Menu

رُب ضارةٍ نافعة

حاتم استانبولي

سقوط الطائرة الروسية إيل 20 ومقتل طاقمها، كان له أثر عميق في أروقة الكرملين ووزارة الدفاع الروسية، إن كان من جهة العلاقة مع إسرائيل أو تواجدها في سوريا.

ما قامت به الطائرات الإسرائيلية المعتدية لم يكن تصرفًا فرديًا بل كان قرارًا اسرائيليًا -أمريكيًا.

المناورة واستخدام الطائرة الروسية كدرع للحماية من الصواريخ السورية كان يهدف إلى توجيه عدة رسائل للرأي العام الروسي بأن أبناءكم قتلوا بنيران سورية، مما يفتح الباب لانتقاد الدعم الروسي لسورية وإعادة الروح لما تبقى من أصدقاء إسرائيل في المؤسسات الروسية لإعادة طرح تقييم الدعم لسوريا.

رسالة إلى الداخل السوري بأن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سورية تتم بالتنسيق مع روسيا، وهذا يشكك بمدى مصداقيتها ويفتح المجال للخصم بالترويج لسوء أهداف التواجد الروسي في سورية، ويعطي نفسًا للمجموعات الإرهابية في إدلب بأن إسرائيل هي الوحيدة التي تستطيع حمايتكم وهي فوق المعادلات والتفاهمات الإقليمية والدولية.

رسالة ل إيران وحزب الله: أن الوجود الروسي في سورية يخدم المصالح الروسية فقط وأن روسيا تستخدم وجودهما وفاعليتهما على الأرض فقط لخدمة أهدافها ومصالحها.

الرد الروسي الحاسم بإرسال منظومة إس 300 المتطورة إلى سوريا، والذي جاء بقرار من وزارة الدفاع الروسية مباشرة، بدون أي تنسيق مع الحكومة الروسية. عكس مؤشرًا لمدى غضب العسكريين الروس في وزارة الدفاع الروسية، ويعبر عن مدى نفاذ صبرهم من التسامح السياسي مع التصرفات الصبيانية الإسرائيلية التي كلفت الجيش الروسي خسارة 15 عسكريًا تقنيًا كانوا على منتن الطائرة التي جرى إسقاطها.

قرار إرسال إس 300 إلى سوريا وفورًا من مخازن وزارة الدفاع الروسية، يعني أن هذه النسخة هي ذاتها التي يستخدمها الجيش الروسي وأن إرسالها سيترافق مع منظومة الكترونية لحمايتها وأن إسرائيل ورغم كل ما يشاع عن استخفافها بالمنظومة إلا أنها تدرك أنها أصبحت في مواجهة مباشرة مع روسيا في سماء سوريا ولن تسمح روسيا بأن تخسر أمام إسرائيل.

ناهيك عن العواقب السياسية التي ستترتب على التصرفات الإسرائيلية على المدى القصير والبعيد بالنسبة للعلاقة الروسية الإيرانية أو مع حزب الله في لبنان.

إس إس300 آر تي، رسالة موجهة أيضًا للتحالف الدولي الذي بدأت دوله بالانسحاب، حيث لحقت ألمانيا بزميلتها هولندا التي لحقت بكندا.

إن الامتعاض الأمريكي الفرنسي من إرسال إس إس 300 إلى سوريا يؤكد أن الرسالة الروسية وصلت إلى أبعد من تل أبيب.

العسكريون الأمريكيون والفرنسيون والإسرائيليون يدركون أن عمل المنظومة سيكون ضمن الأداء الجماعي العام للمنظومات الدفاعية الروسية السورية على الأراضي السورية، وأن أي صاروخ ينطلق من المنظومة لن يستطيع أحد أن يُصنّفه إن كان من منظومة الدفاع السورية أم الروسية.

لقد انطبق على إسرائيل المثل القائل "انقلب السحر على الساحر"، أما بالنسبة لسورية فقد انطبق عليها مثل "رُبّ ضارة نافعة".