Menu

تقريرمشاهد من غزة: دمار وانطفاء أحلام.. وإرادة الصمود

أمجاد شبات - صحافية ومترجمة فلسطينية مستقلة

على مدى ١١ يوماً تبادلت غزة و"إسرائيل" القصف بكثافة. أطلقت فصائل المقاومة في غزه ٤ آلاف صاروخ، بحسب تقديرات جيش الاحتلال؛ وأهالت "إسرائيل" على القطاع مئات الأطنان من المتفجرات بناء على تقديرات وحدة هندسة المتفجرات في غزة.

شواهد هذه الأطنان المتفجرة شاخصة على أرض القطاع. فالأبراج والعمارات طريحة الشوارع الرئيسية والفرعية، والشقق المدمرة على مرأى رفع البصر قليلاً للأعلى، والحفر الهائلة في الشوارع لم تردم بعد، فيما كانت موجة من الاشتباكات تعم مدن الضفة الغربية والداخل المحتل؛ كل هذا جاء تضامنًا مع معاناة المقدسيين ومقدساتهم، ولا سيما أهالي الشيخ جراح المهددين بالطرد من منازلهم وإحلال المستوطنين مكانهم.

المقاومة في غزّة استجابت لتمنيات المقدسيين، وبادرت لقصف القدس ، بعد تحذير، لم تأخذه "إسرائيل" على محمل الجد، من مغبّة الإصرار على اقتحام المسجد الأقصى وطرد أهالي الشيخ جراح.

سقطت صواريخ المقاومة في محيط مدينة القدس المحتلة، وانهمرت أطنان المتفجرات على قطاع غزة، مستهدفة الحجر والبشر... وخصوصاً أحلام وآمال الكثيرين في تأمين مشروع اقتصادي صغير، أو سكن ملائم، في محيط يملأه الإحباط من حصار طال أمده وخنق القطاع وأهل القطاع. صحيح أن الغزّيين ثبتوا مع المقاومة، وأثبتوا أنهم لا يقبلون أن يُسلخوا عن باقي فلسطين، صمدوا، وفرحوا بمشهد الوحدة الوطنية في فلسطين التاريخية، بل جعلهم هذا المشهد يتحملون ما لا يُحتمل من القصف المدمر والقاتل؛ لكن ثمّة أحلام شخصية هدمت مع الحجارة.

الحجر.. والمستقبل

في الساعات الأولى للمعركة الآخيرة، تلقى محمد قدادة (٣٣ عاماً) مكالمة من أحد أصدقائه يخبره بتهديد برج هنادي الذي تقع فيه شركته، وأن أمامه ساعة واحدة فقط كي يأخذ ما يستطيع من معداته. يقول محمد "ساعة لم تكن حتى كافيه لأن أصل إلى البرج؛ فما بالك بأخذ الكثير من المعدات؟"

لم تكد تمض ساعة على ذلك الاتصال، حتى قصفت الطائرات "الإسرائيلية" البرج فتحولت شركة محمد إلى أثر بعد عين، وخسر محمد معدات وأجهزة يقدر ثمنها بـ ٤٠ آلف دولار، فضلاً عن بعض العقود والزبائن بسبب تأخره عن إنجاز أعمال جراء العدوان.

يقول محمد، "لقد عملنا بجد كبير على الرغم من كل الإحباط المحيط بنا، وكافحنا كثيراً كي نوفر لأنفسنا ولمن حولنا فرص عمل في شركتنا". وكان المشروع بدأ في سنة ٢٠١٧ بعد أن أخذ قرضاً قيمته ٣٠٠٠ دولار ليحقق حلمه بتأسيس شركة للحلول الرقمية. يضيف، "بدأنا الشركة في شقة مساحتها ٦٠ متراً بثلاث موظفين، ووصلنا قبل القصف بيوم إلى شركة مساحتها ٣٠٠ متر وفيها ٣٠ موظفاً"، ويوضح أن "الشركة كانت تقدم خدمات في مجال التسويق الالكتروني، وتطوير الشبكات، وتصميم الغرافيك، وتطوير التطبيقات الرقمية. واستطاع المشروع طرق الأسواق العربية، ومنها أسواق الخليج العربي، وتمكن من تحقيق أرباح مرضية".

