Menu

ما عجزت الإدارات الأمريكية عن تحقيقه بالحرب والإرهاب في سورية لن تتمكن من تحقيقه عبر "قانون قيصر" 

عليان عليان

خاص بوابة الهدف

الحصار  المفروض على سورية، لم يبدأ بتطبيق "قانون قيصر" في السابع عشر من شهر حزيران الجاري، بل بدأ منذ مطلع الألفية الراهنة، وتصاعد بشكل كبير منذ اللحظة التي بدأ فيها العدوان الصهيو أميركي الرجعي التكفيري على سورية عام 2011، وذلك بغطاء من الجامعة العربية ووزراء الخارجية العرب، عندما أعلنوا بتاريخ  12 تشرين ثاني/نوفمبر 2011 سحب السفراء العرب من دمشق، وتجميد عضوية سورية في الجامعة العربية وفي جميع المنظمات التابعة لها. وهذا الحصار تم ولا يزال بالتوازي مع العدوان العسكري الإرهابي والتكفيري الذي جرى تمويله بشكل رئيسي من قبل كل من الولايات المتحدة والسعودية و قطر ، ويمكننا القول بأن الحصار شأنه شأن العدوان العسكري أخذ طابعاً كونياً، باستثناء منظومة دول البريكس وعلى رأسها روسيا والصين، إضافة إلى إيران - الحليف الاستراتيجي  لسورية-

تجدر الإشارة هنا، إلى أن الولايات المتحدة تمنع منذ زمن بعيد التعامل التجاري مع سورية، سواء على صعيد  التصدير أو الاستيراد، ولا تسمح بالاستثمار فيها، حيث حذت الدول الأوربية حذوها بعد بدء العدوان على سورية عام 2011، يضاف إلى ذلك أنها تضغط على دول الجوار، وخاصةً الأردن ولبنان، لتشديد الحصار على سورية، وفي الذاكرة اللقاء الذي جمع الملحق التجاري في السفارة الأمريكية بالأردن، بكبار التجار ورجال الأعمال الأردنيين  غداة فتح الحدود  مع سورية والذي حذرهم فيه من مغبة التعامل التجاري مع سورية وتحت طائلة العقوبات.

وفي ضوء هذا الحصار المبكر، فقد أعلنت دمشق مبكراً، وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها بأن سورية غير معنية بالتعامل الاقتصادي مع الغرب، وأنها منفتحة على فضاء اقتصادي جيوسياسي آخر ، ممثلاً بمنظومة " البريكس" وإيران. وبهذا الصدد نذكر بما قاله وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحفي بتاريخ 22 حزيران/ يونيو 2011: "لقد جمدنا حوارنا من أجل الشراكة الأوروبية، وسننسى أن هنالك أوروبا على الخارطة، وسنتجه شرقاً وجنوباً ولكل تجاه يمد يده إلى سورية، فالعالم ليس أوروبا فقط، وسورية ستصمد كما صمدت منذ 2003، وكما كسرت العزلة آنذاك قادرة على تخطي هذا الوضع".

كما دعا المعلم في ذات المؤتمر الصحفي أوروبا "إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لسورية، معتبراً أن العقوبات الغربية على سوريا توازي الحرب، وطالب فرنسا بالتوقف عن سياستها الاستعمارية، وقال إنه سيوصي بتجميد عضوية بلاده في الاتحاد من أجل المتوسط".

لماذا قانون قيصر؟

والسؤال هنا: ما الذي دفع بالإدارة الأمريكية إلى سن قانون العقوبات الجديد الذي يحمل اسم العميل السوري لأمريكا الذي قدم آلاف الصور لأناس عذبوا على أيدي الفصائل الارهابية، ونسبها إلى أجهزة الحكومة السورية؟ 

الجواب على هذا السؤال، يكمن فيما يلي:

أولاً: أنه رغم صرف كل من السعودية وقطر (138) مليار دولار على الفصائل التكفيرية التي أسستها ودعمتها - وذلك وفق مقابلة سابقة لوزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم مع قناة أل (BBC) - ورغم أن الولايات المتحدة صرفت على دعم هذه الفصائل، بما يزيد عن (100) مليار دولار، إلا أن النظام المقاوم في سورية تمكن من تحرير (85) في المائة من مساحة سورية، بما فيها جميع المدن الرئيسية.

