Menu

رائدة وصغارها.. عشر سنواتٍ من السجن في "البادروم"

هدى بارود

غزة _ خاص بوابة الهدف

في غرفةٍ واحدة دونَ منافع أسفلَ منزل زوجها تعيش رائدة –اسم مستعار- وأبناؤها الستة، يحلمونَ بغرفةٍ دافئة، وحمامٍ يستحم فيه أحدهم دونَ أن يراه أشقاؤه، أو يقضي فيه حاجته دونَ أن يضطر لاستبدال الدلو الذي يستخدمونه بديلاً في قضاء حاجتهم أو تنظيفه لأن والدهم الذي يدعي الفقر يعجز عن بناء مرحاضٍ لهم، ويرفض نقلهم لغرفةٍ ثانية في منزل زوجته الأولى.

رائدة التي خشيت التعرض للضرب إن استقبلت "بوابة الهدف" في الغرفة التي تسكنها وفضلت أن يكون التواصل هاتفياً، قالت "سبقَ أن استقبلتُ صحافيات وبعدَ نشرهن لقصتنا اعتبرَ زوجي أنني فضحته وضربني ومنعني من استقبال أي ضيوف أغراب، فعائلتي وحدها التي استطيع استقبالها في هذا البادروم البارد والقذر".

وتابعت "عشر سنواتٍ مرت عليَّ وأنا سجينةٌ في هذه الغرفة أتلقى وعودًا بانفراج الحال مرة وأتعرض للضرب أنا وأبنائي إن اعترضنا مرات، فزوجي الذي تقدمَ لي بعدَ طلاقي من زوجي الأول قالَ أنه سيسكنني في منزلِ والدته، وأن زوجته الأولى لن تتعرض لي، وإنه يريد الزواج من ثانية لأنه يرغب بالزواج لا لشيء آخر، فوافقت وكنت اعتقد أن الزواج للمرة الثانية لامرأة مطلقة أفضل من بقائها عرضةً لكلام الناس وتلميحاتهم".

"بعدَ انقضاء سبع شهورٍ على زواجي باعت حماتي منزلها لسِلفي ونقلني زوجي للعيش في غرفة أسفلَ منزل زوجته دونَ حمام، وبلا أي فراشٍ أو أغطية، وقالَ إنها مرحلة مؤقتة ستنقضي قبلَ إنجابي إذ كُنت حاملًا بابنتي الأولى آنذاك"، أضافت رائدة، مشيرة إلى أن "الحالة المؤقتة استمرت عشر سنوات أنجبت خلالها 6 أطفال".

كانَ الزوج، الذي يعمل بائعًا للخردة، يدفع مصروفاً يقدر بالشواكل شهريًا لزوجته وأبنائه، ما لبثَ أن نقص المبلغ تدريجيًا على الرغم من استمراره في الانفاق على زوجته الأولى وأبنائها العشرة دونَ تخاذل، ناهيكَ عن انقطاعه عن زيارة رائدة وأبنائها لأيامٍ يقطعها بساعاتٍ قليلة خلال الأسبوع يعنف فيها من يزعجه منهم.

تابعت رائدة "قبلَ أسبوع كانَ صغاري يشتهونَ البيض المقلي، وأنا للأسف لا أملك المال لأشتري لهم، فكنت أبكي معهم وأدعو الله أن يرسل لي من يلبي حاجة صغاري، فأنا أعتمد على ما يعطيني إياه أهل الخير، وأشقائي إن تمكنوا، لسد احتياجات أطفالي من طعامٍ وملابس".

كانَ يسعى زوج رائدة لتطليقها، فوافقت بادئ الأمر، غير أنه ساومها بينَ حقوقها من عفشٍ ومتأخرٍ مقابل حضانة أطفالها فتراجعت عن موافقتها، قالت "يطردني زوجي من البادروم كثيراً، وذات يوم جاءَ إلى أهلي طالبًا تطليقي فوافقت معتبرةً أن هذا هو الحل الأفضل لي ولأبنائي قطعاً، غير أنه اشترطَ تنازلي عن متأخري وقيمة عفش المنزل مقابل حضانة صغاري فرفضت وعدت دونَ رغبته ودونَ رغبة عائلتي إلى البادروم، فأنا على ثقة كاملة أنه سيأخذ الأطفال بعدَ تجاوزهم السن القانونية لحضانتي، وسأخسر أبنائي إلى الأبد".

تحلم رائدة وأبناؤها بشقةٍ صغيرة تحميهم برد الشتاء وحرارة الصيف، لا تنتظر فيها أن ينام الصغار حتى تغتسل أو تقضي حاجتها، قالت "كلما سمعت عن توزيع شقق مجانية على الفقراء أسأل نفسي لمَ لستُ منهم، فأنا ضحية لزوجي، ولفقره، وإن وجدت منزلاً يؤويني ويؤوي أبنائي ستنتهي نصف مشاكلي".