Menu

صفحة من تاريخ الشر

جمال فهمي

 

 

اتصالا بسطور أمس، ربما يسأل البعض (استهبالا طبعا) إن كانت «وثيقة العار والدم» التى أصدرها قبل أيام هذا الشىء المسمى «الهيئة الشرعية للإخوان» وكشفت للمرة المليون حقيقة العصابة وطبيعتها (وأمثالها) المستعصية على أى إصلاح أو تهذيب، إذ إن العنف والظلام راقد ومعشش فى صلب تكوينها.. هل هى فريدة فى نوعها؟!

فى صفحات التاريخ القريب والبعيد، فضلًا عن الواقع الراهن، ألف دليل على الأقل يثبت أن الشذوذ والجنون الإجرامى ليس مستجدا ولا طارئا على هذه العصابة، وإنما يرافقها منذ مولدها، وأكتفى هنا بالإشارة إلى «وثيقة» مشابهة للوثيقة التى تناولتها أمس، وإن كانت تبدو أكثر وأبلغ تعبيرًا عن نوع الخطر والشرور الساكنة فى رؤوس هذا النوع من العصابات.

الوثيقة آنفة الذكر نشرتها هذه الصحيفة من نحو عامين ونصف العام ممهورة بتوقيع (بخط اليد) لاثنين من القادة البارزين فى العصابة منهم الشيخ عبد الرحمن البر مُنظرها وعضو مكتب إرشادها، وقد أعدها ضمن خطة تثقيف (أو بالأحرى تشويه أدمغة وأرواح) المنتسبين لها.. وسأترككم حالا لمقتطفات ونماذج من الفحش المخيف الذى جاء فيها، مثل:

■ «… الإسلام المنقوص، هو إسلام العامة فى مصر، وهو ليس الدين الذى نتعبد به لله..».

■ «… التوحيد الخالص لله فى مصر، بل فى العالم الإسلامى كله أصبح فيه دَخَن (أى دخان وخبائث وعكارة) ولم يسلم من هذا الدخن إلا من رحم ربى ممن يعملون معكم (أعضاء التنظيم الإخوانى) لإقامة حكم الله فى الأرض، ويكفى أنكم تسيرون على خطى الشهيدين حسن البنا وسيد قطب، فمن سار معنا ومعكم على نهجهما فهو من المسلمين أصحاب المنهج الحق، ومن خالفهما فهو من المستسلمين.. والمستسلم هو من أسلم وجهه (ليس لله وإنما) للناس فأخذ منهم علمانية أو ليبرالية أو مناهج أرضية ما أنزل الله بها من سلطان»!

■ «.. الوثنية دبت أقدامها فى بلاد المسلمين (وهى) وثنية ليست كوثنية القرون الجاهلية ولكنها أشد وأكثر خطرًا، لأنها ارتدت ثوب الإسلام فعميت على الناس ومن فرط انتشارها أصبحت عيوننا لا تقع إلا على صنم قد هام فى صنم، وقد تسلل الشرك الخفى فى قلوب المسلمين (هكذا)، وملأت مظاهر الشرك بالله الحياة السياسية، ومهمتنا الكبرى هى محاربتها ومواجهة أنصارها من العلمانيين والليبراليين والاشتراكيين وأصحاب المناهج الأرضية، هؤلاء هم أنصار الطاغوت (الذين) لم يقفوا عند حد رفض حكم الإسلام (أى حكم الجماعة) ولكنهم حاربوه وحاولوا بشتى الطرق خلعه من قلوبنا ليسهل لهم خلعه من بلاد المسلمين..»!!

انتهت الاقتباسات من «الوثيقة» إياها التى قابلها قادة إخوان الشر وقتها بصمت وخرس تام ولم ينطق واحد منهم بأى تعليق عليها، رغم الفضيحة المدوية، غير أن هذا الخرس نفسه بدد أى شك فى صحتها، وانطبقت على حالتهم القاعدة الأصولية التى تقضى بأن الكلام عندما يكون واجبًا ولازمًا فإن «الصمت إقرار واعتراف».

المصدر: جريدة التحرير