ثانياً: أن الإدارة الأمريكية –رغم كل ما تقدم – ورغم تمركز بعض قواتها في الشرق السوري، ورغم الدعم الصهيوني للفصائل التكفيرية بالسلاح وغيره، فشلت في تحقيق هدفها المعلن ألا وهو كسر شوكة النظام وإسقاطه.

ثالثاً: أن الإدارة الأمريكية تدرك جيداً، أن الحكومة السورية في سياق ترتيب الأولويات، تضع نصب عينيها، تحرير شمال وشمال شرق سورية من الوجود  العسكري الأمريكي الاحتلالي، وإنهاء تمرد الاتحاد الديمقراطي الكردستاني ومشروع الاستقلال الخاص به وبقوات "قسد" المدعومة أمريكياً، وهذا ما سبق وأن أكده الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد ووزير الخارجية السوري.

رابعاً: لأن النظام المقاوم في سورية، رغم العدوان الاستعماري الرجعي الكوني بشقيه العسكري والاقتصادي، صمد اقتصادياً بدعم غير محدود من إيران، فالليرة السورية لم تفقد قيمتها، والقطاعات الاقتصادية الخاضعة لسيطرة الدولة، ظلت تعمل بطاقتها المعتادة نسبياً، وإن كانت خدمات البنية التحتية في مجال الكهرباء والطاقة عموماً تأثرت بشكل كبير جراء سيطرة التكفيريين سابقاً، وقوات الاحتلال الأمريكية لاحقاً، على حقول الغاز والنفط الرئيسية في شمال وشمال شرق سورية، هذا كله ناهيك أن الدولة السورية، ظلت ملتزمة منذ عام 2011 بدفع رواتب العاملين في مختلف مؤسسات الدولة في نهاية كل شهر، بما فيهم الموظفين القاطنين في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الفصائل الإرهابية.

خامساً: لأن الإدارة الأمريكية، تدرك جيداً، أن انتصار محور المقاومة بشكل نهائي على المؤامرة في سورية، سيمكن هذا المحور من القيام بدوره المعلن في دعم النضال الفلسطيني وبشكل أكثر من السابق، ضد الوجود الاحتلالي الصهيوني، وفي إفشال المؤامرات التصفوية للقضية الفلسطينية، وعلى رأسها "صفقة القرن" الصهيو أميركية السعودية.
الرهان الأمريكي على العقوبات الراهنة

والآن تواجه سورية وعموم محور المقاومة، قانون جديد للعقوبات الذي لا يجوز التقليل من أخطاره، لعدة اعتبارات أبرزها: أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يلعب ورقته الأخيرة في سورية، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجرائها، بعد أن تضاءلت فرصه في الفوز إثر فشله الذريع في التعامل مع أزمة وباء كورونا "كوفيد 19"، وإثر الانتفاضة الملتهبة في أمريكا ضد العنصرية، وضد النظام العنصري النيوليبرالي في الولايات المتحدة. فالعقوبات التي تضمنها القانون، تشل يد القطاع المصرفي في الخارج، في تعامله مع المؤسسات الاقتصادية والتجارية السورية، وتشل يد الشركات والدول التي تجرؤ على إقامة علاقات اقتصادية مع سورية، خاصةً وأن هذه العقوبات تأتي مترافقةً مع سيطرة قوات الاحتلال الأمريكية، على معظم حقول النفط والغاز في الشرق السوري، وقيامها بسرقة (200) ألف برميل نفط يومياً، وآلاف الأطنان من  القطن، ناهيك عن قيامها بإحراق حقول القمح، ومنع المزارعين من بيع ما تبقى من محاصيلهم للدولة السورية. كما أن الإدارة الأمريكية تراهن أنها بهذه العقوبات وفق هذا القانون، قادرة على تحقيق ما فشلت في تحقيقه بالعدوان العسكري عبر أدواتها، اعتقاداً منها أن مفاعيل العقوبات على الشعب السوري وعلى لقمة عيشه، ستدفع الشعب للثورة على النظام، خاصةً في ضوء المعلومات التي تنشرها وكالات الأمم المتحدة بأن نسبة عالية من الشعب السوري تقف على حافة الجوع.

