نحن، هذا الشعب العظيم الذي قاتل المشروع الاستعماري لأكثر من ١٠٠ عام، وصد غزوات المستعمرين وأذل الغزاة وأسقط نظم وعروش الطغاة والمتآمرين، كرة تلو اخرى، من يتولى المواجهة مع المحتل وأدواته، لا نحيل هذه المهمة لأحد ولا ننتظر منقذ لا ينتمي لهذا المجموع و يذعن لإرادته، إرادة الصمود والقتال لأجل الحرية والمستقبل.
إن تحميل المسؤوليات لمن يحتكر موارد الصمود والقرار والتمثيل ومواقع السلطة الرسمية أو الفصائلية، لا يعني تنصل الفرد أو المجموع الشعبي الفلسطيني من مهماته ودوره ومسؤوليته المباشرة في مواجهة المحتل، أو ارتباك في إدراك أن المعركة تدور حول وجوده ومستقبل أبنائه.. كل طفل يولد اليوم نحن ملزمين تجاهه بالقتال لأجل مستقبله، كمسؤوليتنا عن تدبر احتياجاته المعيشية والمالية اليومية، فإن مسؤوليتنا عن تدبر مساحة له للعيش بحرية وكرامة، وفرصة لمستقبل بدون احتلال أو حواجز أو إذلال، لغد خال من العبودية لا يكون فيه خاضع لجنود المستعمر ومستوطنيه، ولا يضطر لتقديم ذرة من التنازل لأجل حياة ذليلة.
مسلسل الخذلان المستمر من قبل المنظومة الرسمية الفلسطينية، وحتى الخلل الكبير في ممارسات مركبات السياسة الفلسطينية بعمومها، ليست داع لتحلل من واجبنا تجاه أنفسنا، أو الكفر بحقوقنا، ولكن ليقبض الشعب على زمام سياسته وقراره وموارده، وينتزع حقه في تكريس موارده له، لصموده ومعركته ومعيشته.
نناضل وننتصر لأجل جامعات وطنية تكفل حق التعليم للجميع، وتنخرط في مواجهتنا مع المحتل، ولأجل صناعة أمننا المشترك الذي نردع به الاحتلال وندفعه نحو الهزيمة، لكي لا تغتال قوات العدو أبناء شعبنا في شوارع نابلس أو تعتقلهم في أحياء القدس ، وفي المدى لأجل سيادة عربية فلسطينية عادلة وديمقراطية على كل شبر من فلسطين، ووحدة شعبية عربية تتصدى لكل مشروع غزو استعماري في المنطقة، وتحفظ حقها في خيرات بلادها وسيادتها وموضع تصنع منه العدالة لشعوب المنطقة والعالم.
تلقى مشروع ضرب الحركة الطلابية الوطنية في جامعة بيرزيت ضربة، وحقق طلبتنا المناضلين الموحدين انتصارًا لشعبهم في جامعة بيرزيت، وانتصرت جموع شعبنا للشهداء في نابلس، حين التفت حول دمهم، وحظي مشروع فرض الهزيمة والاستسلام بخسارة جديدة، فحين تصعد إرادة الشعب وتعبر عن ذاتها بأدوات نضالية يخسر المحتل ومعه من يحاول فرض الاستسلام على شعبنا.
في الخليل ألجم شعبنا بنادق الاقتتال المجتمعي ولو إلى حين، وأكد أن شرعية النضال هي رصيد اجتماعي وسياسي وازن، قادر على حفظ أمننا وصناعة تلاحمنا داخليًا، والتصدي لكل مشاريع الاقتتال والتناحر التي تصنعها سياسات المعتدين، وكما في كل مواجهة كبرى خاضها شعبنا ضد العدو في الأعوام الأخيرة، يتأكد لنا أن هذا العدو عاجز عن مواجهتنا حين ننتفض تحت عنوان فلسطين الواحدة، كشعب واحد يرفض التقسيم، وكجموع ترفض التهاون في حقها، وتذهب نحو انتزاع قرارها في الشارع و بنماذج التنظيم المكرس للكفاح والمواجهة والنضال.
من المؤكد أننا بحاجة لمزيد من التنظيم، الذي يحيل هذه الإرادة الشعبية لأجسام نضالية جامعة، تنتزع سيادتها على مصيرها وقرارها السياسي، وتستعيد مواردها، وتبني ما يحتاجه مشروع التحرر الوطني من أدوات، ولكن هذا لن يتم إلا بتوسيع مساحة النضال، واستعدادنا جميعًا للانخراط في صناعة مصيرنا وليس في دفع ثمن النضال لأجله.
نعم للأسف، إن الأكثر استعدادًا للتضحية والفداء من بيننا يأنفون الانخراط في صراع لانتزاع حقنا جميعًا في استعادة وبناء القرار الوطني واخضاع كل مؤسسة فلسطينية للإرادة الشعبية، وهذا يحتاج لعمل طويل تنخرط فيه القوى الوطنية المؤمنة بحق شعبها ونضاله، وكل فرد وحراك وتجمع وجسم منظم، تنظيم النضال واستعادة سلطة الشعب هي طريق هزيمة الاحتلال وهو طريق لن يعجز شعبنا عن شقه والمضي فيه حتى تحقيق النصر.