Menu

الحرب على سورية بين المؤامرة والتغيير

حاتم استانبولي

سأل أحد كتَّاب الأعمدة في صحيفة الغد الأردنية إذا ما كانت الحرب على سورية ومع سوريا هي مؤامرة صهيونية؟ الجواب له ولغيره. الحرب من حيث الشكل أخذت بعدين: الحرب مع سورية عنوانها إسرائيل وحلفائها الإقليميين والدوليين، وهذه الحرب عناوينها سياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية؛ الحرب على سورية عنوانها كان يتعلق بهوية سورية الوطنية التحررية ودورها العروبي، وهذه الحرب كانت أدواتها داخلية سورية وعربية، اجتمعت فيها مكونات بأبعاد ثقافية وأيديولوجية متناقضة ومتعارضة وعبرت عن نفسها بتحالف دول مع قوى وتنظيمات إرهابية من منابت فكرية مختلفة، جمعت الدول الليبرالية مع نظم ملكية فردية وعائلية وجمهورية تحمل لواء الديمقراطية الغربية وعقدت مؤتمرات عدة بدأ من مؤتمر أصدقاء سورية في تونس، الذي انتقل انعقاده سنويًا لعدة عواصم عربية وأوروبية. هذه المؤتمرات التي شرعت تدمير الدولة السورية عبر الطرق الحربية المسلحة وشرّعت دفع الأموال من أجل تفكيك الجيش الوطني العروبي السوري، وقدمت مئات المليارات من أجل إسقاط الدولة السورية (اعترافات حمد بن جاسم رئيس ووزير خارجية قطر في مقابلته مع ال (BBC. كل هذا تم برعاية ودعم وتمويل أمريكي إسرائيلي (قرار البيت الأبيض دعم المجموعات المسلحة 600 مليون دولار وزيارة السناتور الأمريكي ماكين للشمال السوري ودعمه المعلن للمجموعات الإرهابية المسلحة، الذي دخل تهريبًا عبر الحدود التركية، وتوجت الحرب على سورية عربيًا عندما طردت بقرار مجحف من الجامعة العربية واستبدل مندوبها بمندوب المجموعات المسلحة، هذا كله يطرح عدة أسئلة للصحفي ماهر ابو طير، آمل أن يرد عليها:

1.         هل طريقة تغيير الحكم وإسقاط الدولة السورية تقبلها أن تكون أسلوبًا للمعارضة الأردنية أو المعارضات العربية في دولها؟

2.         هل تقبل أن يكون الدين والمذهب هو عنوان التغيير؟

3.         هل تقبل استحضار كل المكونات من تنظيمات وأفراد على أساس الفكر الديني والمذهبي من أجل تغيير النظام والحكم في الأردن أو السعودية وقطر والإمارات وعمان ومصر؟

4.         هل تقبل أن يتم قصف مواقع بالأردن من قبل الطائرات الإسرائيلية بحجة أن هنالك قوى وعناصر إرهابية معادية لإسرائيل؟

5.         هل تقبل بفرض عقوبات اقتصادية مالية على الأردن بسبب مواقفها السياسية من القضية الفلسطينية؟

6.         ما هو موقفك من القبعات البيضاء التي استقدمتهم إسرائيل من الجنوب السوري وهربتهم إلى الأردن؟

7.         ماذا تسمي الرعاية للمجموعات المسلحة في مستشفيات الجيش الإسرائيلي؟

8.         ماذا تسمي قصف المواقع السورية في الجنوب السوري من قبل إسرائيل في 2012 و2013 و2014 و2015 دعمًا للمجموعات الإرهابية المسلحة وقبل التدخل الروسي وحزب الله و إيران المعلنة أهدافه في حماية الدولة السورية؟

9.         هل تقبل أن تعلن حربًا طائفية ومذهبية في الأردن عنوان مقالك يحمل هذا البعد المذهبي بجوهر سياسي؟

10.       لماذا لا تقبل الدول الغربية وأمريكا أن يكون الدين عنوانًا سياسيًا داخليًا، بل تمنع دساتيرها استخدام الدين لأهداف سياسية في حين تدعم بالأموال السلاح الحروب المذهبية والطائفية في سوريا و ليبيا وقتل الشعب اليمني؟

سورية قبل الحرب معها وعليها كانت صفر ديون واكتفاء ذاتي وتعليم وصحة مجانية وقدمت مساعدات غذائية ومائية للأردن، وكانت نموذجًا اقتصاديًا يناقض نموذج البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وبقيت الدولة الوحيدة عربيًا تقارع إسرائيل واتفاقيات وادي عربة وكامب ديفيد وأوسلو. سورية كانت دائمًا مفتوحة لمساعدة الشعوب العربية، ولم تشهد أن أغلقت أبوابها في وجه الوطنيين من المحيط إلى الخليج.. المؤامرة الصهيونية لها تجليات داخلية من خلال قوى الدين السياسي من قاعدة وإخوان وداعش وتفريخاتها... وإقليمية من خلال جامعة الدول العربية التي استخدمت أول مرة كأداة لمحاربة النظام الوطني في سورية، وشرعت الحرب عليه، وعلى الشعب اليمني، ومزقت ليبيا... ودولية من خلال العقوبات الاقتصادية والمالية هذه العقوبات التي سبقت الحرب عليها ومعها لعشرات السنوات. هذه عناوين الحرب الصهيونية على سورية، هي ليست مؤامرة هي حرب معلنة منذ عشرات السنين، لكن الحرب الدائرة الآن، هي حرب جمعية داخلية وإقليمية ودولية.

سؤال للذين ما زالوا يتحدثون عن الثورة السورية: تدمير قوى الدفاع الجوي وحقول النفط والسكك الحديدية وسرقة المصانع، ما الذي يربطه بعنوان الثورة التي روج له خليجيًا من نظم لا تقيم أي احترام لشعوبها تسحب جنسيات مواطنيها، وتعلن عن تحالفها مع أمريكا وإسرائيل؟ ألا يستوقف الصحفي أبو طير أن كل الذين يحاربون سورية أعلنوا عن علاقاتهم وتحالفهم مع إسرائيل، وبالأصل هم اتباع لواشنطن منهم من يدفع لها الخاوات ومنهم من يعتاش على مساعداتها؟

 أما المدخل الإنساني الذي تريد توظيفه كنت ممكن أن أتفهمه لو إنك سبق أن كتبت عن الجرائم الإنسانية في اليمن التي تقترفها قوى العدوان للتحالف العربي ضد اليمن، هذا التحالف الذي لم نشهده من أجل فلسطين.

شيعة الرئيس بشار الأسد هي تشييعًا لعروبته ووطنيته ودوره الدستوري كرئيس في حماية شعبه من المجموعات الإجرامية التي استهدفت جيش سورية وإمكانياتها الدفاعية والاقتصادية والبشرية.. ولا أتمنى أن يشرع أسلوب المجموعات المسلحة التي على ما يبدو تشرعها في مقالك من أجل التغيير للأردن أو أي دولة عربية أخرى.

التغيير هو عبر طرق وطنية ديمقراطية وعبر وسائل ديمقراطية لا تستخدم فيها العقائد الدينية التي لا يمكن أن تكون معيارًا للمحاسبة الدنيوية، بل هي حق إلهي لا شريك لأي كان فيه.

المعايير القانونية الإنسانية يحكمها القانون الإنساني المدني الذي يجب أن يطبق على الجميع ليحفظ العدالة الاجتماعية عبر المساواة في الحقوق والواجبات من خلال توسيع المشاركة في الحياة السياسية .