لم يخسر محمد ما بناه فقط، بل بات يشعر بإحباط في قدرته على إعادة ما دمرته الغارة تلك. يقول، "كان لدي الكثير من الأمل في أن تصبح شركتنا الصغيرة شركة كبيرة، وكانت بالفعل بشائر النجاح تظهر حتى العدوان على غزة،" فجاء تدمير البرج ليطيح بأحلام هذا الشاب الذي حاول في أصعب الظروف الاقتصادية أن يجد لنفسه مدخلاً لسوق العمل في ظل نسب عالية من البطالة بين الشباب في غزة.

انطفاء حلم وقتل ذكريات

يجاور برج الأندلس برج هنادي الذي كان أول الأبراج المستهدفة في القطاع، وفيه كان حُلم شقة بنته حنين أبو حمده (٢٩ عاماً) ليأويها وأمها، لكنه هوى مع البرج في أول أيام المواجهة. تقول، "أردت أن أعوض أمي عن مرضها وسنين تعبها وأحقق حلمي وحلمها بأن نسكن بيتاً ملكنا". فبعد ثلاثة أشهر من التجهيزات والعمل المضني وسنين من الحلم تمكنت حنين وأمها منى مراد (٥٩ عاماً) من السكن في شقتهما في الطابق الثاني في برج الأندلس. 

تقول السيدة منى "كنت أصلي عندما نادتني ابنتي طالبة أن نخلي المنزل، فقطعت صلاتي ونزلنا سوياً نبحث عن مكان آمن".

لم تتوقعا أنهما لن تعودا إلى بيتهما أبداً. كانت حنين قد سألت الحارس عن سبب الجلبة في البرج، فأخبرها بوصول تهديد لتدمير البرج المجاور. فـ "الاحتلال لا يتوانى عن استهداف الشجر والحجر في غزة"، كما تقول حنين التي تضيف "ولكنني استبعدت أن يقصف بيتي أنا وأمي".

بيت حنين ليس من حجر فقط... إنه نسيج من حلم وعاطفة. فحنين أرادت إسعاد أمها ببيتٍ جديد بعـدما أصيبت الأخيرة بالسرطان منذ خمس سنوات، وعاشت معها رحلة علاج طويلة ومؤلمة من جلسات العلاج الكيميائي، والعمليات الجراحية. وبعد أن ورثت الشقة عن والدها الذي توفي منذ عامين، في مرض عضال، قررت أن تستثمر كل ما لديها من مدخرات لتجهيز شقة أحلامهما، ولم تدخرا أي جهد في تجهيز الشقة الجديدة بأحدث قطع الأثاث والديكورات.

هذا الحلم، لم يعش سوى 40 يوماً، ففي مساء 15 أيّار/ مايو، أي في اليوم الرابع لمعركة غزة الأخيرة، قصفت الطائرات "الإسرائيلية" شقة حنين وأمها في سياق الغارات التي استهدفت الأبراج، وانفجر أحد الصواريخ "الإسرائيلية" في وسط المنزل مخلفاً دماراً أحاله إلى مكان "غير صالح للعيش" بحسب مهندسي وزارة الأشغال الفلسطينية، تاركاً في قلب السيدة منى الحزن والأسى على فقدان الحلم، إذ "عندما عدنا في اليوم التالي لتفقد أحوال الشقة، هوى قلبي من هول ما رأيت".

علمت حنين وأمها باستهداف منزلهما عبر وسائل الإعلام. ففي عصر ذلك اليوم انتشر الخبر بأن برج الأندلس سيقصف، وبالفعل استهدفت الطائرات ١٢ شقة سكنية تقع في الطوابق الثانية والثالثة والرابعة من البرج مخلفة دماراً كبيراً ومشردة سكان البرج، فعادت الأم وابنتها للعيش في منزل عائلة الوالدة بعد أن كانتا تركتاه لتسكنان في بيتهما الجديد المطل على البحر. تقول حنين، "رجعنا إلى نقطة الصفر".

لم تفقد العائلة جدران البيت فحسب، إنما فقدت ذكرياتها وذاكرتها. تقول السيدة منى "فقدنا الكثير من الأشياء البسيطة ولكنها أشياء عزيزة على قلوبنا"، وتذكر من هذه الأشياء مزهرية ورثتها عن أمها، وطاولة سفره طالما حلمت بأن تعد الطعام وتستقبل الناس عليها. وتقول حنين أنها فقدت أيضاً ساعة والدها التي بقيت كتذكار منه.

تأمل حنين وأمها بانهما ستعودان إلى منزلهما الذي تكفلت بإعادة إعماره وزارة الأشغال الفلسطينيّة في غزة. وعلى الرغم من أن "لا شيء سيعود كما في السابق" كما تقول حنين، ولكنها تضيف، "أننا نقاوم بالحجر في الوقت الذي يدفع فيه آخرون أرواحهم فداء للأقصى".

لن يعود بعد اليوم إلى البيت

في صالة استقبال الضيوف، تحتل صور الشهيد نادر الغزالي (٤٧ عاماً) الزوايا الأربعة، فهي كل ما تبقـى من ذكريات الأب الحنون المجتهد في عمله لإعالة عائلته.  تقول ابنته رزان (19 عاماً)، "بقيت لنا الملابس التي كان يحيكها خصيصًا لنا والكثير من الذكريات الطيبة".

كان نادر يعمل خياطاً، وكالعادة، ذهب إلى عمله في التاسعة صباح يوم 12 أيار / مايو، لينجز حياكة ملابس العيد لزبائنه كي يسلمها في الموعد. وصل إلى مكان عمله وفتح دكانه الصغير في شارع المغربي في وسط مدينة غزة، وذهب لإلقاء التحية على جاره وصديقه الحلاق، فإذ بصاروخ "إسرائيلي" يستهدف سيارة أمام الدكان مباشرة؛ استشهد الغزالي وأصيب صديقه الحلاق إصابة بالغة أدت إلى بتر ساقه.

صدمة شديدة تلقتها العائلة بخبر استشهاد نادر، خصوصاً أن شقيقين له كانا قد استشهدا في سنتي 2007 و2009. تقول رازان "سمع جدي خبر استهداف السيارة في الراديو فتعرف على المكان. اتصلنا بأبي فلم يجب. فاتصلت العائلة بإحدى السيدات التي تقيم بجوار الدكان لتؤكّد الأخيرة خبر استشهاده". 

نادر أو أبو محمد، كما كان يحب أن يناديه الآخرون، هو أب لأربع بنات وولدين أكبرهما عمره ٢٢ عاماً وأصغرهما ١٢ عاماً، اعتاد صباحاً أن يتناول وجبة إفطار صغيرة، ثم يلبس غلابية بيضاء، ويتوجه إلى عمله صباحاً ويعود ظهراً لتناول طعام الغداء مع أبنائه، ثم يذهب مجدداً إلى العمل ويبقى هناك حتى منتصف الليل. تقول رزان إن والدها "رجل طيب ووفي لعائلته وأصدقائه ومجد في عمله". وتضيف، مستحضرة والدها بعيون حزينة، "كنت الأقرب إلى والدي من بين أخوتي؛ كنت أرافقه إلى عمله عندما يكثر الطلب في المناسبات، كي أساعده، وكنا قد ذهبنا قبل الحادث بأيام الى السوق سوياً لابتياع الكلف والخيوط والأقمشة، واستمتعنا كثيراً والتقطنا الكثير من الصور".

تسعى الشابة التي تشبه والدها كثيراً لأن تسير على خطاه وتبقي دكانه مفتوحاً، وتريد قبل ذلك أن تحقق حلمه في أن تتخرج من الجامعة، فهي تدرس التصميم والمونتاج، وأن تبقي عائلتها متماسكة وترعى إخوتها الصغار ووالدتها.

 

مطالب سياسية وإرادة صمود

يُجمع الفلسطينيون، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، على مقاومة الاحتلال "الإسرائيلي" لانتزاع حقوقهم. منهم من يفضل المقاومة العسكرية كأداة وحيدة قادرة على تحرير فلسطين، ومن يفضل المقاومة الشعبية. لكن المعركة الأخيرة جاءت لتجمع بين الشكلين النضاليين، واللافت فيها أنه لأول مرة بادرت فصائل المقاومة في غزة بإطلاق الصواريخ نحو "إسرائيل"، وأن الفلسطينيين في كل الساحات شاركوا في الهبّة بطرق مختلفة. ففي الشتات نظمت مظاهرات على الحدود مع فلسطين المحتلة، فيما اشتبك فلسطينيو ٤٨ والضفه والقدس مع المستوطنين وجنود الاحتلال.

