقيادات أخرى في الحزب على "قوائم الإرهاب" الخاصة بها، إضافة إلى أربع شركات قالت إنها مرتبطة بالحزب "وأمرت بتجميد أصول وأرصدة الأفراد"، وفق وكالة واس الرسمية.
المضحك حد القرف أن وكالة "واس- وكالة الأنباء السعودية" قالت: بأن القرار يأتي [تخيلوا العبقرية] "عملا بنظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في المملكة العربية السعودية، وبما يتماشى مع قرار الأمم المتحدة الذي يستهدف الإرهابيين والذين يقدمون الدعم للإرهابيين أو الأعمال الإرهابية"... هل هناك "قلة حيا" أكثر من هذا!؟.
لنتابع: 
خامسا: وزارة الخزانة الأميركية تعلن قائمة شخصيات طبيعية واعتبارية روسية وشخصيات مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى 13 شركة روسية كبرى. واعتبر مسؤول أمريكي أن قرارات بلاده جاءت ردا على "النهج الوقح المستمر والمتزايد للحكومة الروسية في القيام بأنشطة خبيثة حول العالم"، مثل دعم نظام الأسد في سوريا واحتلال شبه جزيرة القرم. 
سأكتفي بهذه الجردة البسيطة فقط للفت نظر بعض من أدمنوا الهلوسة والركض وراء الوهم الأمريكي ... فهذه الدولة العظمى التي تدعى أمريكا لا تعترف بأي علاقات تقوم على الاحترام وتبادل المصالح والمنافع.. ذلك لأن قانونها هو:
اركع وادفع ما لديك أو سأطلق النار! 
هذا يذكرنا بحكاية شهيرة وأليفة.. تقول الحكاية:
عندما بدأ الخروف الشرب من النبع القادم من أعلى الجبل، أي من حيث يشرب الذئب، قال الذئب للخروف: أنت عكّرت علىّ الماء!
قال الخروف: كيف ذلك والماء نازل من عندك!؟
قال الذئب: هل تكذبني!؟
قال الخروف: أنا لا أكذبك ولكن لا يعقل ما تقول! فالماء ينزل من أعلى إلى أسفل وأنت في الأعلى ، لهذا قلت لك إن الماء صاف فاشرب كما تشاء.. 
همهم الذئب .. وهو ينظر إلى الماء المنحدر نحو الخروف .. فكر ثم قال متابعا:
- أريد أن آخذ بثأري منك لأنك شتمتني في العام الماضي!
- قال الخروف: كيف ذلك وأنا لم أكن قد ولدت بعد !؟ 
- ومع ذلك أريد أن آخذ بثأري منك!
- لماذا!؟
- لأن جدك كان السبب في موت جدي منذ سنوات. 
باختصار.. الذئب لا يعتمد في مواقفه ومقارباته وسلوكه على التبريرات والمنطق والخطأ والصواب والعدل والظلم... فإذا لم تكن المبررات موجودة فسيخترعها... لهذا ومهما كان النقاش فما لم ينتهي بأكل الخروف فإنه سيبقى من وجهة نظر الذئب غير منطقي وغير عقلاني وغير مقنع... 
فحذار إذن أن تقول أنك لا تحب الكوكا كولا...!