Menu

لماذا تخفي محفوظات "إسرائيل" أكثر من 100 ألف ملف من القرن التاسع عشر؟

بوابة الهدف - ترجمة خاصة

نشر الكيان الصهيوني مؤخرا كتالوجا يضم حوالي 300 ألاف ملف سري بقيت محفوظة في أرشيف الدولة، بما في ذلك آلاف الوثائق التي تعود إلى مئتي عام، يبدو أن الكيان استولى عليها بعد قيامه عام 1948 واستيلائه على الأرشيفات والمكتبات الفلسطينية.

قامت محفوظات الدولة، بشكل غير رسمي، بنشر حتويات كتالوج وثائق الأرشيف المصنفة في الصيف الماضي، ونشرتها على الإنترنت في 363 جدول بيانات منفصل، وقد دفن في كتالوج المحفوظات المصنفة أكثر من 100 ملف يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، وأكثر من 2000 ملف التي سبقت تأسيس "دولة إسرائيل" ولكن لم يتم رفع السرية عن الأرشيف بعد.

يشير التقرير المنشور في مجلة 972، إلى وجود 300.000 ملف سري، بقيت أسماؤها وتواريخها وطبيعتها سرا داخل بيروقراطية الدولة، وبقيت سرا حتى اليوم، حيث منع على الأأقل خُمس الملفات، التي تعتبر حساسة للغاية من قبل الحكومة.

وقد كتب ياكوف لوزويك رئيس قسم المحفوظات الذي أعلن تقاعده المبكر منذ أشهر "كان هناك الكثير من الناس الذين كانوا قلقين من فتح هذا الكتالوج"، ورغم ذلك، يصعب العثور على على الكتالوج المصنف، الموجود حاليًا على موقع أرشيفات الدولة، على الإنترنت، ويصعب الوصول إليه، ويكاد يكون من المستحيل البحث فيه أو تحليله.

أحد الأشياء التي برزت من تحليلات فريق مجلة 972، أن عمر بعض الملفات يعود إلى 200 عام، وهو وثيقة من وثائق وزارة الخارجية بعنوان "تقرير باركر"، من عام 1821، وهذا هو كل ما هو متاح عن التقرير، اسمه وتاريخه فقط، ويحتوي الكتالوج أيضا، على 125 وثيقة من القرن التاسع عشر، وحوالي 2000 وثيقة قبل عام 1948، ومن المستحيل معرفة السبب الذي يجعل وثائق مضى عليها أكثر من سبعين عاما ما زالت مدرجة كسرية ويمنع كشفها، بل في بعض الحالات تعود الوثيقة إلى 200 عام.

في الولايات المتاحدة على سبيل المثال، يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية بإطلاق السجلات القديمة بشكل روتيني، حتى تلك التي تعكس صورة سلبية عن تلك الوكالات، و خلافاً لمحفوظات حكومة الولايات المتحدة، التي تديرها وكالة مستقلة، فإن أرشيف الدولة في "إسرائيل" هو فرع لمكتب رئيس الوزراء، الذي أثبت شاغله الحالي أنه ليس بطل الشفافية.

تظهر الوثائق الصادرة عن كل وزارة "إسرائيليّة" تقريباً في الكتالوج: كل واحد من 363 جدول بيانات أصلي يمثل وكالة مختلفة، إدارة فرعية، شركة تديرها الدولة، وفي حالات قليلة، كبار المسؤولين السابقين الذين تركوا مجموعاتهم الشخصية لصالح محفوظات الدولة، ومن يغيب عن هذا الاستعراض هو "وزارة الدفاع" التي لديها مكتب محفوظات خاص بها، ولكن هناك صندوق خاص بالسجلات التي أنتحت خلال الاحتلال القصير الأمد ل غزة عام 1956، حيث أن الجيش والموساد والشين بيت تدير أرشيفاتها بشكل مستقل.

حوالي ثلاثة أرباع الملفات تأتي من ثلاث هيئات حكومية فقط: الشرطة (28.2 بالمائة أو 71874ملفًا)، وزارة الخارجية (24.2 بالمائة أو 61.620 ملفًا)، ومكتب رئيس الوزراء (21 بالمائة أو 53.587 ملفًا، وتأتي في المرتبة التالية وزارة الطاقة، ومكتب مراقب الدولة، ودائرة السجون الإسرائيلية، ووزارة العدل.

بعض أسماء الملفات وحدها محيرة، على سبيل المثال، كان هناك ملف يسمى "تسع سنوات من أصل 2000" والذي تبين أنه تقرير سري للجنة من الموساد حول تاريخ الهجرة من المغرب، آخر يسمى "المحكمة الشرعية في غزة"، 1913-1922، هناك مجموعة من وثائق الحكومة الأردنية التي صودرت فيما يبدو في عام 1967، عندما احتلت "إسرائيل" الضفة الغربية، التي كانت تحت الإدارة الأردنية.

ثم، هناك ملفات الأرشيف التي لا تزال سرية مع تسميات مثل "المنظمات المناهضة لإسرائيل" و "مكافحة معاداة السامية"، التي تنتجها البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم. هناك ملفات عن دير ياسين وكفار قاسم، وهما المجزرتين الرهيبتين اللتين ارتكبتهما القوات الصهيونية و الكتالوج على 13 ملفًا من الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي حول اغتيال فولكي برنادوت، وهو دبلوماسي سويدي مثل مجلس الأمن والذي قتلته عصابة صهيونية في عام 1948، كذلك هناك ملف عن غرق غواصة داكار الإسرائيلية، الذي ما زال لغزا .

