Menu

توسيع السيد لمعادلات الردع.. هل يسقط مشاريع تركيع لبنان وسوريا..؟؟

راسم عبيدات

مما لا شك فيه بأن قرار السيد حسن نصرلله باستجلاب النفط من إيران، هو قرار يحمل أبعاداً استراتيجية، ودرجة عالية من الجرأة والتحدي، تحدي لأمريكا ودولة الاحتلال. ومثل هذه الخطوة الجريئة أقدمت عليها الجمهورية الإيرانية الإسلامية، التي تتعرض لعقوبات متعددة الأشكال وحصار أمريكي منذ أربعين عاماً، حيث عمدت الجمهورية الإسلامية إلى كسر الحظر الأمريكي المفروض على فنزويلا  وسوريا، وقامت السفن الإيرانية بإيصال النفط إلى فنزويلا وسوريا، رغم كل التهديدات الأمريكية باعتراض ناقلات النفط ومهاجمتها ومنعها من الوصول إلى فنزويلا وسوريا، ودولة الاحتلال الإسرائيلي منذ أواخر عام 2019 اعتدت على 12 ناقلة نفط إيرانية، نقلت النفط إلى الموانئ السورية، ولكن تلك الاعتداءات التي ردت طهران عليها، لم تثنها عن ايصال النفط إلى سوريا، والتي تخضع لحصار ظالم أمريكي وعقوبات غير مسبوقة اقتصادية ومالية، ضمن ما يعرف بقانون" قيصر"، هذا القانون الذي يستهدف تجويع وقتل الشعب السوري، بما ينطوي عليه من عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية شاملة، تطال الاقتصاد السوري والشركات والأفراد.
سفينة النفط الإيرانية التي شقت طريقها إلى لبنان، بعد استكمال كافة الإجراءات الضرورية، كما قال سماحة السيد في كلمته في ذكرى العاشر من عاشوراء، وثمن نفطها دفعه تجار لبنانيين شيعه، جاءت بعد استنفاذ كل الخيارات، وبعد أن وصلت السكين إلى رقبة المواطن اللبناني، وأصبح الموت يتهدد المرضى في المستشفيات، أو خلال الانتظار في طوابير الحصول على البنزين والخبز من محطات الوقود والأفران.
الجميع يدرك بأن خطوة السيد هذه، ليس فقط تكمن في أهمية وصول واستلام هذه الشحنة وما يستتبعها من شحنات على الرغم من أهميتها، بل أن كسر الحصار في هذا الجانب، من شأنه أن يسقط مشاريع الداعين في الخارج والداخل إلى إيصال الأمور في لبنان الى مرحلة الانهيار الشامل، الفراغ السياسي والانهيارين  الاقتصادي والمالي، ومن ثم الفراغ الأمني، والدفع بالأوضاع إلى حروب أهليه مصغرة، بعد شيطنة  حزب الله والمقاومة اللبنانية، واعتبارهم المسؤولين عن كل المصائب التي تحل بلبنان، من جوع وفقر وبطالة وحصار وتعطيل تشكيل الحكومة وغيرها، وقد عمدت القوى المعادية والمشاركة والمتواطئة في هذا المخطط خارجياً وداخلياً إلى تنفيذ عدة خطوات في هذا الجانب، عبر ما عرف بكمين خلدة واطلاق الرصاص على رؤوس المشاركين في جنازة المواطن علي الشبلي، الذي قتل تحت حجة ملفقة " الثأر"، والذي أدى الى قتل 4 من عناصر الحزب وجرح أكثر من عشرة أشخاص، وعندما لم تفلح تلك الحادثة، نتيجة حكمة السيد وطول نفسه وانضباط عناصر الحزب وجموره العاليين، بعدم الانجرار إلى ما يهدف له القائمين على هذا الكمين، جاءت حادثة قرية شوّيا، باعتراض عناصر الحزب، أثناء عودتهم من إطلاق الصواريخ على مناطق مفتوحة في أرض مزارع شبعا المحتلة، كرد على قيام طائرات العدو الصهيوني بالإغارة على مناطق في قلب لبنان، في كسر لقواعد الاشتباك القائمة منذ تموز/2006، وهذا الرد وجه رسالة واضحة لدولة الاحتلال، بأن الحزب لن يقبل بكسر قواعد الاشتباك، حتى لو اندلعت حرب جديدة، ولتجبر اسرائيل على الالتزام بقواعد الاشتباك، منصاعة لمعادلات الردع.
وتلك الحادثة التي حاول الزعران من الغوغائيين، جر الحزب إلى مواجهة عسكرية، هي الأخرى فشلت، حيث الانضباط العالي لأفراد الراجمة وجمهور الحزب وعناصره.
