Menu

تقريرغزّة.. عزوفٌ كبيرٌ في إقبال الطلبة على الجامعات ووضعٌ اقتصادي يحول دون إكمال تعليمهم

مهند فوزي أبو شمالة

تعبيرية

خاص_بوابة الهدف

يعيش قطاع غزّة حصاراً خانقاً لا تخفى تفاصيله على أي أحد، طالت ناره كافّة المواطنين، كباراً وصغاراً، وتجلّى ذلك الحصار على فئة كبيرة من المجتمع الفلسطيني في القطاع، إلا وهي "الطلّاب" في الجامعات.

ويقع الطلّاب في القطاع بين مطرقة الحصار وسندان الجامعات وسياساتها "الربحية"، فمن يستطيع دفع رسوم دراسته لا يستطيع إكمالها، ناهيك عمّن لم يستطع أصلاً دفع أي قسط ولوّ بالحدّ الأدنى منه، فضلاً عن تكاليف دراسته الجانبية ولا داعي لذكرها.

قد يتفاجأ البعض عند معرفة أنّ ما يزيد عن النصف من الناجحين في الثانوية العامة للعام الحالي 2021، لم يلتحقون بعد في أيّ من المؤسسات التعليمية في قطاع غزّة، رقم يشير إلى وضعٍ اقتصاديٍ صعب جداً، قد يتجاوز بعضٌ من هذا الرقم في الفترة المقبلة، لكنّ المؤكّد عدم تجاوز كثير منه ويُحرم من إكمال تعليمه.

وفي هذا السياق، أكّد أحمد المصري وهو أحد كوادر جبهة العمل الطلابي التقدمية في غزّة على أنّ إقبال الطلبة على التسجيل في الجامعات هذا العام ليس ككلّ عام، مع عدم وجود إحصائية أوّ رقم دقيق إلى هذه اللّحظة، إلّا أنّ الأعداد قليلة وتُقارب النصف من الناجحين في الثانوية العامّة لم يسجلّوا في الجامعات إلى هذه اللّحظة، مع إمكانية تسجيلهم مستقبلاً.

وأشار المصري في حديث لـ"بوابة الهدف الإخبارية" إلى التواصل المستمرّ مع عددٍ من الجهات، وتوجيه عدّة رسائل لوزارة التربية والتعليم، كما أنّهم أصدروا أكثر من بيانٍ بشأن إعادة المخصّصات المالية من قبل منظّمة التحرير للجامعات الفلسطينية والمُقدّرة بملايين الدولارات والمُنقطعة منذ أكثر من 12 عاماً عن جامعات قطاع غزّة، مضيفاً: "ناشدنا كثيراً من المؤسسات المحلية والدولية ذات الاختصاص، لأنّ قطاع غزّة يمرّ بأوضاع اقتصادية صعبة، لا سيما أنّ أهالي الطلبة في قطاع غزّة أصبحوا لا يقدرون على تسجيل أبنائهم في الجامعات".

وبيّن المصري أنّ عدداً كبيراً من الطلبة يتوجّهون لهم لإيجاد سبيلٍ لتسجيلهم، وأنّهم يعملون بكامل استطاعتهم لحلّ المشاكل التي تحول دون تسجيلهم، وهذا دليل ومؤشر واضح على أنّ أعداداً كبيرة لم تُسجّل في الجامعات، لافتاً إلى أنّهم كإطارٍ طلابيٍّ يقومون بحلّ المشكلات بشكل شخصي وعبر العلاقات الشخصية التي تجمعهم مع إدارات الجامعات، ومُعظمها يتمّ حلّها عبر المنح التي يستطيعون توفيرها لبعض الحالات، والتي في نفس الوقت لا يستطيعون توفيرها في كلّ الجامعات. "كل جامعة وحسب سياساتها، حيث برنامج المنح لا يتوفر أصلاً في كلّ جامعة".

وطالب المصري خلال اتصالٍ بـ"الهدف" بتفعيل نظام البحث الاجتماعي، حيث أنّ كلّ فصل يجب إعادة تجديد المعلومات الاجتماعية لكلّ الطلبة، ففي كلّ فصل قد يتبدّل الوضع الاجتماعي لكلّ طالب.

وحمّل المصري نيابة عن الجبهة الطلابية المسؤولية للجميع، بما فيها إدارات الجامعات، لما عليها من مسؤولية وطنية تُجاه الطلبة، بالإضافة لمؤسسات المجتمع المدني والفصائل، والتي نقول أنّها والانقسام سبب رئيسي في هذا الوضع.

وبشأن السّاعة الدراسية وأسعارها، أكّد على أنّ الإطار كان وما زال يطالب بتخفيضها.. عوضاً عن تبنّيه مبدأ "مجانية التعليم"، لكنه دائماً ما يُقابلون برفضٍ من إدارات الجامعات؛ بسبب أنّها جامعات خاصّة والمصدر الأساسي في تمويلها هو الرسوم التي يدفعها الطلبة، مشيراً إلى أنّ خطواتهم كإطارٍ طلابيٍّ مبتورة لعدم وجود تمثيل رسمي لهم داخل الجامعات، حيث الأُطر الطلّابية غير موجودة منذ أكثر من عام في جامعات قطاع غزّة ومجالس الطلبة غير مُفعّلة، داعياً كلّ الجهات المسؤولة لتبنّي سياسة التعليم المجّاني كحقّ لكلّ الطلبة، ومؤكّداً على حقّ جميع الطلبة الناجحين في الثانوية العامة الحصول على فرصة عادلة في التعليم، دون أن يحول الوضع الاقتصادي بعدم تعليمهم، وللمبادرة لوضع خطّة مالية تعمل على تخفيف الأعباء المالية عن الطلبة وأولياء أمورهم كخطوة أولى وصولاً لمجانية التعليم.

