Menu

على كافة الصعد

تقريريوم الأرض.. تاريخ من الترابط والمواجهة

فادي نعيم بارود

الذكرى الأولى لأحداث يوم الأرض عام 1977 - الداخل المحتل عام 1948

بوابة الهدف الإخبارية

46 عاماً تمر على انطلاق وتجديد شعلة المواجهة في كافة أنحاء فلسطين مع كيان الاحتلال، ما يؤكد أحقية أبناء شعبنا بأرضهم التاريخية، وقدرتهم على مواجهة الاحتلال الذي ما فتئ يدخر كل وسيلة لانتزاعهم منها، حيث شكل ذلك مظهراً جلياً للترابط الفلسطيني، وعلى كافة الصعد.

يوم الأرض الذي يصادف يوم 30 آذار/مارس من كل عام يخلد الكثير من التحديات التي واجهها أبناء شعبنا للحفاظ على أرضه، رغم سيطرة الاحتلال على نحو 85% وأكثر من المساحة الكلية لأرض فلسطين التاريخية، في محاولة لانتزاع الهوية والبقاء، فيواجه الفلسطيني قبل الأفعال فكراً صهيونياً أصولياً متطرفاً بالصفات.

تحول الماضي والحاضر إلى مصدر قوة في مواجهة النظام الاستيطاني الإحلالي، ففي ذلك اليوم عام 1976 هب فلسطينيو الداخل المحتل، ضد استيلاء الاحتلال على نحو 21 ألف دونم من أراضي القرى الفلسطينية بمنطقة الجليل، لصالح إقامة المزيد من المستوطنات، وصاحب ذلك إعلان الفلسطينيين الإضراب العام، رغم محاولات الاحتلال لكسر الإضراب بالقوة، واستشهاد 6 فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات، حيث اعتبر ذلك في حينها تحولاً بمسيرة النضال ضد الاحتلال، وصولاً إلى ضرورة حشد الجماهير في كافة الميادين.

ومن خلال ضرورة ترسيخ الوجود الفلسطيني بالداخل وكافة المناطق، واستدراك الخطر الداهم الذي يقترب بناءً على ما حدث في نكبة عام 48 حتى اليوم، تمكن الفلسطينيون وعلى مدار تاريخ المواجهة والصراع من المناورة الشعبية بشكل يقترب من المذهل وبعيد عن المتواضع من رفض المقايضات التي تفرض على أرض الواقع مقابل تنفيذ الكثير من الخطط التصفوية، بالرغم من فشل القيادة السياسية المتواصل والمتراكم على الطرف الآخر.

وفي إطار المواجهة الشاملة للاحتلال، والهبات الشعبية، والعمليات النوعية الأخيرة، والتي كان آخرها العملية البطولية التي قام بها الفدائي الشهيد ضياء حمارشة (27 عامًا) ما أدى إلى سقوط 5 قتلى في عمليتي إطلاق النار في منطقة "بني براك" وسط "تل أبيب"، تواصلت بوابة الهدف الإخبارية مع محللين ومفكرين للوقوف على ذكرى يوم الأرض، ومناقشة تطورات الساحة، وتوقعات الأحداث خلال شهر رمضان المقبل.

وقال المحلل السياسي راسم عبيدات، إن "الإنسان الفلسطيني رغم كل ما يتعرض له من طرد وتهجير واقتلاع وتطهير عرقي وقوننة وشرعنة ودسترة، لقوانين عنصرية وسياسات أبارتهايد مغرقة في التطرف والإقصاء، ما زال متمسكاً بهويته الوطنية وبكل مقومات وخصائص وجوده، رافضاً لسياسات الدمج والتذويب والطرد والتهجير".

وأكد عبيدات، في حديثه، أن هناك ماكنة "إسرائيلية" بكل أجهزتها السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية والنفسية، تعمل ليل نهار من أجل طحن وتطويع الإنسان الفلسطيني، في ظل مشروع استيطاني تهويدي اقتلاعي إحلالي، مشدداً على أن شعبنا الفلسطيني قادر على الصمود والبقاء و المقاومة، من انتفاضة يوم الأرض الخالد 30/ أذار 76 وحتى مشاريع تحريش النقب وبستنة أراضي سلوان وابتداع مشاريع في ظاهرها إنساني وخدماتي للسكان، تغطي وجه المحتل القبيح وعنصرية سياساته.

وأضاف "ابتدعوا في الشيخ جراح ما أسموه بمصادرة الأرض للسيطرة على الأرض وإقامة المستوطنات، من أجل إقامة مدارس للسكان العرب، في منطقة لا تحتاج للمدارس، ولعل تجربة قطعة الأرض التي جرى السيطرة عليها في حي واد الجوز تحت ذريعة أن المصادرة من أجل إقامة مدرسة تحل أزمة طالبات المرحلة الثانوية العربيات في القدس ، ما زالت ماثلة في عقول وأذهان أبناء شعبنا".

