Menu

وحدة المقاومين وليس وحدة مع المفرطين

غسان أبو نجم

عندما وضعت معركة سيف القدس أوزارها ورسمت ملامح جديدة للمرحلة القادمة في مقارعة الاحتلال وخطت طريقًا واضحًا لوحدة الشعب الفلسطيني وأسقطت منظومة البرامج والمخططات التي هدفت لتصفية القضية الفلسطينية وما أحدثته من فرز واضح بين نهجين متناقضين؛ نهج التفريط والنهج المقاوم، وأوصلت كل الرسائل المستهدفة إلى الاحتلال وسلطة أوسلو وأنظمة التطبيع؛ أصبح من الضروري أن يبدأ نهج المقاومة بإحداث الفرز العملي في واقع الحركة الوطنية الفلسطينية دون تردد أو مهادنة وفرض برنامج النهج المقاوم على كافة أطر ومؤسسات العمل الوطني الفلسطيني وإعادة بناء مؤسسات العمل الوطني على أسس نضالية ثورية والتأسيس لبناء أوسع جبهة وطنية عريضة؛ تتسع لكل مكونات الشعب الفلسطيني الملتزمة بالنهج المقاوم.

لقد كانت تجربة تشكيل الغرفة المشتركة لقيادة وتوجيه المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها إبان هبة القدس؛ بداية الطريق لإحداث نقلة نوعية في التأسيس لهذا النهج المقاوم وأثبتت فاعليتها في رسم الخطوات الأولية اللازمة لبناء الجبهة الوطنية؛ بمعزل عن نهج أوسلو وكافة المفرطين، وأضحت هي القائد والموجه والممثل الأكثر مصداقية لشعبنا والأصدق التزامًا بأهدافه في الحرية والاستقلال.

إن إعادة تقييم المرحلة السابقة ورفض كل ما تمخض عنها؛ بدءًا من الانقلاب على الميثاق القومي الفلسطيني والقبول بحل الدولتين، مرورًا بقراري الأمم المتحدة 242 و 338 واتفاقات أوسلو وتشكيل السلطة؛ يشكل بداية الطريق الصحيح نحو رسم نهج مقاوم وإعادة وضع ميثاق عمل وطني وثوري؛ يقوم في جوهره على تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني؛ تحت قيادة وطنية تتبنى استراتيجية سياسية واضحة وبرنامج نضالي لتحقيق هذا الهدف.

لقد علمتنا التجارب التاريخية للشعوب المناضلة ونضالات الحركات التحررية أن إعادة تقييم التجربة الثورية بنجاحاتها واخفاقاتها والبحث عن مكامن الخلل وتجاوزه والبناء على الخطوات الناجحة وتطويرها وإعمال معول النقد الذاتي والتقاط اللحظة التاريخية وتقدير المرحلة اللاحقة لأي حدث تاريخي في حياة أي شعب؛ تقع على عاتق الأحزاب الثورية، وهنا يقع على عاتق اليسار الفلسطيني المقاوم هذه المهمة الصعبة، وسينجح بها إن توفرت الإرادة الثورية لدى قيادة هذه الأحزاب التي إن تسلحت بالنظرية الثورية؛ ستكون قادرة على تجاوز المرحلة وستأخذ دورها الطليعي في قيادة شعبنا وتحقيق أهدافه، وهذه مهمة ليس بالمستحيلة، بل المستحيل أن يبقى شعبنا يرزح تحت الاحتلال الفاشي الصهيوني وتبقى سلطة أوسلو هي عنوان هذا الشعب.. لنكن أوفياء لدماء شهداء شعبنا ولنكن على قدر وفاء شعبنا لمقاومته ونعيد للثورة شعاعها المضيء ولنكن بحجم تضحيات رفاقنا في سجون الاحتلال ولنخرج من هيمنة ثقافة الهزيمة والتطبيع التي حاولت وتحاول قوى الاستسلام فرضها على مكونات شعبنا، ولنستفد من معركة سيف القدس التي علمتنا الكثير من الدروس وأهمها: أن كلفة المقاومة أقل من تكلفة الاستسلام وأن العدو رغم كل امكاناته لن يقف أمام شعب تسلح بالفكر المقاوم.