Menu

عَن قانون القَوميّة ومُظاهرة "عَرب إسرائيل" في ساحِة رابين ومَنع رَفع علَم فلسطين

أبو أسعَد محمد كناعنة

مُصطَلَح "عَرب إسرائيل" لَيسَ شَتيمَة ولا إطلاق الكلام على عواهِنَهُ، بَعيدًا عَن التكفير والتخوين لا بُدّ من هذا التوضيح في خِضَمّ "مَعركة" التقاذُف بالتُهم والسَب والشَتمِ على خلفيّة النقاش حَولَ مُظاهرَة المُشتركة والمُتابعة في ساحة رابين وسط مُستعمَرة تل أبيب الصُهيونيّة، بَعض من مُتحَمّسي هذه المُظاهرة خرجوا بِتغريدات بمُناسبة وبغيرِ مُناسبة للهجوم على والتهويل من مُنتقدي هذا النَشاط المَحموم، ومن غيرِ شَك هُناكَ في الطرف الآخر نَقد شرعي ونقاش - سَنأتي عليهِ لاحقًا- وشَتم بَذيء لا نَقبل بهِ، مع كُلّ الزَوبَعة حولَ هذا القانون وهُناك هجوم وردح بعيدًا عن المَوضوعيّة، وَوَصلَ الأمر حَدَّ التَخوين لِكُلّ مُعارِض وَوصفِهِ بِـ"طَخيخ" كيبورد، فَمن يُريد أن يَشتمُني فليفعل ولينسحب بعدها بهدوء وَمن يُريد أن يُناقِش فليقرأ وبإنفتاح حتى النهاية.

مِن مُتابَعتي لِكُل خِطابات أعضاء المُشتركة في الكنيست الصَهيوني حَول القانون نَلحَظ عُمق الحُزن في وجدان أعضاء الكنيست الصهيوني من أعضاء المُشتركة، على "الديموقراطية" في دَولَة اليَهود، هذه الديموقراطية التي نَسعى (نحنُ أعضاء الكنيست العرب) إلى تحسين شُروطها لتشمَلَ"نا" نحنُ الفلسطينيون في هذه البلاد، وَمنَ الطَبيعي أنَّ هذه الحرب من أجل الدَمقرَطة هي في إطار المواطنة "الإسرائيليّة" على هذه القاعدة يَتَصرّف أعضاء الكنيست العرب رسميًا (بعيدًا عن الديماغوغية في الخطاب المُعَمّعَم) وأحزابهم كذلك في دَساتيرها السياسيّة وبرامجها الإنتخابيّة الرسمية وحتى في مشاريع قوانينها المطروحة على جدول الأعمال في برلمانِ "دَولَة اليَهود"، كَالقانون المُقَدّم عام 2002 من قبل عضو الكنيست الصهيوني عزمي بشارة في حينهِ: "قانون أساس، الأقلية العربية كَأقلّية قومية في دولَةِ إسرائيل" حَيثُ دافعَ عنهُ بشارة في حينهِ وحزب التجمع كذلك في كُل مُداولات لجنة الإنتخابات المركزية وما يُسمّى بـ "محكمة العدل العُليا" بأنَّ هذا الإقتراح يَنسَجم مع قوانين دَولَة "إسرائيل" ولا يَتعارض معها وأشتُهرَت في حينِهِ مقولَة بشارة عن تعريفِهِ أو رؤيتِهِ للدولة العَتيدَة: "يهودِيّة الطابع ديموقراطِيّة الجَوهَر"... وبالأمس فقَط تَحَدّثَ النائب يوسف جبارين وأعادَ إلى الأذهان هذا المُقترح المُقدّم من قبل القائِمة المُشتركة الذي لا يَبعُد عن إقتراح عزمي بشارة وفي ذات الخطاب أمام زملاءه في الكنيست الصَهيوني يَدعو للتظاهر يَوم السَبت القريب من أجل الحفاظ على قيم الديموقراطية والمساواة والسَلام، أنا على قناعَة تامّة بأن الأستاذ يوسف جبارين لا يُنكِر بأنَّ خطابَهُ هذا هو خطاب المواطنة ولكن المُزاحمة مع زملاءهِ الحيتان في السياسة قَد تَضطَرّهُ للذهاب في ردهِ لفَلسَفةِ ذلك تمامًا كما سَيفعَل بعض السَحيجَة، (بدون زعل حبايبي).

