Menu

إزالة تفوق "إسرائيل" من عقولنا!

د. سماح إدريس

الحكيم

خصّ د. سماح إدريس الهدف بمقابلة محورُها مقاطعة "إسرائيل"، هنا خلاصتُها.

حملة مقاطعة "إسرائيل" (BDS) نشأتْ في صيف العام 2005، وذلك بعد أن تنادى حوالي 170 منظمة فلسطينية، ومن ضمنها منظمات مجتمع مدني وفصائل المقاومة، بإطلاق نداء إلى جميع أنحاء العالم. هذا النداء يطالب العالم بمقاطعة "إسرائيل" وبسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها ما دامت تحتل أراضي عربية (بما في ذلك القدس الشرقية)، وتمارس الفصل العنصري داخل المناطق المحتلة عام 48، وتحُول دون عودة اللاجئين إلى بيوتهم وديارهم بموجب القرار الاممي 194.

قبل BDS، كانت هناك عدة حملات مقاطعة، ومنها حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان.

المقاطعة ليست سلاحاً اخترعه العرب ولا الفلسطينيون، بل كانت موجودة قبل ذلك. وأبرزُ أشكالها الحديثة: مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، وقد كانت السلاح الأمضى لإسقاط هذا النظام.

ـ عن إنجازات المقاطعة: الآن الـBDS العالمية تتوسع في العالم، وتمتدّ إلى النقابات والكنائس والجمعيات الطلابية والهيئات الأكاديمية والفنية وصناديق التقاعد ...الخ، بحيث باتت تشكّل، حسب تصريحات الرئيس الإسرائيلي (ريفلين) ونتنياهو خطراً استراتيجياً من الطراز الأول على دولة "إسرائيل".

لكنْ، للأسف، إذا ذهبتم إلى الشوارع العربية، فستكتشفون أنّ الكثيرين سيقولون "ماذا فعلتْ حركة المقاطعة؟!" وسيقولون "العالم كله إسرائيليون!" وهذا طبعًا غير صحيح. لكن الإعلام العربي كثير التعتيم أو الجهل.

نحن نخوض حربَ كرّ وفرّ ضدّ دعاة التطبيع والهازئين من المقاطعة. وللأسف الشديد، فمع أنّ لبنان دولة مقاومة ومواجهة، ومع أننا طردنا "اسرئيل" سنة 2000، وأحبطنا أهدافها سنة 2006، فإن هناك تغلغلًا لداعمي العدو، ولبعض الشركات الإسرائيلية نفسها.

ولقد نجحنا في عدة مواجهات. فاستطعنا مثلا إجبار "لارا فابيان" (مغنية فرنسية بلجيكية متصهينة) على عدم إحياء حفلها في لبنان لأنها لم تعتذر عن تأييدها لعدونا ودعمها المادي له. ونجحنا في إقناع الجامعة العربية في منع فيلم "المرأة الخارقة" (لأن الممثلة الرئيسة فيه إسرائيلية، بل جندية سابقة في جيش الاحتلال). وكشفنا وجود شركات إسرائيلية، ومنعناها من الوجود في أسواقنا. الإنجازات أكثر من أن تحصى في مقابلة قصيرة.

ـ عن الدعم الشعبي: هذا لن يجدي نفعاً إنْ لم يؤطّر. المسؤولية الفردية بالغة الأهمية، لكن لا نستطيع أن نعتمد عليها وحدها. هناك أحزاب عريقة، عمرها سبعون وثمانون عاماً ينبغي أن تفعِّل موضوع المقاطعة. وهناك وسائل إعلام لا تنشط في هذا المجال.  لا يكفي أن نقول "نحن ضد التطبيع"، بل ان نمارس ذلك بشكل تعبوي يومي: في أحزابنا، ووسائل إعلامنا، ونوادينا، وجامعاتنا...

ـ عن جامعة الدول العربية: هناك انهيار للناظم الأساسي للمقاطعة الرسمية العربية، ألا وهو جامعة الدول العربية. الجامعة كانت تفرض على كل الدول العربية أن تقاطع "اسرائيل" ومن يدعمها. علينا أن نضغط على حكوماتنا من أجل إعادة ترسيخ دور جامعة الدول العربية في هذاالمجال. علينا ألّا نبرّئ ساحة الأنظمة العربية من واجباتها؛ فالمسألة يجب ألّا تكون متعلقة فقط بالشعوب، بل بالشعوب والأنظمة معًا. وعلى هذه الأنظمة التوقف عن أي محاولة تطبيعية بالسر والعلن.

ـ عن البيت والمدرسة والجامعة: واجب كل مواطن، وكل حزبي، وكل سياسي، وكل ناشط، أن يسأل نفسه: كيف ننشئ الطفل والطالب في المدرسة والطالب في الجامعة على ألّا يطّبعوا مع ما لا يمكن أن يكون طبيعياً؟

هذه، باختصار، أمور علينا أن نعمل عليها. وعلى البوصلة الأساسية أن تتوجه نحو إزالة "إسرائيل" ليس فقط من الوجود بل من عقولنا أيضا. فلا نستطيع أن نحارب "إسرائيل" ما دمنا نستبطن الدونية والهزيمة، وما دمنا نتصرف مع "إسرائيل" وكأنها كيان طبيعي قائم إلى الأبد!

د. سماح إدريس: رئيس تحرير مجلة الآداب (www.al-adab.com) وعضو مؤسّس في حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان.