Menu

خطة ترمب.. من السلام إلى الازدهار (ج3)

حاتم استانبولي

ترامب.jpg

تتناول الخطة الترامبية عناوين: رؤية السلام بين دولة اسرائيل والفلسطينيون ودول المنطقة، وتحت هذا العنوان يعيد ليؤكد (تكرار) أن الرؤية المنهجية ستكون بروحية قرار 242 الذي تطرقت له في الجزء الثاني. ويشير إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ليست ملزمة قانونيًا بإعادة 100% من الأراضي التي احتلت عام 1967 (ويعتقد أن هذه الخطة تتوافق مع قرار 242 وتفسيراته التي اختلف عليها من حيث أراضي أو الأراضي التي احتلت، أي أن عدم تعريف الأراضي هو المدخل القانوني للولايات المتحدة وإسرائيل بعدم انسحابها من الأراضي التي احتلت عام 1967 100%، هذا تفسيري للمعنى القانوني المذكور، وهو غير وارد في الوثيقة لذلك وضعته بين قوسين ليفهم القارئ ما المقصود بالمعنى القانوني). وبناء على هذا فإن مفهوم تبادل الأراضي بين قرى المثلث والتي كانت ضمن خط الهدنة عام 1949 وبعض أراضي أخرى متناثرة في قطاع غزة مقابل المستعمرات في الضفة، هذا التبادل تعتبره الخطة يحقق إعادة 97% من حجم الأراضي التي احتلت عام 1967، وتتحدث عن أن فرض سيادة إسرائيل على المستعمرات وإعادة قرى المثلث إلى الفلسطينيين (الدولة الفلسطينية المقترحة) سيخلق حالة من التناثر السكاني وأطلق عليها جيوب سكانية يهودية وفلسطينية. والمدقق في الخريطة للدولة الفلسطينية المقترحة يجد أن معظمها هي جيوب تفصلها مستعمرات ولتحقيق الترابط بين الجيوب الفلسطينية فيما بينها والإسرائيليىة مع الدولة اليهودية؛ سيكون عبر سلسلة من الطرق والأنفاق والجسور التي ستكون بالمطلق تحت السيادة الأمنية الاسرائيلية، وسيتم إنشاء نفق يربط غزة بالضفة تحت الأراضي السيادية الإسرائيلية. ويطرح خيار للفلسطينيين والإسرائيليين بحرية تحديد مواطنيتهم في الدولة التي يختارونها ( وبرأيي هذا موجه بالتحديد لقرى المثلث وأبناء القدس ).

أما الإسرائيليون في الجيوب الاستعمارية سيخضعوا لدولة إسرائيل وإدارتها المدنية وحمايتها الامنية، وحول غور الاردن فيعاد التأكيد الحاسم على ضمه للسيادة الإسرائيلية وستحل مشكلة الأراضي المزروعة للفلسطينيين بعقود إيجار تصدر من الإدارة المدنية الاسرائيلية. ويعاد مرة أخرى تكرار التأكيد على السيادة الإسرائيلية على المياه الإقليمية وعلى اتصال الدولة الفلسطينية مع المملكة الأردنية الهاشمية من خلال طريقين سريعين تصلهم بالحدود للتنقل بالاتجاهين، والدخول إلى الدولة الفلسطينية سيخضع لقانون الهجرة الفلسطيني الجديد.

وتشير الخطة إلى ضرورة أن توقع إسرائيل والدولة الفلسطينية اتفاقية تسمح بحرية الوصول إلى الأماكن الدينية للصلاة، وتحدد قائمة بهذه الأماكن ما بين الطرفين. كما تطرح ضرورة إنشاء صندوق دولي لتطوير مناطق الأراضي المخصصة لدولة فلسطين من أجل إنشاء وتحسين البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور والأنفاق المقترحة بهذه الخطة. وهذا الجزء يطرح عنوان القدس، ولكن من المنظور التاريخي لأهميتها للأديان ويستند إلى التسلسل الزمني لهذه الأديان في إشارة لأولوية وأهمية القدس للديانة اليهودية وكذلك للمسيحية والإسلام (هذا البند مصاغ ليس للفلسطينيين وإنما للذين يعتقدون بأهمية الرواية الدينية إن كانوا يهود أو مسيحيون يؤمنون بالفكرة الانبعاثية الانجيليين والمسيحيون الجدد والصهيونيون من خارج الديانات). وفي نهاية الشرح يؤكد على أهمية وحدة المدينة والسيادة الإسرائيلية وقرار الكونغرس الأمريكي في أواسط التسعينات باعتبارها عاصمة للدولة اليهودية، ولحل إشكالية العاصمتين تشير الخطة أن حدود محافظة القدس قد توسعت وأصبحت تضم قرى وأراضي لم تكن ضمنها عام 1967، ولذلك فإن الفلسطينيون يستطيعوا أن يختاروا عاصمتهم في إطار محافظة القدس وتحديدًا شمالها وشرقها في كفر عقاب وشعفاط وأبو ديس، وهذا يعني ضمن أراضي احتلت عام 1967 ولكن خارج مدينة القدس بحدود الرابع من حزيران. وتصبح القدس كمحافظة تجمع عاصمة للفلسطينيين في المكان الذي اختاروه، و Jerusalem الموحدة عاصمة لإسرائيل (وهنا يتوضح التلاعب بالأسماء للقدس كما وردت في الرواية الدينية للأديان في تسميتها القدس و جيروزاليم)، وبهذا الحل تكون قد تحققت الرغبة الفلسطينية والإسرائيلية. والخطة لا تشير إلى أية وصاية هاشمية أردنية للأماكن المقدسة، وحددت خيارات للفلسطينيين داخل السيادة الإسرائيلية أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين أو مواطنين الدولة الفلسطينية أو الاحتفاظ بوضعهم كمقيمين دائمين في إسرائيل، وسيمنح للسكان مزايا المواطنة التي يختارونها وكذلك المقيمين، وطرح مفهوم وخيار جديد أن لبعض العرب الفلسطينييون الذين يرغبون في أن يكونوا مواطنين غير فلسطينيين أو إسرائيليين سيتم احترام خيارهم (لم يحدد المقصود بالدول، ولكن يبدو للذين يحملون جنسيات أوروبية أو أمريكية).

 وتحت عنوان السياحة وأهميتها تتطرق الخطة إلى أهمية وجود اتفاق يشترط إصدار رخص المرشدين السياحيين وأهمية تطوير الأماكن السياحية الدينية، وتحدد صيغ لتطوير البنى التحتية من مطاعم ومحلات تجارية وفنادق ومراكز ثقافية، بما فيها تطوير الأضرحة الإسلامية، وبما يراعي عدم الانتقاص من سيادة دولة إسرائيل أو حاجياتها الأمنية. وتقترح الخطة إنشاء هيئة مشتركة لتطوير القدس (JTDA) وسيتم العمل مع الأردن من أجل التعاون السياحي الإقليمي. ويعاد التكرار في الخطة أن القدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل ويجب الاعتراف دوليًا بها، وممكن أن يسموا الفلسطينيون عاصمتهم القدس أو أي اسم يريدونه، وستقيم الولايات المتحدة سفارة تختار مكانها في العاصمة الفلسطينية. وتسهب الخطة في عرض فوائدها الاقتصادية؛ بتوفير فرص عمل واستثمارات وعوائدها على الاقتصاد الفلسطيني ومساعدته في تهيئته لينخرط بالمنظومة الاقتصادية الإقليمية والدولية، وأهمية تعاونها مع الأردن و مصر ولبنان، وتعيد وتطرح رأس المال المخصص ( 50 مليار على مدى عشرة سنوات)، والاستثمارات تتطلب إقرار منظومة سياسية وقانونية ومالية تتمتع بالشفافية وقادرة على حماية الاستثمارات وتطويرها.

اقرأ ايضا: قراءة أوّلية في إعلان خطة التصفية الصهيونية بحلتها الترامبية!

 أما تحت عنوان الأمن؛ تعيد الخطة تأكيد الحاجيات الأمنية لدولة إسرائيل وتضيف إليها ضرورة إنشاء هيئة أمنية مع الأردن ومصر والدولة الفلسطينية، وفي الإطار الإقليمي يضاف إليها السعودية والإمارات لمواجهة التحديات الإرهابية للمنظمات كحزب الله والدول كإيران، وهذا يتطلب من هذه الدول تخصيص مبالغ مالية لمواجهة التحديات الأمنية وتعفى الدولة الفلسطينية منها لكون إسرائيل تتكفل بحمايتها الأمنية الخارجية، ولكي توظف هذه الأموال للتنمية الداخلية، وتشير إلى أن مهمة الدفاع الخارجي للدولة الفلسطينية تكون مسؤولية إسرائيلية في حين الفلسطينيون مسؤولون عن الأمن الداخلي لدولتهم (الملحق رقم 2 B يحدد تحديد المعايير الأمنية للدولة الفلسطينية) ستعمل الولايات المتحدة وإسرائيل على تأهيل قوات الأمن الفلسطينية للتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية للدولتين، أي إسرائيل والولايات المتحدة)، بما يحقق أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح بالكامل، وتظل كذلك كما هو موضح بالملحق 2C , وتشترط فقط أن تكون لدولة فلسطين قوات أمنية داخلية لمنع الهجمات الإرهابية على دولة فلسطين ودولة إسرائيل والأردن ومصر، وهذا يتطلب توقيع بروتوكولات مرفقة بالرؤية تحكم العلاقة الأمنية ما بين الدول؛ إسرائيل والدولة الفلسطينية والأردن ومصر.