وعلى الرغم من عدم تكافؤ القوى في المواجهة العسكرية الأخيرة، إلا أن مؤيدي المقاومة العسكرية يرون أنها هذه المرة "ردعت إسرائيل"، ويعزون رأيهم هذا إلى أن وتيرة إطلاق الصواريخ محلية الصنع استمرت طيلة أمد المعركة، وأن "إسرائيل" لم تستطع أن تحقق انجازاً عسكرياً، وهي التي كانت تبحث عن صيد ثمين ولا ترضى بأقل من رأس القائد العام لكتائب القسام محمد ضيف لترويج صورة النصر لجمهورها.

هذا الرأي تتبناه الناشطة شذا قزعاط (٢٦ عاماً)، وتقول "إن تقديرات المقاومة في غزة وتصرفها صحيح وحكيم وإطلاق الصواريخ رسالة لإسرائيل بأن غزة سترد على أي عدوان ضدها وضد القدس".

وكذلك الناشط الشبابي والقيادي في اتحاد الشباب الديمقراطي فؤاد بنات (٣٢ عاماً) الذي عبّر عن رضاه عن إطلاق الصواريخ من غزة، ويرى أنها "ردت على محاولات إسرائيل تفتيت الفلسطينيين" وأن "هذه المعركة أعادت وحدة الحال للجميع وأثبتت أن السلاح بالأساس وجد لأجل الدفاع عن حقوق الفلسطينيين ليس في غزة فقط وإنما في كل فلسطين".

ويعتبر مؤيدو المقاومة الشعبية أن دخول عنصر الصواريخ من غزة في المعركة لم يكن الأفضل، ففضلاً عن التكلفة العالية بشرياً واقتصادياً، فإنها لم تعط للهبة الشعبية في القدس الفرصة لتحقيق ما يُفترض من إنجازات.

يتبنى هذا الموقف الناشط حسن الداوودي (٢٦ عاماً) الذي كان يفضل "لو أن نصرة حي الشيخ جراح كانت من خلال مسيرات على الحدود مع إسرائيل أسوة بمسيرات العودة، ولو أن المقاومة تأنت قبل أن تبادر بدخول المعركة"، فبحسب رأيه فإن "هذا ملعب إسرائيل المفضل كونها تملك قوة عسكرية مفرطة لا تتوانى عن استخدامها"، ويضيف "المقاومة الشعبية المتمثلة في المظاهرات وحركة المقاطعة تضر بإسرائيل أكثر من المعارك العسكرية القصيرة، فالمقاومة الشعبية يشارك فيها كل المجتمع وأصدقاء الشعب الفلسطيني حول العالم، والحديث عن أن المقاومة تمتلك قوة عسكرية تواجه وتردع إسرائيل، أمر مبالغ فيه".

ويتابع الداوودي، "طالما أن المقاومة دخلت المعركه فلا يسعنا إلا أن نقف في ظهرها"، وعلى الرغم من معارضته دخول غزة على خط المعركة في القدس بالصواريخ، إلا أنه يعتقد أن المقاومة أدارت المعركة بطريقة ناجحة من خلال "الغرفة المشتركة"، علاوة على أنها لم تطالب بأي مكتسبات معيشية أو سياسية مقتصرة على القطاع المحاصر، وإنما كان هدفها الدفاع عن الشيخ جراح.

أما الرأي الثالث، الذي يعتبر أن شكلي المقاومة تكتملان مع بعضهما البعض، فيُعبر عنه الناشط السياسي رامي مراد (٤٠ عاماً)، ويقول إن المعركة الأخيرة "راكمت على إنجازات سابقة، فيما صُدم الاحتلال بهبّة الشعب الفلسطيني، وخلافاً لكل التقديرات، فقد انتفض الفلسطينيون مطالبين بحقهم متجاوزين ثقافة الهزيمة والخوف من قوة إسرائيل". ويعتقد مراد أن "الجماهير الفلسطينية أثبتت بانتفاضتها أن شعب هذه الأرض حاضر ومقاومته متصاعدة وتزيد كلما زادت انتهاكات الاحتلال واعتدائه عليهم".