وتابع أن "المحتل يدرك بأن تطبيق شعاراته بيهودية القدس وحسم السيطرة والسيادة عليها، لا يمكن أن يتحقق بدون قلب الموازين الجغرافية والديمغرافية فيها لصالح المستوطنين، وهذا يحتاج لحرب شاملة بحق الشعب وهو ما يظهر بعمليات الهدم الواسعة في القدس والداخل المحتل عام 48 ومناطق الضفة".

وأكمل عبيدات، أنه من أجل منع تفكيك وتطويع الوعي لشعبنا لا بد من استعادة الوعي الجمعي وشمولية الاشتباك الشعبي السلمي، مؤكداً ضرورة الاحتياج لقيادة جريئة وموثوقة، لديها مبادرات خلاقة في النضال والمقاومة الشعبية.

وأشار إلى أنه ومن دون ذلك فسيستطيع الاحتلال الوصول لأهدافه ومراميه في تفكيك هذا الوعي وصهره، وصولاً إلى خوض معارك الدفاع عن الوجود والأرض والبيوت بشكل فردي.

ومن جهته، قال المفكر والباحث الفلسطيني غازي الصوراني، إن انتفاضة يوم الأرض في آذار 1976 جاءت كمحصلة لمجموعة من التفاعلات السكانية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية على الصعيد الداخلي للجماهير الفلسطينية، بينها وبين نظام السيطرة الاستيطانية العنصرية الذي يزداد عنفا وعنصرية يوما بعد يوم.

وأكد الصوراني، في حديثه، أن تلك الانتفاضة، جاءت بمثابة رد الشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة عام 48، على كافة قرارات وإجراءات العدو الصهيوني لمصادرة الأراضي، وقد تجلى ذلك الرد الشعبي الحاسم في 17 شباط بعقد مؤتمر شعبي فلسطيني في قرية سخنين، بمشاركة وفود عدد من المجالس المحلية العربية وأعضاء (اللجنة ال قطر ية للدفاع عن الأرض) وطالب بوقف هذه الإجراءات وإعادة الأرض لأصحابها أو لاختصاص المجالس المحلية، وتبع ذلك لقاءات ومؤتمرات تدعو للتحرك.

وتابع "وفي 6-3-76 عقد مؤتمر في الناصرة بحضور أكثر من 70 شخصية تمثل الجماهير الفلسطينية في كل القطاعات وتألفت (اللجنة الوطنية للدفاع عن الأراضي) التي أعلنت الأضراب الشامل ونفذته الجماهير يوم 30/آذار/1976 التي خرجت بالآلاف معلنة تمسكها بأرضها وأرض أجدادها، مؤكدة على رفضها قرارات المصادرة الصهيونية".

وأضاف "دخل قرار المصادرة حيز التنفيذ في 23-3-76 وجرى تهديد الشخصيات الفلسطينية لإلغاء الإضراب، ولكن الضغط فشل وجرى الإضراب الشامل، وكان هناك 6 شهداء هم: خير محمد ياسين، رجا حسين أبو ريا، خضر عبد خلايلة، خديجة شواهنة، محمد يوسف طه، ورأفت الزهيري، وبسقوطهم سقطت كل الأوهام وتبددت كوابيس الخوف إذ سطروا بدمائهم أنشودة البقاء".

وأشار إلى أن الوحدة الوطنية تجلت بأروع صورها في الثلاثين من آذار عام 76 وخرجت الجماهير إلى الشوارع، حيث قادت الجماهير نفسها إلى الصدام مع المؤسسة الرسمية احتجاجاً على مصادرة الأراضي، وبلغ وعي الخطر الداهم على الأرض أوجه في ذلك اليوم.

وأردف: لم تتوقف مقاومة شعبنا ضد السياسات الاستيطانية، وهى تأتي في نطاق المواجهة الشاملة للاحتلال، كمواجهةٍ تتعلق بالوطن ككل وبكل ذرة تراب من أرضه.

وشدد الصوراني في مجمل حديثه، على أن الموقف الثوري الصريح من الحق التاريخي لشعبنا في أرض وطنه ينطلق من الحقوق التي تفترض استعادة فلسطين بإنهاء الدولة الصهيونية، قائلاً "هذه هي المسألة الجوهرية رغم ضخامتها، أو رغم التشكيك الذي يطالها لأن ميزان القوى الآن لا يساعد على تحقيقها".

ولفت إلى أن ليوم الأرض الأثر الأكبر على تأكيد وتجسيد بلورة الهوية السياسية الوطنية للفلسطينيين، الهوية المرتبطة راهناً ومستقبلاً بالهوية القومية العربية ذات الطابع والجوهر الديمقراطي التقدمي.

وبين أنه في كل مرة ومرة "نستعيد نحن الفلسطينيون في ذكرى يوم الأرض، أطياف ذكريات ماضية واصراراً على مواصلة النضال من اجل العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال".