Menu

فلسطين خط النار

بوابة الهدف الإخبارية

خاص_بوابة الهدف الإخبارية

لأكثر من مئة عام قاتل الشعب الفلسطيني عدوه الغازي، ورسم بالرصاص والدم والتضحية خط استحال على العدو إلغاؤه، فرغم اختراق هذا الخط بمشروع التسوية وفي محطات انكسار عديدة؛ يستعيد هذا الشعب في كل مرة قدرته على الفعل ويرمم أدواته ويجترح أدوات وأساليب للقتال، ويتغلب من جديد على منظومة القهر بأدواتها المختلفة.

في دفاع الفلسطيني عن أرضه وعن وجوده ضد مشروع الإبادة؛ تكفل فعليًا بمنع تمدد المشروع الصهيوني للهيمنة على المنطقة العربية بأسرها، وأذكى حالة المقاومة في المنطقة في مواجهة الاستعمار بأدواته وأطواره المختلفة، وقد تكفل الصمود الفلسطيني والمقاومة النشطة التي أنتجها في إيجاد بؤر اشتباك على نحو مستمر مع هذا المشروع؛ التف حولها الجمهور العربي وشكلت رافعة لموقفه ووعيه من مجمل المشروع الاستعماري في المنطقة. إن هذا الدور تحديدًا هو محور استهداف المشروع الاستعماري للفلسطينيين، وليس فقط الأرض والتواجد البشري عليها إلا بقدر ما يمثله هذا التواجد من تعبير مقاوم ومشروع لهوية المنطقة ورفضها للاستعمار والخضوع.

في هذه المرحلة وفي حمى نشوة العدو بتحولات معسكر الهزيمة العربي المتمثلة في إعلان سلسلة التحالفات مع الكيان الصهيوني، التي عززت ظنون العدو بإمكانية الهيمنة على المنطقة بأسرها؛ يواصل الفلسطيني تحديه للمنظومة الصهيونية وكسره للصورة التي تحاول تصديرها لتابعيها من العرب وحلفائها الغربيين؛ صورة صانع الأمن والمُنتج والمُصدر الأبرز لسلع القمع والتطويع والترهيب المختلفة؛ أدوات القتل المباشر، والتجسس، ومنظومات الدفاع الجوي بطبقاتها المختلفة؛ تختبر امام الفلسطيني في ساحة حرب حقيقية، تماثل نموذج الحرب الاستعمارية الجديدة، حيث تقاتل تكنولوجيات الموت والصناعة العسكرية الفائقة ضد الشعوب وحركاتها المقاومة والرافضة للاستعمار، وما يمثله كل فعل فلسطيني في مواجهة هذه المنظومة بشقها العسكري الأمني أو بجوانبها السياسية إلا إثبات لفشل هذا النموذج، وما إسقاط "سلعة أمن" إلا ضربة جديدة لمشروع هيمنة الغزاة الصهاينة على المنطقة، وهيمنة منظومة الغزو الاستعماري على العالم بأسره.

يد ضياء حمارشة الممسكة بسلاح بدائي حين ضغط الزناد مسددًا نظره ورصاصته ومقيمًا دولته في قلب منظومة أمن العدو المحتلة لأرض فلسطين، كانت تعبيرًا مكثفًا عما مثله الفلسطيني في هذا الصراع؛ إذ يطارد الأسير الفلسطيني جلاديه بعد خروجه من سجونهم وظنهم أنهم قد أتقنوا قمعه وأسقطوا فعله، وفي التوقيت؛ إذ وازى ذلك اجتماع قادة الغزو الصهيوني مع أتباعهم من العرب المهزومين، فهو يحفظ خط النار الفلسطيني الذي يتصدى لإمكانية فرض استسلام شامل على شعوب هذه المنطقة، هنا ولدنا وهنا نعيش وهنا سنقاتل، وهنا سيهزم هذا المشروع، كما ضربهم رعد حازم في قلب تل أبيب، حين ظنوا أنهم قد أوهنوا عزائم الفدائيين بعملية الاغتيال في جنين.

إن البحث في تفاصيل صناعة سلاح بدائي في ظل الرقابة والاعتقال والتنكيل اليومي بالفلسطينيين، أو تلك الجسارة والدراية التي تحرك بها الفدائي كأنه تدرب على عمليته ألف مرة، ليس أقل من تدريب للعقل والإرادة، وتعلم ضروري لكل من يرفض العبودية، فهذا العالم وخصوصًا في هذه البقعة، لم يترك الكثير من الخيارات لمن يرفض الاستسلام، فليس لهذا الرفض معنى إلا القتال أو السعي له بكل طريقة ممكنة.

"تل أبيب" تحت النار، بعد ٢٠ عام من بناء جدار العزل، و١٠٠ عام من التنظير للتحصينات الأمنية، و٨٠ عام من الدعم العسكري للعصابات الصهيونية، ما زالت المستوطنة الأساس في مركزها تتلقى الرصاص، ويطارد فيها فلسطيني حر جلاديه ويعيد للعالم بعض من الاتزان.