لقد تفاخر المبعوث الأميركي لسوريا "جيمس جيفري"، بأن بلاده هي من تسببت بانهيار قيمة العملة السورية، على ضوء الإجراءات العقابية التي اتخذتها الولايات المتحدة، ضمن قانون القيصر، وفرك يديه فرحاً، وهو يرى ارتفاع أسعار المواد التموينية والاستهلاكية، على نحو لا تقوى العديد من الفئات الاجتماعية على شرائها. وراح "جيفري" يطرح مساومات رخيصة على النظام في سورية مؤادها: "أن الإدارة الأمريكية، يمكن أن تقبل بعملية سياسية، لإنهاء الأزمة في سورية، تشارك بها المعارضة، دون أن تؤدي إلى تغيير النظام، وذلك ضمن شروط محددة أبرزها؛ عدم تأمين مأوى أو دعم  لفصائل المقاومة – التي ينعتها بالإرهابية - وعلى رأسها حزب الله، وعدم تأمين قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة"، وذلك في محاولة مكشوفة للتغطية على الهدف الرئيسي الاستراتيجي الأمريكي، ألا وهو إسقاط النظام وتقسيم سورية على أسس طائفية وأثنية، وهو بهذا العرض المساوم والرخيص، يتراجع شكلياً عن تصريحه الأول،  الذي أشار فيه إلى أن الهدف من قانون قيصر هو إسقاط النظام، ويكشف كذب ومزاعم ما جاء في قانون قيصر بشأن الحرص حقوق الإنسان السوري.

وكان عليه أن يتذكر أن هذه المساومة الرخيصة، سبق وأن جاء بها موفدون أمريكيون إلى سورية، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "كولن باول" غداة الاحتلال الأمريكي للعاصمة العراقية بغداد عام 2003، وقوبلت بالرفض الحاسم من قبل القيادة السورية، لأن موقف دمشق من المقاومة اللبنانية والفلسطينية، ينطلق من قناعات قومية لا تخضع للمساومة، ولأن العلاقة التي تربط دمشق بطهران، منذ عهد الرئيس حافظ الأسد، اتخذت ولا تزال طابعاً استراتيجياً. وكان عليه أن يتذكر أيضاً، أن القيادة السورية ومنذ بداية الأزمة عام 2011، انهارت عليها العروض والإغراءات بعشرات المليارات من الدولارات من دول النفط الخليجية، لإنهاء الحرب العدوانية عليها، مقابل أن تتخلى عن تحالفها مع طهران، وأن تنسحب من محور المقاومة، لكنها رفضت هذه العروض والإغراءات، واختارت التصدي للمؤامرة وإفشالها.

حقائق موضوعية

ويبقى السؤال: هل بإمكان النظام المقاوم في سورية ومحور المقاومة عموماً، أن يفشل مفاعيل قانون قيصر؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، ينبغي التذكير بجملة من الحقائق أبرزها:

أولاً: أن محور المقاومة في كل مفاصله انتقل من حالة الدفاع إلى حالة الدفاع الهجومي، وأبرز مثال على ذلك ما يلي:

1- الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في معارك إدلب، والتي كان بالإمكان أن تحسم موضوع تحرير محافظة إدلب بشكل كامل، من سيطرة الاحتلال التركي وفصائل الإرهاب، خاصةً بعد معركة سراقب الاستراتيجية، لولا  الحسابات السياسية في إدارة الصراع للحليف الروسي، وإعادته الاعتبار لاتفاق سوتشي.

2- تحدي إيران للإدارة الأمريكية وعقوباتها والذي تمثل بإسقاط قوات الحرس الثوري طائرة التجسس الأمريكية "غلوبال هوك"، وبالهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد، وإرسالها خمس ناقلات محملة بالبنزين لفنزويلا، رغم التهديدات الأمريكية بمنعها الوصول للشواطئ الفنزويلية. تبعها إرسال طائرات شحن محملة بالمواد الطبية والغذائية، وإعلانها مؤخراً أنها بصدد ارسال ثلاث ناقلات نفط "بنزين" إلى الموانئ الفنزويلية شهرياً.

3- تمكن حزب الله من تثبيت قواعد للردع في هذه المرحلة، لا يجرؤ العدو الصهيوني على تجاوزها، وتمكنه من الحصول على ترسانة هائلة من الصواريخ الدقيقة التي يمكن أن تدك أبعد مكان في عمق الكيان الصهيوني.

