Menu

تقريرأربع قوانين تهدد الائتلاف الصهيوني: صفقات مشبوهة ومصالح شخصية

بوابة الهدف - أحمد مصطفى جابر

يكشف الصراع التشريعي على تمرير القوانين في الكنيست الصهيوني طبيعة أزمة الحكومة الاحتلالية والائتلاف، ومن الممكن القول أن الحكومة التي لم تسقطها صواريخ المقاومة، ولا فساد نتنياهو، ربما تسقط بفعل السلسلة المتدحرجة التي نشأت عن استقالة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، وانسحاب كتلة "إسرائيل بيتننا" التي يقودها من الائتلاف.

طبعا من الممكن القول أن منشأ هذه السلسلة برمتها يعود إلى الهجوم الفاشل الذي حاولت وحدة النخبة ماجيلان شنه في شرق خان يونس، الهجوم الذي انتهى بمقتل قائده نائب قائد ماجلان، على الأقل كما قالت التقارير، ولكن أيضا كشف أكبر فضيحة استخبارية نشأت عن كشف شبكة كاملة من عملاء الاستخبارات العسكرية الصهيونية.

بالعودة إلى موضوعنا هناك أربع قوانين مطروحة، يكشف الجدل حولها طبيعة أزمة الائتلاف واحتمالات سقوطه، دون أن ننسى معضلة أخرى يواجهها نتنياهو، أعني وضعية الكابينت غير القانونية والذي يعمل بدون صلاحيات بسبب انهيار عدد الوزراء إلى 19، بينما بلغ عدد أعضاء الكابينت 11 وزيرا وهو ما يتعارض مع القانون.

أبرز قانونين يثيران الجدل هما "الولاء في الثقافة" وهو قانون عنصري فاشي، يعمل على تكميم الأفواه ومنع حرية التعبير، وتقف وراءه ميري ريغف مدعومة بكتلة الليكود والبيت اليهودي، وإن كان يعارضه أحد أبرز الليكوديين بيني بيغن.

والقانون الثاني قانون "الإعدام" الذي يسعى إلى تعديل جوهري في نظام المحاكم العسكرية بما يتيح إصدار أحكام على المقاومين الفلسطينيين بأغلبية القضاة في المحكمة وليس بالإجماع، إضافة إلى صلاحيات أخرى للمدعي العسكري.

كلاهما قانونان عنصريان، ت قطر منهما الفاشية المعتادة في فكر الليكود البيت اليهودي وإسرائيل بيتنا، ولكن يبدو أن صراع المصالح والتنافس بين أقطاب الائتلاف الحاليين، والسابق ليبرمان، تقدم بعض المصلحة في تعطيل القانونين حاليا.

خرج قانون (الولاء في الثقافة) بسبب حرمان الائتلاف من أصوات "إسرائيل بيتنا"، فليبرمان الذي بدأ في حملة مناكفة للائتلاف، وللبيت اليهودي على وجه الخصوص، يريد تثبيت أن كتلته لم تكن زيادة عدد في الائتلاف، وأن بيده تعطيل السلسلة التشريعية بكاملها التي كان اليمين الصهيوني مرتاحا تماما في تمريرها خلال السنوات الماضية.

ولكن ليبرمان أيضأ لديه "قانون الإعدام" الذي يريد تمريره لكي يعيد موضعة نفسه في السياق الأمني، من جهة ولكي يثبت لخصومه ولناخبيه وللوسط الاستيطاني واليميني أنه ليس فاشلا تماما، وأنه قادر على تنفيذ وعوده حتى لو كان خارج الحكومة. ليبرمان كان واضحا أيضا حين قال أنه سيعطل القوانين ما لم يتم الدفع بقانون الإعدام القذر وبالتالي هذا ما حدث وخرج قانون (الولاء ) خارج جداول التصويت، مؤقتا على الأقل.

نقول مؤقتا لإن هؤلاء الفاشيين وبينما يبحثون عن مصالحهم الخاصة، لن يتأخروا في التعاون مجددا لتمرير القوانين المعادية للشعب الفلسطيني، والتي تضر به بشكل جذري، لذلك نسمع اليوم عن إمكانية صفقة مقززة أخرى بين البيت اليهودي والليكود من جهة وعصابة ليبرمان من جهة أخرى، تنص على أن كتلة "إسرائيل بيتنا" سترفع تحفظها عن تمرير قانون (الولاء) مقابل أن يتم بالتوازي تمرير قانون (الإعدام)، "أنا على استعداد للنظر في دعم الولاء إذا تقدمت بقانون عقوبة الإعدام للإرهابيين" كما قال ليبرمان.

يبرز هذا الوضع الطبيعة الشيطانية للحكومة والائتلاف الصهيونيين، وتحالف اليمين برمته، فهي صفقة تبادل إجرامية (خذ الولاء وأعطني الموت) كما وصفها صحفي "إسرائيلي" طبعا في سياق دفاعه عن "الديمقراطية الإسرائيلية" التي يسيء لها أطراف هذه الصفقة.

القانون الثالث التفجيري للائتلاف والحكومة هو قانون التجنيد الخاص بإجراء تعديلات تتيح تجنيد الحريديم في الجيش وفرض عقوبات اقتصادية على المتهربين من الخدمة وهو قانون مر بتعقيدات كبيرة جدا في محاولة لإرضاء الأطراف الغاضبة في الائتلاف وهو تعبير بارز عن انشقاق الائتلاف بين اليمين القومي واليمين الديني المتشدد ممثلا في أحزاب يهودت هتوراة وشاس، وقد انتهز نتنياهو فرصة استقالة ليبرمان لمحاولة تأخير الصدام المحتوم، عبر الطلب من المحكمة تمديد قرارها بخصوص الحسم في القانون أرعة أِهر أخرى بحجة التعقيدات التي فرضتها استقالة ليبرمان.

القانون الرابع ما يسمى بـ(قانون ساعر) وهو قانون يحاول نتنياهو فرضه لمصلحته الشخصية، وجذر القانون الاتهامات التي أطلقها نتنياهو ضد خصمه الرئيسي في الليكود جدعون ساعر بأنه يدبر مكيدة بالتعاون مع رئيس الدولة روبين ريفلين، للنقلاب على نتنياهو عبر تكليف ساعر بتشكيل الحكومة، نتنياهو يريد تمرير قانون يمنع الرئيس من تكليف من ليس رئيسا لحزب بتشكيل الحكومة وبالتالي قطع الطريق على طموحات ساعر، ويعتبر قانون (ساعر) انقلابا على قانون مهم في الكنيست يتيح للرئيس تكليف أي عضو كنيست بتشكيل الحكومة، وما يثير الشك حول هذا القانون غموض دوافعه المتعلقة بإشاعات مؤامرة ربما تكون صحيحة نظرا لطموحات ساعر ولكن لم يتم إثباتها أيضا.

نتنياهو لهخ مصلحة أخرى أكبر من عدائه مع ساعر وهي تلافي الاتهامات الجنائية التي تتبلور ضده سريعا وبالأخص خشيته من ظهور معطيات جديدة في قضية الغواصة، وبالتالي يخشى أن يضحي به الليكود لمصلحة ساعر ولمصلحة استمرار الليكود في السلطة، نتنياهو طبعا يختصر الليكود في شخصه، ولا يرى إمكانية أن يكون الليكود في الحكومة بدونه وعلى الأخص بزعامة خصمه اللدود.