ولكن حتى العديد من الملفات التي لا تحتوي على أسرار مثيرة، تعد بتقديم معلومات تاريخية قيمة، على سبيل المثال، هناك ملفات عن "الفهود السود"، وهي مجموعة من الثوريين في السبعينيات تطالب بالعدالة الاجتماعية لليهود المزراحيين، وهناك ملفات للشرطة عن الفهود ولكن تبين أنها متداولة في مقالتين أكاديميتين ومجلة هآرتز، وزعم الموظفون أن وثائق الفهود السود تم منعها عن طريق الحطأ.

هذه التقارير الخاصة بالشرطة، والتي تحتوي على وثائق لا تقدر بثمن ونادرة عن الفهود من قبل العديد من الوكلاء والمخبرين السريين، جاءت من ملفين، هما الملفان الوحيدان الذان كشف عن وجودهما، و أسفر البحث عن الكلمة الرئيسية "Panthers" في قاعدة البيانات المصنفة عن رقمين للملف، بالإضافة إلى 21 ملفًا آخر - من دوائر شرطة مختلفة - تحتوي على عبارة "Black Panthers" في عناوينها، لم يكن من الممكن العثور عليها دون البحث في قاعدة البيانات المدمجة، وبطبيعة الحال، فرصة الحصول على تلك الملفات الخاصة هي صفرفي الوقت الحالي.

عندما حاول فريق المجلة الحصول على ملفات Panther المتبقية تم إخبارهم بأن الشخص المفوض بمراجعة سجلات محفوظات الشرطة وإصدارها قد توفي في حادث منذ أكثر من عام، وقال متحدث باسم الشرطة في رسالة بالبريد الإلكتروني إنه سيتم نشر وظيفة لمثل هذا الشخص "قريبًا"، مع عدم توفير جدول زمني لعملية التوظيف والتعيين.

البيانات في الأرقام:

ملفات:

عدد أسماء الملفات التي تم الكشف عنها: 254.734

عدد الملفات الحساسة جدًا حتى تظل أسماؤها سرية: حوالي 45000

ما هو معروف عن كل ملف: الاسم، والهيئة الحكومية التي أنشأت الملف، والسنة (السنوات) المغطاة.

تواريخ:

تاريخ أقدم ملف مبوب: ١٨٢١

تاريخ آخر ملف: 2013

عدد الملفات التي يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر: 125

أهم المكاتب الحكومية الممثلة في الكتالوج:

الشرطة الإسرائيلية: 28.2 بالمائة من الملفات (71.874 ملفًا)

وزارة الخارجية: 24.2 بالمائة (61.620 ملفًا)

مكتب رئيس الوزراء: 21 بالمائة (53.587 ملفًا)

وزارة الطاقة: 4.1 بالمائة (10.331 ملفًا)

مصلحة السجون الإسرائيلية: 3.5 بالمائة (8،927 ملفًا)

وزارة الأمن العام: 3.3 بالمائة (8445 ملفًا)

مراقب الدولة: 3.24 بالمائة (8.243 ملفًا)

وزارة العدل: 2.6 بالمائة (6703 ملفًا).

أخيرا..

تم إطلاق الجهود الرامية إلى "إنقاذ الوصول إلى الأرشيف" منذ أكثر من عامين عندما أغلقت محفوظات الدولة غرفة القراءة الخاصة بها، حيث كان على الباحثين ملء  قسائم الطلبات وكانت صناديق الملفات يتم تسليمها يدويا،  قررت محفوظات الدولة أنه سيتم رقمنة جميع المواد الخاصة بها، وفي هذه الأثناء، يجب على أي شخص يريد الوصول البحث في الكتالوج عبر الإنترنت وطلب مسح الملفات ونشرها عبر الإنترنت، وقالت إلياف فيلدون رئيسة االجمعية التاريخية إن الخطة ربما كانت حسنة النية، ولكنها أدت إلى أوقات انتظار طويلة وغير منتظمة ونقص في الشفافية بشأن ما يتم إطلاقه، وأضافت "إنه يجعل من المستحيل إنجاز العمل".

زاد تفاقم الأمر عندما وبعد فترة وجيزة من السياسة الجديدة، فرض محامو مكتب رئيس الوزراء سياسة جديدة زادت من تعقيد عملية البحث

. الآن، يجب أولاً فحص كل ملف لم يتم فحصه وتحميله مسبقًا من قبل هيئة الحكومة التي أنشأته للبدء به، هل تريد قراءة المراسلات التي مضى عليها عقود من وزير الأمن العام؟ يجب أن يحصل الأرشيف على موافقة الوزارة أولاً، وينطبق نفس الشيء على تقارير الشرطة و وزارة الصحة وأي مجموعة أخرى من الأوراق التي تجمع الغبار على رف مستودع في محفوظات الدولة، بالإضافة إلى عدم وجود حافز يمكن تصوره للسماح بنشر وثائق محرجة محتملة، فإن الهيئات الحكومية لا تحتفظ عادة بموظفين محترفين في مجال المحفوظات.