4- الانتصارات الهائلة التي يحققها الجيش اليمني وأنصار الله في اليمن، وحالة اليأس والإحباط التي تعيشها أطراف التحالف السعودي الصهيو أميركي، يضاف إلى ذلك أن قوى المقاومة العراقية "الحشد الشعبي" باتت تؤرق التواجد الاحتلالي الأمريكي بتهديداتها ببدء المعركة الاستراتيجية، لطرده من العراق، خاصةً بعد إقدام الإدارة الأمريكية على اغتيال القائدين الكبيرين الجنرال قاسم سليماني وأبو محمد المهندس، ما حدا بالإدارة الأمريكية لطلب إنجاز حوار مع الحكومة العراقية، للبحث في سبل الخروج من العراق بطريقة تحفظ ماء وجهها.

5- أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة رغم الحصار الظالم، باتت في كامل جهوزيتها للرد الصاع صاعين على أي عدوان إسرائيلي على القطاع، إذ لم يعد بوسع الكيان الصهيوني الدخول في معارك مع فصائل المقاومة لأكثر من يومين، ناهيك أن الضفة الغربية تختمر في داخلها مفاعيل انتفاضة جديدة.

ثانياً: وحدة محور المقاومة؛ فالدول والقوى المشكلة لمحور المقاومة، تعيش حالة وحدة وتلاحم استراتيجي، وسورية تشكل الحلقة المركزية في هذا المحور، والتي لا يسمح المحور بسقوطها، لأنه لو حصل ذلك يضرب في الصميم كافة حلقاته. 

ثالثاً: أن روسيا كانت ولا تزال تعتبر التصدي للمؤامرة على سورية مسألة أمن قومي لروسيا نفسها، ناهيك أنها ترتبط بعلاقات تحالفية واستراتيجية مع سورية، منذ عهد الاتحاد السوفييتي، وترى في سورية مدخلاً  لتعميق وجودها في المنطقة في مواجهة النفوذ الأمريكي.

رابعاً: أن الإدارة الأمريكية تعيش أزمة غير مسبوقة على الصعيدين الاقتصادي والداخلي، جراء فشلها الهائل في التصدي لأزمة وباء كورونا، وجراء  انكشاف وجهها القبيح في معالجتها لمسألة العنصرية، بعد مقتل الأمريكي الأفريقي جورج فلويد خنقاً، على يد ضابط شرطة أمريكي، إذ باتت تتخبط في مواجهة انتفاضة غير مسبوقة ضد النظام العنصري النيوليبرالي. وبالتالي، فإن طرحها "لقانون قيصر" يأتي في سياق الهروب للأمام، وبات العالم يتندر على حرصها المزعوم على حقوق الإنسان في سورية وهونج كونج، وهو يشاهد قوات الشرطة والحرس الوطني الأمريكي، تطارد المواطنين في مختلف المدن، وتتفنن في قمع المظاهرات وتعذيب وقتل السود وفقراء الأمريكيين بدم بارد، وتمارس أبشع أشكال التمييز العنصري، في استنساخ لجرائم آبائها المؤسسين ضد سكان البلاد الأصليين، ووصل العالم بما فيه حلفاء أمريكا إلى قناعة بأن الولايات المتحدة هي آخر من يحق له التحدث عن حقوق الإنسان.

محور المقاومة قادر على إفشال مفاعيل قانون قيصر

في ضوء ما تقدم، يمكن القول أن دمشق ومعها عموم أطراف محور المقاومة، قادرة على إفشال "قانون قيصر" ومفاعيله، وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي:

1-أن إيران أعلنت عن كامل استعدادها لدعم سورية اقتصادياً، في مواجهة العقوبات الجديدة، وعملت على ترجمة هذا الاستعداد فوراً، عبر قيام "حسن دنائي فر" مستشار النائب الأول للرئيس الإيراني ورئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع سوريا والعراق، بزيارة دمشق على رأس وفد كبير ولقائه برئيس الحكومة السورية حسين عرنوس، بهدف دعم سورية وتعزيز التعاون الاقتصادي في مواجهة العقوبات الأميركية وقانون "قيصر". وقد تواصل  أعضاء الوفد الإيراني، كل حسب اختصاصه، مع نظرائهم السوريين، لبحث البحث آليات تعزيز التبادل التجاري، وتطوير التعاون في مجال المختبرات البحثية والأجهزة الطبية ومشروعات البنى التحتية والتنمية والاستثمار.

 وفي خطوة هامة قام وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" بزيارة أنقرة لإعادة الاعتبار لمسار "أستانة" في خطوة تكتيكية ناجحة، لعزل الأمريكان عن الحراك الدبلوماسي المتصل بالأزمة السورية، كما قام بزيارة إلى موسكو لترتيب تحرك دولي ضد "قانون قيصر" ومخالفته للقوانين والأعراف الدولية.

