استمرارًا للمساعي الأمريكية الحثيثة للقضاء على الحق الفلسطيني بعودة اللاجئين إلى ديارهم وقُراهم ومُدنهم التي هُجّروا منها، قبل 7 عقودٍ، على يدّ العصابات الصهيونية، تقدّم عددٌ من أعضاء الكونغرس الأمريكي لسنّ قانون جديد يعترف بأربعين ألف لاجئٍ فلسطيني فقط، بدلًا من 5.2 مليون، إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين وفق سجلّات (الأونروا).
ووفق مشروع القانون، الذي بادر إليه السيناتور داغ لامبوران، سيتم اعتماد عدد جديد للاجئين الفلسطينيين، يُقدّر بـ40 ألف لاجئ فلسطين، وعلى أساسه ستُحدّد واشنطن المُساعدات التي تُقدّمها إلى وكالة الغوث (الأونروا)، التي تُواجه حاليًا عجزًا ماليًا حادًا بفعل سياسة أمريكية ممنهجة بتقليص المساهمة المالية السنوية لها إلى الخُمس.
بدوره، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، إن "الكونجرس الأمريكي لا يملك حق تحديد أعداد اللاجئين الفلسطينيين، فمن يحدد أعداد اللاجئين وتسجيلهم هي وكالة الغوث بصفتها الجهة الدولية المسؤولة عن رعايتهم وإغاثتهم وتشغيلهم".
وأضاف أبو هولي في بيانٍ له، اليوم الاثنين، إن "حق اللاجئين في العودة يشمل كل الأفراد المنحدرين من نسل اللاجئين، وهذا يشمل اللاجئين المسجلين وغير المسجلين في سجلات وكالة الغوث الدولية (الأونروا)"، مُؤكدًا على "أن صفة لاجئ ستبقى قائمة وملازمة للفلسطينيين الذين هُجِّروا من ديارهم ولأبنائهم وأحفادهم ما دام حقهم في العودة معطلاً، ولن تزول هذه الصفة عنهم إلا بعودتهم إلى ديارهم التي هُجروا منها عام 48 طبقاً للقرار 194".
وقال إنه "لا يحق للكونجرس الأمريكي أن يسقط صفة لاجئ عن أبناء وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم عام 48"، مُعتبرًا "تحركاته بهذا الشأن تمس بجهود الأمم المتحدة وتدخلاً في شؤون وكالة الغوث الدولية"، مُضيفًا أن "تحركات الكونجرس هذه تأتي استكمالاً لقرار الإدارة الأمريكية بتخفيض قيمة مساهماتها المالية المقدمة لوكالة الغوث في اطار خططتها لإنهاء عمل وكالة الغوث لما تجسده من التزام سياسي وأخلاقي من قبل المجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين كمدخل لتصفية قضيتهم".
وجاء في البيان، إن "هذه التحركات تحمل مؤشرات خطيرة لوجود مخطط أمريكي – إسرائيلي لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في ظل التوجه الأمريكي بتبني الموقف الإسرائيلي القاضي بأن اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا إبان النكبة معظمهم في عداد الموتى، وأن أبناءهم وأحفادهم ليسوا بلاجئين".
وطالب أبو هولي "المجتمع الدولي بعدم التعاطي مع المواقف الأمريكية المعادية لحقوق شعبنا الفلسطيني المشروعة، فحق العودة هو حق مشروع وثابت لا يسقط بالتقادم ولا يملك أحد التلاعب بمصير ما يقارب ست ملايين لاجئ وحقهم الراسخ في العودة، وأن محاولات تجاهل هذا الحق أو القفز عنه هي محاولات عدوانية على حقوق شعبنا المشروعة سيتصدى لها شعبنا الفلسطيني"، مُؤكدًا على "أن المؤامرة الأمريكية لإنهاء عمل وكالة الغوث من خلال تجفيف مواردها المالية أو الالتفاف على حق العودة من خلال اختزال أعداد اللاجئين ستتحطم إمام صمود اللاجئين الفلسطينيين الممتد على مدار سبعين عامًا وتمسكهم بحقهم العادل والمشروع في العودة الى ديارهم طبقا للقرار 194".
وشدد أيضًا على أن "وكالة الغوث باقية وستواصل عملها حسب التفويض الممنوح لها من الأمم المتحدة في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين وفق القرار 302 ما دام حقهم في العودة معطلاً والحل السياسي لقضيتهم غائبًا".
ولن يعترف مشروع القانون الأمريكي بنحو 4.8 مليون لاجئي فلسطيني، بادّعاء أنّ المساعدات التي يجب أن تقدّمها واشنطن لوكالة الغوث يُفترض أنّ تُخصص للّاجئين الذي هُجّروا إبان النكبة بالعام 1948 وليس سلالتهم ممّن وُلِدوا في مُخيّمات اللّجوء داخل وخارج فلسطين. وحشد المدعو لامبوران 10 أصوات أخرى من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح مشروع القانون.
وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تأسست بعد النّكبة، في ديسمبر 1949، فإنّ اللّاجئين الفلسطينيّن هم "أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين يونيو 1946 ومايو 1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة الصراع العربي - الإسرائيلي عام 1948". وقد عمِلت (الأونروا) مع اللّاجئين الفلسطينيين مذ كان عددهم نحو 750 ألفًا، على مرّ أربعة أجيالٍ متتالية، وعددهم اليوم تجاوز خمسة ملايين، تُواصل وكالة الغوث تقديم الخدمات لهم.
وتقول الأونروا في موقعها الإلكتروني "هذه الخدمات، من حقّ أبناء اللاجئين الأصليين والمُنحدرين من أصلابهم، ممّن يعيشون في مناطق عمليّاتها، وهُنّ خمس: قطاع غزة ، الضفة المحتلة، الأردن، لبنان، وسوريا. وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيّمات والدّعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النّزاع المسلّح".