Menu

بعد حملة مقاطعة واسعة..

وفد صهيوني يُلغي مُشاركته مُرغمًا في مؤتمر اقتصادي بالبحرين

أحمد نعيم بدير

مؤتمر ريادة الأعمال

المنامة _ خاص بوابة الهدف

في إنجازٍ جديدٍ يُسجّل لحركات المقاطعة العربية الفاعلة في مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وبعد المواقف المشرّفة والمُتتالية للمنسحبين/ات العرب من (المؤتمر العالمي لريادة الأعمال في البحرينرفضًا للتطبيع، اُرغم الوفد الصهيوني يوم الأحد 14 أبريل 2019 الذي كان من المُقرر أن يُشارك في المؤتمر، على إلغاء مُشاركته تحت ضغط حركات المُقاطعة التي صرخت بصوتٍ عالٍ (لا للتطبيع)، مُتذرعًا بأن قرار الانسحاب جاء بسببِ ما أسماها "مخاوف أمنية".

واستجابةً لنداءات حركات المُقاطعة التي صاح دويها أواخر مارس 2019، وقُبيل أيامٍ من بدء المؤتمر الذي بدأت فعالياته منتصف شهر أبريل الجاري، وتستمرّ حتى 18 نيسان/أبريل، انسحب الفريق الكويت يّ بالكامل، فضلاً عن انسحابَين من لبنان.

وكان من المُقرّر أن يُشارك في فعاليات المؤتمر الذي تنظّمه مؤسسة "تمكين" شبه الحكومية، 30 مشاركةً على الأقل ممثلةً عن كيان الاحتلال، بينهم وزير الاقتصاد الصهيوني "إيلي كوهين"، ونائبة رئيس "هيئة الابتكار الإسرائيلية"، وممثلين عن وزارة الشؤون الخارجية في حكومة الاحتلال، وهيئة التصدير الصهيونية، فضلاً عن مشاركة عدد من المؤسسات "الرياديّة". وتُدرج وزارة الاقتصاد والصناعة في حكومة الاحتلال "زيادة التعاون والنشاط  والاتجار الاقتصادي مع دول المنطقة لاستخلاص المميزات النسبية في كل دولة" ضمن المواضيع المركزيّة التي تقف على رأس سلم الأولويات للوزارة الصهيونية.

وانطلقت مناشداتٌ بحرينيةٌ وخليجيةٌ وعربيةٌ من مختلف شركاء حركة المقاطعة (BDS) والمجموعات الفاعلة في الوطن العربي لمطالبة المشاركين/ات والمتحدثين/ات العرب بالانسحاب من هذا المؤتمر بشكلٍ فوريٍّ، كون هذه المشاركة تتنافى بشكلٍ صارخٍ مع المواقف العربية الرافضة للتطبيع، بكافة أشكاله، فضلاً عن خطورة ما تضفيه المشاركات العربيّة المثيلة من شرعنة لمنظومة العدو الصهيوني، بممثليه ومؤسساته وداعميه، ومحاولاته تلميع صورته.

وأطلقت "المبادرة الوطنية لمقاومة التطبيع مع العدوّ الصهيوني في البحرين" عريضةً لرفض المشاركة الصهيونية في المؤتمر، تبعها تغريد ومشاركة تحت وسم (البحرين ترفض التطبيع)، فضلاً عن تضافر جهود المبادرة البحرينية لمقاومة التطبيع وحركة مقاطعة الاحتلال في الكويت، والحملة اللبنانية لمقاطعة داعمي إسرائيل، وحركة مقاطعة الاحتلال (عُمان)، والمجموعات الفاعلة في مقاومة التطبيع، لثني الأسماء العربيّة التي سجّلت مشاركاتٍ أو حضور في المؤتمر عن المشاركة ودفعها للانسحاب.

وقالت مجموعات المقاطعة في بيانٍ لها، إنّ "الجهود الريادية الإسرائيلية التي يتمّ الاحتفاء بها في مؤتمر الريادة والأعمال هذا هي الجهود ذاتها التي تساهم في إدامة المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني وتطوير أدواته المتنوعة، منها المشاركة في هذا المؤتمر الذي يساهم في تلميع صورة هذا النظام وتصدير تجربته العنصرية والاستعمارية عالميًا، وحضور هذا المؤتمر هو تجاوزٌ أخلاقيٌ ووطنيٌّ فجٌّ في تطبيعٌ العلاقات مع مواطني دولة الاحتلال، وإنّ تبادل الخبرات الريادية لا يكون حتمًا مع من تلطّخت أيديهم بدماء الشعب الفلسطيني والشعوب العربيّة".

جدير بالذكر أن المؤتمر أثار حفيظة واستنكار أعضاء البرلمان البحرينيّ، حيث شدّد البرلمان في بيانٍ رسميّ له على أن "نصرة القضية العادلة للشعب الفلسطيني الشقيق ستظلّ من أولويات الشعب البحريني".