تجدر الإشارة هنا أن المساعدات النفطية وغيرها لسورية لم تتوقف، ووصلت عشية الإعلان عن تطبيق "قانون قيصر" سفينة شحن إيرانيَّة تحمل مساعدات إنسانية إلى سوريا، كما أن البلدين باتا يرتبان علاقاتهما التجارية بعيداً عن استخدام "الدولار" عبر استخدام آلية "المقايضة" والعملات المحلية.

2- أن روسيا أعلنت على لسان أكثر من مسؤول فيها، بأنها ماضية في دعم سورية على غير صعيد وفي مواجهة فصائل الإرهاب، ولإفشال المؤامرات التي تستهدف وحدتها وسيادتها، وفي هذا السياق، قال نائب وزير  الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف: "أن العقوبات الأميركية على سوريا، لن تؤثّر على التعاون بين موسكو ودمشق في المجال العسكري ومكافحة الإرهاب في سوريا، وسنواصل مساعدة الشعب السوري.. سيستمر التعاون متعدد الأوجه بين دولتينا، ولا يمكن لأحد أن يمنعنا من القيام بذلك، ونحن نعتبر هذه العقوبات غير قانونية وغير شرعية إطلاقاً".

وفي السياق ذاته، أكّد "فلاديمير جباروف"- عضو مجلس الاتحاد الروسي، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الغرفة العليا من البرلمان الروسي- في تصريح لوكالة "إنترفاكس" الروسية، عزم موسكو على مواصلة دعم سوريا، رغم التهديد بتعرّض روسيا لعقوبات واشنطن بموجب "قانون قيصر"، بما في ذلك الدعم الإنساني والعسكري، ومساعدتها في حربها على الإرهابيين".
3- أن الصين التي تقف رأساً برأس مع الولايات المتحدة، والتي تشاركت في رفع " الفيتو" مع روسيا في مجلس الأمن، ضد مشاريع القرارات الغربية التي تستهدف سورية، باتت معنية بدعم صمود سورية وانتصارها في مواجهة العدو المشترك، ناهيك أن مشاريع كبرى تنتظر الصين في مجال إعادة الإعمار.

4- العامل الذاتي السوري وهو الأهم، فرغم الضائقة الاقتصادية الناجمة عن الحصار، إلا أن الشعب السوري في غالبيته الذي صمد في مواجهة الحرب الكونية، لا يزال يشكل الحاضنة للنظام ونهجه السياسي المقاوم، إدراكاً منه أن الهدف من الحصار هو إخضاع سورية،  وتقويض سيادتها واستقلالها، ومن ثم فإنه مستعد أكثر من أي وقت مضى لشد الأحزمة على البطون. 

ونحن نتحدث عن دور محور المقاومة وحلفاء سورية، ينبغي التوقف ملياً أمام ما جاء في الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي أكد فيه: "أن الذين وقفوا مع سورية في جبَهات القِتال، طِوال السنوات التسع الماضية، لن يسمحوا بسُقوطها بسِلاح العقوبات، ولن يتخلوا عنها"، ما يؤكد أن المعركة في مواجهة "قانون قيصر"، هي معركة عموم محور المقاومة، وليس معركة سورية لوحدها.

بقي أن نشير إلى مسائل يدركها النظام العروبي المقاوم في سورية جيداً، في هذه المرحلة الخطيرة، لا يجوز التقليل من شأنها؛ مسائل تتصل بالفساد والاحتكار وتجار الحروب التي ينبغي للحكومة السورية أن تقف في مواجهتها ومواجهتهم بحزم، حتى لا يفعل "قانون قيصر" مفاعيله من خلالهم، ولا بد لها من التصدي لليبراليين، ودورهم في التخريب الاقتصادي، والذين كانوا بمثابة الطابور الخامس في مراحل الأزمة منذ عام 2011.

وأخيراً: فإن سورية بقيادتها المتماسكة، وبجيشها القوي، وبشعبها الملتف حول نهج المقاومة لن يسمح للعقوبات الأمريكية الجديدة، أن تحقق الأهداف المتوخاة منها، وما عجزت الولايات المتحدة وحلفاؤها وأدواتها عن تحقيقه بالقوة المسلحة وبالإرهاب، لن تتمكن من تحقيقه عبر "قانون قيصر" الإرهابي.