تعمل السعودية على عقد قمة عربية وأخرى خليجية، والهدف الرئيسي منهما هو بحث الهجمات التي تعرضت لها سفن إماراتية ومصالح نفطية سعودية مؤخرًا، وفي ذلك تحاول السعودية تجديد وتوسيع الغطاء العربي لعدوانها على الشعب اليمني الشقيق، أو استعدادها للمساهمة في التحشيد الأمريكي الصهيوني ضد الجمهورية الإيرانية.
ألقت السعودية مئات آلاف الأطنان من القذائف والقنابل على رؤوس اليمنيين في كل عام منذ بداية حربها عليهم، قتلت منهم مئات الآلاف، وحاصرتهم لتلحق بهم المجاعات والأوبئة، ودمرت مدنهم، كل هذا في ظل صمتٍ عربيّ استفاد منه حكامُ السعودية ودول التحالف المعادي للشعب اليمني، ويسعون الآن لاستثماره كي يتطور لغطاءٍ عربي شامل للعدوان، وربما مساهمة فيه.
تكشف الأزمة اليمنية العوار الكبير في النظام الرسمي العربي، وكذلك تكشف استمراء العجز من قبل القوى الحزبية والقيادات الجماهيرية، التي تقاعست وبشكل واضح عن تشكيل مناصرة حقيقية للشعب اليمني طيلة هذه الأعوام، فيما استفادت قوى العدوان من قدرة نظم القهر المتحالفة معها على إخضاع الشعوب العربية، وقتل الحياة السياسية، وتغييب الشارع العربي على امتداده الكبير، إذ بتنا أمام صحراء كبيرة من الصمت، الصمت على مساعي تصفية القضية الفلسطينية، وعلى المجزرة المستمرة بحق اليمنيين، وعلى فتح أبواب الدول العربية أمام الهيمنة الصهيونية.
جزء أساسي من أسباب هذا التراجع في القدرة الجماهيرية العربية، يعود لضراوة الخصم، ودرجة التنسيق الكبيرة بين أنظمة القمع، ولكن جزءًا أساسيًا أيضًا يعود للارتدادات الخطيرة التي قامت بها الكثير من القوى العربية لمنظورها ال قطر ي الضيق، على حساب الإدراك الضروري لوحدة قضايا ومصير هذه الأمة العربية، بل وحدة قضايا ومصير الشعوب في مواجهة المنظومة الإمبريالية.
إن مواجهة صفقة القرن تبدأ بمواجهة الغارات السعودية التي تقتل اليمنيين، وإن مواجهة هذه الغارات تبدأ أيضًا بمواجهة المستوطنين المعتدين في القدس العربية المحتلة، وهذا لا ينفصل بدوره عن نضالات العمال والطلبة وغيرهم في تونس ضد التطبيع، أو حشودات الأردنيين الأحرار في مواجهة صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني، هذا الاتصال والدعم المتبادل بين قضايانا ولأجل حقوقنا جميعًا هو سلم نجاتنا، وأداتنا الأبرز وسلاحنا الأمضى في مواجهة التصعيد المستمر في الهجمة على حقنا في وجود حر وكريم في هذه المنطقة من العالم.
إنّ مجرد البقاء ليس هدفًا لتضحي لأجله الشعوب، لم يكن كذلك ولن يكون، بل إن الهدف هو تحقيق الحرية والاستقلال وبناء مستقبل فيه حياة كريمة لجميع شعوبنا في هذه المنطقة، وهو ما يتطلب أولًا وضع رؤية موحدة من قبل القوى المعنية بذلك، وصياغة عناوين نضالية مشتركة يعمل لأجلها الجميع وتتكاثف وتتقاطع لتحقيقها الجهود.