وقالت رئيسة البرلمان، فوزية زينل، في ردٍّ على أحد أعضاء البرلمان الغاضبين من المؤتمر "نحن جميعًا في مملكة البحرين، قيادةً وشعبًا، مع موقفكم ضد التطبيع جملةً وتفصيلاً".

ولا تقيم البحرين علاقات دبلوماسية علنية مع دولة الكيان، لكن المستوى الرسمي الحكومي يسعى إلى إقامة علاقات تطبيعية. وشهدت العلاقات الثنائية السرية، مؤخرًا، زيارات رسمية مُتبادلة، عبّر عنها ناشطون بحرينيون ضد التطبيع بالرفض.

ويسعى النظام البحريني بخطوات حثيثة إلى تطبيع علاقاته مع دولة الاحتلال، حيث مرَّر رسالة بهذا الخصوص إلى رئيس الحكومة الصهيوني، بنيامين نتنياهو، قبل حوالي سنتين، حسبما كشفت عنه القناة 13 العبرية، أواخر شباط/ فبراير الماضي.

ونقلت القناة عن موظفين "إسرائيليين" رفيعي المستوى قولهم "إن وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، حمل خلال لقاء سري مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، رسالة لتنقلها إلى نتنياهو.  وكان آل خليفة التقى ليفني على هامش المؤتمر الأمني في ميونيخ، في شباط/فبراير 2017".

وقال الموظفون "إن الوزير البحريني أبلغ ليفني أن ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، اتخذ قرارًا بالتقدم نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل".

مُشاركة فلسطينية!

ودعت حركات المقاطعة في بيانها "الوفد الفلسطيني، بمُشاركة صلاح العملة ونادية سباعن وقد يتضمن آخرين، للانسحاب فورًا والامتثال للإرادة الشعبية الفلسطينية والعربية المُنادية برفض كلّ أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني"، مُتسائلةً "أيعقل أن تتتالى الانسحابات العربيّة من هذا المؤتمر بينما يشارك فيه وفد فلسطيني؟".

كما طالبت بإصدار البرلمان البحريني تشريعًا يمنع ويجرّم التطبيع مع العدوّ الصهيونيّ، وهو مقترح تشريعٍ سبق أن قدّمته الجمعية البحرينيّة لمقاومة التطبيع إلى لجنة مناصرة فلسطين في مجلس النواب، في حين أكَّدت على ضرورة "توسيع إطار تطبيق خطواتٍ مماثلةٍ في كافة البرلمانات العربيّة، وإصدار البرلمانات ومجالس التشريع العربيّة تشريعات تمنع وتجرّم التطبيع".

وختم المجموعات بيانها بالقول "برغم تطبيع بعض الأنظمة الاستبدادية العربيّة، وتماهيها دون أقنعة مع المخطط الصهيوني الأمريكي الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية، ورغم أبواق إعلامها المهيمن والمُغرض، ستبقي شعوب المنطقة العربية شعلة عالية في النضال ضد الاستعمار الصهيوني وضد التطبيع معه، بموازاة شعلة نضالاتها من أجل العدالة الاجتماعية - الاقتصادية والحقوق والحريات والكرامة. ومن هنا نجدّد تحيّتنا وتقديرنا للمنسحبين/ات، ولكافة الشعوب العربية الثابتة على دعمها للقضية الفلسطينية والتصدّي لكافة أشكال التطبيع والمُستمرة".

رغم ذلك، زعم مسؤول صهيوني كبير، الأربعاء 17 أبريل، أنه "على الرغم من التقارير التي تفيد بأن ممثلين إسرائيليين ألغوا مشاركتهم في مؤتمر ريادة الأعمال في البحرين، فقد حضر وفد ضم مجموعة من مسؤولي وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى المنامة وعقدوا سلسلة من الاجتماعات على هامش المؤتمر"، على حد زعمه.

ويوظّف العدو الصهيونيّ التطبيع أداةً بالغة الأهمية من أجل فكّ عزلته المُتصاعدة عالميًّا، وسعيًا إلى تبديل صورته في عيون العرب على أنّه ليس عدوّهم الأوّل. ولكنّه، على الرغم من هذه المحاولات، ورغم نجاحه في التطبيع مع هذا النظام العربيّ أو ذاك، فقد عجز عن تلميع صورته في أذهان شعوب منطقتنا التي ما تزال، تعتبره عدوّها الأوّل.

ويأتي تراجع الوفد الصهيوني عن المُشاركة في المؤتمر بعد ضغط حركات المقاطعة، وفي أعقاب استنكارٍ شعبيٍّ عربيٍّ وبحرينيّ، ما يُثبت أنّ التحرك العربيّ الوطنيّ المشترك حيُّ وممكنٌ وقادرٌ على النجاح، ويُعتبر ذلك إنجازًا جديدًا لحركات المُقاطعة في الوطن العربيّ.