في كل مرة نصدم فيها برحيل قائد ومناضل، نعود ونتذكر، أن من أسسوا الثورة والهوية، وفكرة التحرير، قد مات الكثير منهم، لكن الثورة والهوية والفكرة باقية ما بقي الشعب الفلسطيني.
حملنا الرواد المؤسسون على الأكتاف، ورافقناهم وتبعنا خطاهم، بإيمانٍ عميق، وحب وإعجاب لكنهم رحلوا واحدًا تلو الآخر ، من ذلك الجيل، يحتضنهم التراب، وتحتضنهم الأجيال، فإن رحل الكبار، فإن الصغار لا ينسون.
لم ينته عزاء القائد الجبهاوي الوطني أبو صالح القطاوي، حتى أقيم بيت عزاء آخر، للرفيق والصديق العزيز والأخ القائد الجبهاوي صلاح محمد. هي الأشجار هكذا تسقط أوراقها في الخريف، حيث يظن الناظر إليها، أنها يبسة، وانتهت دورتها في الحياة، فما هي إلا أسابيع، حتى يسقط المطر، ويتلوه الربيع، فتظهر أوراق الشجر من جديد لأن جذورها في الأرض. صلاح محمد ينتمي إلى نوعٍ من الرجال، الذين آمنوا بعمق الانتماء للثورة، فحمل السلاح في الأردن، وفي لبنان، وتنقل بين المسؤوليات التنظيمية والسياسية، وفي كل مكان ذهب إليه، كان ذلك الرفيق المناضل الصادق، الطيب، صاحب القيم والأخلاق الرفيعة، هو هو بذات السجايا والخصال.
توفي والده وهو صغيرًا، وهو وحيد والدته من الذكور، لكن خوف والدته وأخواته عليه، لم يترك لديه أي مجال للتردد في الاستجابة لنداء الثورة.
يرحل أبو محمد بهدوء يعبر عن شخصيته، ليضيف إلى ما تركه أبناء جيله، شمعة أخرى تضيء الطريق في زمن العتمة الحالكة.
إن أخذ أبو محمد دوره في طابور الراحلين، فإن الأفكار والأهداف التي ناضل من أجلها، لم ترحل، ولن ترحل، إلا بتحقيق ما مضى من أجله.