من جانبه، قال منسق الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور: "بغضّ النظر عن دقّة الإحصائيات أو ما هي تحديداً، لكن مع كلّ تأكيد أنّ الأرقام ضعيفة، وأضعف من كل عام، وبداية كلّ فصل يكون الرقم أقل من العام الي سبقه، لكنّ الإحصاءات الدقيقة تخرج من وزارة التعليم بعد بداية الموسم الدراسي".

وأضاف الغندور في اتصالٍ مع بوابة الهدف: "بالعموم، عند الحديث عن الوضع الاقتصادي الذي لا يخفى على أحد، وعن الحصار وما لحقه من أزمة كورونا بالإضافة لنسبة البطالة المرتفعة، والانقسام الفلسطيني وتداعياته، كلّها مؤشرات تحول دون قدرة الطلبة في الحصول على حقهم بالتعليم، كما أنّ تراجع الحكومة الفلسطينية عن دعم الجامعات وتقليص موازنة دعم التعليم السنوية، والتي كانت تُقدّر بنحو 40 مليون شيكل سنويا للجامعات في الضفّة وقطاع غزّة من وزارة التعليم العالي، إلى نحو 17 مليون شيكل، وهذا ما يُعطي سبباً للجامعات لتقليص خدماتها المالية للطلبة، فيما يخصّ المنح أوّ بعض الحالات الإنسانية، كما أنّ صندوق إقراض الطالب الذي تمّ تقليصه إلى نسبة قليلة جداً، بالإضافة إلى إجراءات الجامعات مثل إجبار الطلبة على دفع رسوم الفصل الأول كاملاً".

ولفت الغندور إلى أنّ كلّ الجامعات حول العالم خفّضت رسومها مع التعليم الالكتروني باستثناء الجامعات الفلسطينية، لأنّ الرسوم تشمل بعض الخدمات الوجاهية مثل الكهرباء والماء وبعض الخدمات، لكنّ الجامعات الفلسطينية لم تأبه لتلك الجوانب، وأصرّت على عدم تخفيض الرسوم طيلة فترة التعليم الإلكتروني.

وتابع: "كُلنا نرى مناشدات من قبل الطلبة لا سيما المتفوقون منهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام تفيد بعدم قدرتهم على دفع الرسوم الجامعية أو حتّى عدم القدرة على التسجيل في الجامعات، إضافةً إلى آلاف من الطلبة المتفوقين الذين يُجبرون على دخول تخصّصات عادية أقلّ تكلفة لعدم قدرتهم على دخول تخصصات بعينها كالطب والهندسة".

وبشأن حملة تخفيض الرسوم، نوّه منسّق الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية أنّ الحملة شبابية تطوعية أنشأها مجموعةٌ من طلبة الجامعات لتلمّس احتياجات الطلبة.

وأردف: "وبشكل عام هذه الحملة تُواجه مشكلةً رئيسية؛ وهي الانقسام السياسي وما يتبعه من غياب المؤسسات الرسمية في قطاع غزّة، حيث أنّها تقوم على أهدافٍ رئيسية تتمثّل بدعم موازنات التعليم من قبل الحكومة، وإقرار صندوق وطني لدعم الطالب وهذا لا يمكن إقراره إلّا بوجود المجلس التشريعي الذي لا يمكن بوجود الانقسام، لكنّ الحملة استطاعت تحقيق بعض الأهداف الجانبية مثل إجبار الجامعات على التراجع عن بعض القرارات التي تخصّ الطلّاب عبر حملات إعلامية منظمة وحملات المناصرة".

وبشأن عدم استجابة إدارات الجامعات لمطالبة تخفيض الرسوم، قال إنّها تزعم أنّها مؤسسات خاصة وأهلية وتعتمد على موارد أساسية من ضمنها الرسوم التي لم تقبل حتّى الحديث بشأن تخفيضها وهذا ردّهم المتواصل لا سيما في ظلّ انقطاع الدعم الحكومي عنها.

وفي ظلّ ما ورد، هذا حال الطلبة في قطاع غزّة، ما بين الواقع الاقتصادي المفروض عليهم، حيث لا مفرّ من صعوبته إلّا صعوبته، ويبقى مستقبلهم بشكلٍ خاص ومستقبل القطاع الاقتصادي عموماً في غموض إلى أن تتلاشى مسبباته.

مشاهد الإعلانات التي تقوم بها كلّ الجامعات هنا في قطاع غزّة عند إعلان نتائج "الثانوية العامّة" من كلّ عام، تكاد تغرّ النّاظرين، وقد يتمّ فهم الصورة بشكلٍ خاطئٍ، لكنّها صورةٌ واضحةٌ مكتملة الأركان لمن يتذوقون مرارة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يطلّ على قطاع غزّة منذ ما يزيد عن 15 عاماً.