هذه الرؤية وهذا السَعي المَحموم لتجميل صورة "إسرائيل" لا يَختلف عليهِ أعضاء الكنيست العرب من عزمي بشارة إلى أيمن عودة وما بينَهُما، فَهُم جَميعًا لا يختَلفون في المَوقف من أنَّ "دولة إسرائيل تُجَسّد حق تقرير المَصير لليهود" فيخرُج علينا بَعضَهُم بالقَول: "نحنُ نتحَدّى الصُهيونيّة في عِقرِ دارِها" جَيّد، لكن كيفَ تَتَحَدّاها وخطابكُم المُوَجّه لوزير الماليّة موشيه كَحلون: "خَرَّبت الدولة"، أهذا خِطاب وطَني أم خِطاب المُواطَنة، وَكانَ الوزير كَحلون قَد "أقَرَّ" بالتَسرُع بِسَن قانون القَوميّة واعتَبرَ الأمر خَطأً سَيَتم تَصحيحَهُ بحسَب أقوالِه لإذاعَة (الجَيش)، إذن هل التَعديلات في هذا القانون سَتكفي المُشتركة والمُتابعَة؟ ما هي التَعديلات؟ ما هو أقصاها من قِبلَ الإجماعِ الصَهيوني؟ حَتمًا ليسَت مُشكلة شعبنا مع هذا القانون الأساس وإنّما مع أساس القانون، فهذا ليسَ تَشريعًا جَديدًا تحتَ قُبّةِ "البرلمان" وإنَّما هو واقِع مَعمول بهِ منذُ ما قبلَ الإعلان عن قيام الكيان عام 1948 وهذه التشريعات جزءٌ مِنها يَتَسَجّل على أساسها الحزب السياسي في "إسرائيل" العربي واليهودي، جَميعَهُم يُقرّون بيهوديّة الدولة وإعتبارها تجسيدًا لِحَق تقرير المَصير لليهود في وطنهم، فَما الجَديد إذن؟

خَرجَ العَشرات من قيادة أجهزة الأمن المُختلفة السابقين ورجال السياسة والقانون في دولة "إسرائيل" مُعَبّرين عَن غَضبِهم من هذا القانون وكانت تصريحاتهُم تُشير إلى الخطورة في تشريع المُشَرَّع وإعطاءهِ الصيغة الحالية في إطار قانون واحد، ففي إطار التَشريعات ما قبلَ القانون ولو عَبرنا على بنودهِ العشرة لوجدناها كاملة في تشريعات ومُمارسات الدولة:

"أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي وفيها قامَت دولَة إسرائيل". وعلى هذا المنوال مُمكن قياس كُل البُنود الواردَة في القانون، فهي إعادة لِجُملة من القوانين والتشريعات المَعمول بها مع بعض التَعديلات التوضيحيّة وعليِه "النِضال" من أجل تَحسين أو تعديل القانون أو حتى إلغاءهِ يَأتي في إطار المواطنة ولا يَعني نضالًا وطنيًا جامعًا للشَعب الفلسطيني الذي يُقاتل من أجل حَق العَودة والتحرير وهُنا يَدخُل عُنصُر التَعمية والتَمويه من قبل أعضاء المُشتركَة وخصوصًا دعوة عضو الكنيست الصهيوني د جمال زحالقة المُشتركة/التجمع للشتات الفلسطيني بالتظاهر بالتوازي مع مظاهرة "عرب إسرائيل" في تل أبيب ودعوتهِ لإضراب عام في كل فلسطين وتفاخُرهِ بأنّهُ صاحب الإقتراح وخروجهُ للإعلام قبلَ قرار المُتابعة يَندَرج في إطار السعي لِمُراكَمة الرصيد الشَخصي في حرب الإنجازات بينَ أعضاء المُشتركة وأحزابها ونوابها، وما تجاوب البَعض من "مُفكري وسياسي" الحركة الوطنية الفلسطينية إلا إنهيار قِيمي وفكري وأخلاقي فماذا نُسمي مُطالبَة إبن غَزّة مثلًا بتحسين القانون أو تعديلِهِ!! وماذا نُسمي تظاهر أبناء عين الحلوة وخان الشيخ ونهر البارد واليرموك والبقعة والجلزون والفوار وجنين وبلاطة والدهيشة وجباليا ومار الياس والوحدات والأمعري والشاطئ وما شِئتَ من مُخيّمات البُؤس، نَعَم البُؤس والشقاء النابع من نكبة هذه الدولة لِشعبنا، أيتظاهرون من أجلِ تحسينِ شروط مكانة اللغَة في دَولَةِ الإحتلال التي هَجّرَتهُم من وطنهم أم من أجلِ تغيير نشيد هتكفا وهؤلاء قَد قَدَّموا الشُهداء تلو الشُهداء على مدارِ سبعينَ عامًا على مذبحِ العَودة والحُرّية والتحرير، ألا يكفي أنّكُم تَنعَمونَ بقسطٍ من مَحَبّةِ شعبكم كونَ ساحة الداخل تختلف عن باقي الساحات أفلا يكفي هذا!! فلماذا تسعونَ لِجَرِّ كل ساحات فلسطين من شتاتها إلى شتاتها إلى مُرَبّع "المواطنة الإسرائيلية".

مُشكِلَة "الإسرائيلي" مع القانون مُشكِلَة جَدّية ومعرَكتهِ هي على وَجه "دَولَتهِ" فهل هذه معرَكتُكَ أنت أيّها الفلسطيني، اللاجئ والمُهَجّر والرازح تحتَ الإحتلال 48 أو 67 في قُدس أو نَقب الخَليل أو الجَليل، هل هذه مَعرَكَتُكَ على وَجه "إسرائيل" الديموقراطي.

وأخيرًا ليسَ أكثَر دَلالَة على إسرائيليّة المظاهرَة هو قرار مَنع رَفع العَلَم الوطني، هَنيئًا لَكُم ساحَة رابين يا "عَرب إسرائيل" وللتذكير فَقَط، هذا المُصطَلح سياسي وليسَ شَتيمَة.