Menu

رهانات التسوية: تعطيل الفعل الوطني كجسر لتصفية القضية

بوابة الهدف الإخبارية

نتنياهو وبايدن

خاص بوابة الهدف

تصعّد إدارة دونالد ترامب من حملتها المسعورة ضد الحقوق الفلسطينية، ويبدو أن العصبة الصهيونية الحاكمة في البيت الأبيض؛ مصممة على انتزاع كل ما يمكنها انتزاعه من أيدي الفلسطينيين، دون أدنى التفات للحقوق والقوانين والأعراف الدولية، بل وحتى دون اكتراث لقواعد الموقف الأمريكي ذاته المتطرف والعدائي ضد الفلسطينيين.

القرار هو هجمة وحشيّة وتفعيل لإجراءات عدوانية إضافية ضد الفلسطينيين، تمثل زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمستوطنات الصهيونية على الأرض الفلسطينية مقدمة لها، فيما تبدو بقية الإجراءات المنتظرة لا تقل سوءًا من حيث الصلف والغطرسة أو من حيث الضرر الذي قد تلحقه بالفلسطينيين.

الإشكال الأساسي الذي قد يواجهه الشعب الفلسطيني في هذا الأمر لا يتوقف على أضرار الهجمة نفسها، ولكن يضاف له التأثير المدمر لمسار انتظار الإدارة الأمريكية الجديدة، والتعامل معها كمنقذ مما سيحدثه ترامب وإدارته وشريكه الصهيوني، وهو تجاه يغفل أن بايدن أيضًا صهيوني متحمس، ومعادي للحقوق الفلسطينية، وأن ما يردعه عن التبني الكامل لمواقف أكثر حدّة وتطرف من ترامب، هو خشيته كما معسكر كبير من صهاينة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من الأثمان المترتبة على هذه المواقف والإجراءات.

إذا أخفق الفلسطيني في ايضاح هذه الأثمان، وتدفيعها للمعسكر الصهيوني الأمريكي، سيكون عليه انتظار الأسوأ من إدارة بايدن ومن العدو الصهيوني والحلفاء الإقليميين من عرب وغيرهم، وإذا ما تواصل التلكؤ والمراوحة في بناء الموقف الوطني، وتفعيل أدوات المواجهة، وممارسة قطع حقيقي مع رهانات التفاوض أو التعايش مع العدو الصهيوني، فإن الشعب الفلسطيني سيدفع ثمنًا باهظًا من حقوقه ومستقبل أجياله المقبلة ورصيد تضحياته.

لا خيار إلا تفعيل المواجهة مع الاحتلال على أوسع رقعة ممكنة من أرض فلسطين، والشروع في عزل العدو وملاحقته دوليًا، والاستعانة بتحالفات جادة من الدول والشعوب الصديقة للشعب الفلسطيني، تعطيل هذه الخيارات لأجل الرهانات المرسلة على جو بايدن والإدارة الأمريكية المقبلة، يعني فعليًا وبالمعنى الحقيقي والتطبيقي أنه حتى لو تكفلت معجزة بتحويل موقف جو بايدن لمناصر متحمس للقضية الفلسطينية، فلن يستطيع إعادة عقارب الساعة للوراء.

خيار المواجهة تأخر فعليًا، لو صدقنا أن بيانات المصالحة هي المواجهة المنتظرة مع الاحتلال ومنتهى غايتها، استمرار جريمة التأخير والمماطلة والرهانات الخاسرة هو كارثة إضافية ستصب جحيم من المصائب والنكبات على رأس الشعب الفلسطيني، كما إن استمرار الرهان على مشروع التسوية يعني فعليًا فتح الباب لاستكمال مسيرة التطبيع العربي وتعميقها وتوسيع مساحات الانهيار في المواقف العربية.