السيد يوعد ويوفي الوعد، وأزمة الطاقة اللبنانية، أزمة مفتعلة في جزء منها، بدلالة كشف قوى الأمن اللبناني لملايين الليترات من البنزين، يخفيها المحتكرين من تجار المحروقات، بتغطية من قوى وقيادات سياسية، وجزء متعلق بالحرب الاقتصادية التي تشن على لبنان، والتي تهدف مع سلسلة العقوبات الأخرى إلى اخضاع لبنان، وإنهاء مقاومته وربطه بدول التطبيع العربي.
السيد يعرف جيداً واجبه القومي والوطني والديني والأخلاقي، ويعرف مدى تأثير تلك الأزمة وعمق أثارها على كافة مناحي وجوانب حياة الناس، ولذلك كان القرار باستجلاب النفط ممن يوفون حلفائهم ولا يخذلون أصدقائهم، هذا القرار من شأنه أن ينقذ لبنان من جهة، ويؤكد سيادته من جهة أخرى بتثبيت حقه الاقتصادي، وكذلك يتعلق الأمر بفرض معادلة لكسر الحصار، ما يعني مواجهة المنظومة الأميركية داخل لبنان وخارجه، بكل ثقلها السياسي والعسكري والدعائي. 
ولعل هذه الخطوة الجريئة أخرجت السفيرة الأمريكية في بيروت "دورثي شيا" عن طورها، والتي تستخدم سفارتها ليس للعمل الدبلوماسي، بل جزء من الحرب الاقتصادية والإعلامية والتحريض، الذي يشن على الحزب والمقاومة، ولقطع الطريق على خطوة السيد ومفاعيلها، وما تعنيه من زيادة شعبية وجماهيرية للحزب، كمساهم في حل مشاكل لبنان واللبنانيين، وليس المستجلب والمسبب لها، اتصلت سفيرة البيت الأبيض بالرئيس عون، مبلغة له بقرار إدارتها بالبحث عن تزويد لبنان بالطاقة الكهربائية عبر الأردن من خلال زيادة تزويده بالغاز المصري، لتمر خطوط الطاقة الكهربائية عبر سوريا الى الشمال اللبناني، ولربما تجبر تلك السفيرة وإدارتها  حكومة الكاظمي العراقية على تزويد لبنان بالنفط كبديل للنفط الإيراني.
أهمية "سفينة الحياة" تكمن في اعتبارها كما قال السيد "أرضاً لبنانية"، وفي ذلك رسالة للأميركيين والإسرائيليين بأنها تدخل ضمن معادلات الردع المعلنة.
سفينة "الحياة" ليس عنواناً فقط لنقل المحروقات، بل عنواناً له أبعاداً سياسية وعسكرية واعلامية ودعائية، وكذلك هي مواجهة سيقودها، ليس فقط السيد لكسر الحصار الاقتصادي الأمريكي ومنظومته على لبنان، بل سيقودها محور المقاومة بأكمله لكسر الحصار علن لبنان وسوريا بالأساس وعن كامل منظومة محور المقاومة.
الرسالة التي أراد ايصالها وصلت بشكلها الأوضح، بألا مساومة على عزة اللبنانيين، مما دفع واشنطن، كما يبدو، إلى السعي لتجنب حرج كسر الحصار من جهة، والخشية من خطورة احتمالات التصعيد، من جهة أخرى، في حال اعتراض سبيل السفينة المبحرة على مرأى الأميركيين والإسرائيليين. 
تصريحات السفيرة الأمريكية للبحث عن مصادر بديلة للطاقة، باعتماد الدبلوماسية بدل الإرهاب والقرصنة، كرد على خطوة السيد، يؤكد على أن قانون "قيصر" لحصار سوريا ولبنان واخضاعهما قد فشل وهو في طريقه للوفاة.
الدوائر الإسرائيلية سياسية وعسكرية وإعلامية مربكة، وأبدت قلقها من خطورة الخطوة التي أقدم عليها السيد، تلك الخطوة التي تعني توسيع معادلات الردع، لتشمل السفن القادمة الى لبنان، وأي مس إسرائيلي بناقلة النفط القادمة وغيرها من الناقلات الأخرى، سيعتبر مساً بالسيادة اللبنانية، وهذا يعطي المشروعية لحزب الله بالرد.
رسالة السيد وصلت إلى المعنيين بالأمر من أمريكان وصهاينة وعربان متغطين بالأمريكان، لم يتعلموا الدرس جيداً، من تخلى أمريكا تاريخياً عن حلفائها وعملائها ومرتزقتها، كما هي الصورة عليه التي جاءت من مطار كابول وقبلها من قلب سايغون في فيتنام.. تعلموا واستفيدوا دروساً كثيرة وكبيرة وقبل فوات الآوان.