ومن أهم إنجازات هذه المعركة هو اعادة الضوء للقضية الفلسطينية ليس على الصعيد المحلي وانما العربي والدولي ويستشهد بنات على ذلك بالمظاهرات الحاشدة التي خرجت في شوارع العديد من المدن في اليمن والعراق وأمريكا وبريطانيا وغيرها، وتشدد قزعاط على أهمية هذه المظاهرات في التخفيف من ألم المعركة على من هم تحت النار، وأنها لعبت دوراً كبيراً في الضغط على الإدارة الأمريكية خصوصاً، لتطلب من "إسرائيل" وقف النار.

ويتفق بنات والداوودي على ضرورة استثمار وحدة الشعب في المعركة الأخيرة سياسياً، من خلال إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ودمج "حماس" والجهاد الإسلامي فيها. ويشدد مراد على أنه "يجب إعادة تعريف السلطة الفلسطينية لتصبح كياناً إدارياً خدماتياً يُسهّل حياة الفلسطينيين، وأن يُستعاد النهج الكفاحي لمنظمة التحرير".

ويؤكد بنات والداوودي ومراد، على أنه "من الضروري جداً اليوم وضع خطة لإعادة بناء المنظمة وإجراء انتخابات للمجلس الوطني، وعقد اجتماعات دورية تضع برنامجاً سياسياً يتوحّد حوله الجميع ويكون مقبولاً دولياً".

وبسبب سنوات من الصراع الدموي أحياناً والاختلافات الجوهرية في البرامج السياسية لطرفي الانقسام لا تتوقع قزعاط انتهائه على المدى المنظور، فيما يرى مراد آن الحالة الميدانية في فلسطين ووعي الشباب تخطى وعي النخب السياسية وأن على هذه الأخيرة أن تستثمر في وحدة الشعب الفلسطيني أثناء المعركة لتحقيق مطالبه السياسية. وأنه يجب نقل تجربة الغرفة المشتركة إلى الأروقة السياسية لإنهاء الانقسام.

لقد تبددت الوحدة خلال المعركة في غزة على أحسن وجه، خصوصاً من خلال تفعيل الفصائل الفلسطينية الـ ١٢ التي تعمل في القطاع، الغرفة المشتركة التي تأسست سنة ٢٠١٨ مع انطلاق مسيرات العودة لتوحيد تنظيمها وإدارتها، وسرعان ما تطورت وأصبحت تصدر بيانات باسمها بدل اصدار كل فصيل بيان منفصل وقت المعركة.

ويشهد الغزيون أن القصف خلال المعركة التي أسمتها المقاومة "سيف القدس" كان مرعباً وخصوصاً الغارات التي أطلقت عليها "إسرائيل" حزام النار والمكثفة والمتواصلة. وفي هذا الصدد تقول قزعاط التي تسكن في شمال قطاع غزة في منطقة حدودية، "ليلة العيد كانت مخيفة جداً فقد افترشت عائلتي المكونة من ٨ أفراد أمتاراً قليلة اعتقدنا أنها الأكثر أماناً في منزلنا، فيما كنّا نشاهد كتل النار خلال قصف متواصل لم يتوقف لمدة ٤٠ دقيقة". وتضيف قزعاط التي تضرر منزل عائلتها كثيراً جراء إحدى الغارات القريبة، "الأثر النفسي لا يقل عن الخسائر المادية التي لحقت بالمنزل فقد شعرنا بالخوف الشديد وكنا طوال الوقت نعزي أنفسنا أنه طالما يمكننا سماع صوت الانفجارات، فنحن ما زلنا على قيد الحياة".

ويتفق الجميع على أن الفلسطينيين لن يتحرروا بالشعارات والخطابات وإنما بالمقاومة بكافة أشكالها، ويشددون على ضرورة أن تكون غزة وكل المدن والقرى الفلسطينية ساحات للمقاومة سواء الشعبية أم المسلحة، وأن تعمل القيادة السياسية الفلسطينية بالتوازي مع الهبات الجماهيرية والشعبية والمسلحة لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني.

المصدر: مجلة الدراسات الفلسطينية