ستشرف إسرائيل على الأمن الفلسطيني وسيتم نقله بالكامل للأمن الداخلي للفلسطينيين بشكل تدريجي، من خلال البدء بمنطقة تجريبية، وإذا ما نجحت قوى الأمن الداخلي بالتجربة، سيتم تعميمها على بقية المناطق الدولة الفلسطينية، وستعين لجنة ثلاثية إسرائيلية أمريكية فلسطينية، تجتمع كل 6 أشهر لتقييم دور القوى الأمنية الفلسطينية والوضع الأمني. توصي الولايات المتحدة تشكيل لجنة أمنية إقليمية (RSC) من الدول الاربعة بالإضافة إلى الإمارات والسعودية. تحتفظ إسرائيل بمحطة إنذار داخل الدولة الفلسطينية, وستسير دوريات لمراقبة أراضي الدولة الفلسطينية وستحتفظ بحقها في إصدار رخص البناء القريبة (داخل الأراضي الفلسطينية) من الحدود بين الدولتين وخاصة في القدس. وبالتعاون مع الأردن ومصر والدولة الفلسطينية وبإشراف الولايات المتحدة ستتم وضع الآليات والتعليمات والاستفادة من التجربة المصرية والأردنية في مرور الافراد والبضائع عبر الممرات البرية والموانئ وطرق نقلها وتخزينها والتدقيق في المواد ذات الاستخدام المزدوج، وأهمية تشكيل لجان من الدول الأربعة للإشراف على الممرات البرية بلباس مدني، بحيث لا يتم تعريف هوية الأشخاص الأمنيين أو الجمركيين لأي دولة ينتمون. سيسمح بعد خمسة سنوات إنشاء ميناء عائم ومطار للطائرات الصغيرة، ويتم الإشراف والعمل فيها بما لا يتعارض مع أمن دولة اسرائيل وسيادتها البحرية والجوية.

اقرأ ايضا: ما هي خطة ترامب.. من السلام إلى الإزدهار (ج1)

 من الواضح في الخطة الترامبية إنها تريد أن تنشئ منظومة أمنية في إطار ثلاث حلقات:-

1. داخلية في الدولة الفلسطينية. 

اقرأ ايضا: خطة ترمب.. من السلام إلى الازدهار (ج2)

2. مع الجوار بين إسرائيل والأردن ومصر وبإشراف ومشاركة أمريكية.

3. وإقليمية بين إسرائيل والولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر والأردن والدولة الفلسطينية.

ومن الواضح أيضًا أن العمود الفقري للخطة يقوم على عامل الأمن لدولة إسرائيل اليهودية، وكل العناوين إن كانت بتبادل الأراضي أو ضم غور الأردن أو إنشاء الطرق والجسور والأنفاق، أو في التدخل في النظام التعليمي (المنهج التعليمي الفلسطيني)، أو في السياسة الإعلامية لوسائل الإعلام، أو في الإشراف على البضائع ونقلها وتحزينها، أو تأكيد أن حل النزاعات يكون من خلال النظام القضائي الإسرائيلي، أو تأكيدها على نزع وجمع السلاح الفلسطيني (سلاح الفلسطينيون ومنظماتهم (الإرهابية) وخاصة في غزة التي توضح معاييرها في الخطة) من خلال سلطة موثوقة تعتمدها إسرائيل والولايات المتحدة، أو دمج الدولة بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية، وإعطاء دور للأردن ومصر في تدريب وإعداد أفراد أجهزة الأمن الداخلي ودمج الفلسطينيون في المنظومة الأمنية الإقليمية. كل هذه القيود الأمنية ومتطلباتها هي شرط مسبق لاعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية وشرط لدعمها وإعادة فتح مكتبها في نيويورك وهنا يجدر التأكيد أن الخطة لم تتطرق إلى مفهوم التبادل الدبلوماسي مع الدولة الفلسطينية، بل تطرقت إلى إقامة علاقات خارجية، بما فيها العلاقة مع واشنطن، لم توضحها بشكل رسمي على إنها علاقة مع دولتين، بل من خلال ما أطلق عنه مكاتب تمثيلية .