Menu

الحربُ المعرفيّة: تدميرُ الثقةِ واختطافُ العقلِ البشريّ

أحمد مصطفى جابر

نشر في العدد 36 من مجلة الهدف الرقمية

تمهيد:

الجميعُ يقرُّ بتغيرِ طبيعةِ الحرب، وهذا صحيح؛ لأنّ معظمَ النزاعات الحاليّة - مع الاستثناء الأوكراني - تظلُّ دونَ عتبة التعريف المقبول تقليديًّا للحرب، لكن هذا لم ينفِ ظهور تعريفاتٍ جديدةٍ لحروبٍ متغيّرة، قديمة - متجدّدة، مثل  Cognitive Warfare (CW)- الحرب المعرفيّة، التي تتعامل مع العقل البشري ساحةَ معركة، ومجالًا للنزاعِ والهيمنةِ أيضًا. وقد اكتسبت الحربُ المعرفيّةُ أهميّةً متزايدة؛ ارتباطًا بمستوى إنتاج المعلومات وتدفّقها، ومحدوديّة العقل البشريّ، ولم يكن مستغربًا من ثَمَّ أن تكون أدواتها واستراتيجيّاتها على طاولات البحث لدى الجيوش الكبرى والصغرى على حدٍّ سواء، فهي تمثّل ساحةَ صراعٍ أساسيّة بين الناتو والولايات المتّحدة من جهة، وروسيا والصين وإيران، والدول الأخرى المستهدفة من جهةٍ أخرى.

لا نبالغ إذا قلنا: إنّ هذه الحرب أسقطت أنظمةً وغيّرت نظمًا، وخرّبت تحالفات، وغيّرت الكتف الذي حملت عليه البندقيّة في عددٍ كبيرٍ من الساحات، دون إطلاق رصاصةٍ واحدة، وهي معركةٌ تدور رحاها بالنسبة لنا نحن الفلسطينيّين، منذ لحظة الاحتلال عام 1948، واندلاع حرب الرواية والسرد، لما حدث وسيحدث، وما يحدث الآن؛ من ثَمَّ هي حربٌ تقلُّ ضراوةً عن معارك الخنادق والمتاريس، لكنّها على الأرجح أكثرُ ضررًا وإحداثًا للخسائر التي لا تكون ربّما ماديّة، بالدم بل العقول والهويات، ومواقف الشعوب وقدرتها على الصمود والمقاومة. ورغم أنّ البشريّة خبرت هذا النوع من الحملات، بل إنّها ربّما أصبحت مألوفة، إلا أنّه مع تزايد دور التكنولوجيا والمعلومات الزائدة التي تتدفّق دون حدود، لم تعد القدرات المعرفيّة الفرديّة كافيةً لضمان اتخاذ قراراتٍ مستنيرةٍ في الوقت المناسب، وهذا ما جلب المفهوم الجديد للحرب المعرفيّة، الذي أصبح مصطلحًا متكرّرًا في الأدبيّات العسكريّة في السنوات الأخيرة.

لكلّ حربٍ أدواتُها، وأدواتُ الحرب المعرفيّة هي في جانبٍ منها تقنيّات التضليل والدعاية التي تهدف إلى استنفاد مستقبلات المعلومات نفسيًّا، وتدفع الجميع بوعيٍ أو دونه لتوفير معرفةٍ لا تقدّر بثمنٍ ومجانية، ويمكن بعد ذلك تحويل هذه المعرفة إلى سلاحٍ بسهولة، حيث إنّها توفّر للعدوّ وسيلةً لتجاوز ساحة المعركة التقليديّة بنتائجَ استراتيجيّةٍ مهمّة، التي يمكن استخدامها لتغيير المجتمعات بشكلٍ جذريّ، إلى جانب ما يسمّى "الأسلحة العصبيّة"، فإنّ أدوات حرب المعلومات تضاف إلى المنظورات التكنولوجيّة المستقبليّة، مما يشير إلى أنّ المجال المعرفي هو أحدُ ساحات القتال، ويحدث الآن. 

يجب أن نتذكّر دائمًا أنّه ومهما كانت طبيعة الحرب وموضوعها، فإنّ الأمرَ يتعلّق دائمًا بالصراع الناتج من إرادة الإنسان، ومن ثَمَّ، فإنّ ما يحدّد النصر هو القدرة على فرض السلوك المرغوب على الجمهور المختار، عبرَ إجراءاتٍ تتمُّ في المجالات الخمسة - الهواء، الأرض، البحر، الفضاء، والإنترنت أو السايبر، ويتمّ تنفيذها جميعًا من أجل أن يكون لها تأثير على المجال البشري، وهذا المجال يعدّ مجال العمليّات السادس، أي المجال البشري.

تعدُّ القدراتُ المعرفيّةُ الفرديّةُ والتنظيميّة ذات أهميّةٍ قصوى؛ بسبب سرعة المعلومات المتاحة وحجمها في ساحة المعركة الحديثة، إذا كانت التكنولوجيا الحديثة تبشّر بتحسين الأداء الإدراكي البشري، فإنّها تحمل أيضًا بذور التهديدات الخطيرة للمنظّمات العسكريّة والمجتمعات والأطر السياسيّة على حدٍّ سواء، ولأنّ هذه المجالات تتكوّن من البشر، تؤثّر القيود والتفضيلات البشريّة في النهاية على السلوك التنظيميّ وعمليّات صنع القرار، وتخضع القرارات لمشكلة العقلانيّة المحدودة، ولكن غالبًا ما يتمُّ التغاضي عن هذا القيد في الممارسة العمليّة خصوصًا في المجال العسكري.

ظهورُ الحرب المعرفيّة؛ من حرب المعلومات إلى الحرب الإدراكيّة:

حربُ المعلومات (IW) هي أكثرُ أنواع الحروب ارتباطًا، ومن ثَمَّ، أكثر أنواع الحروب دمجًا بسهولةٍ فيما يتعلّق بالحرب الإدراكيّة. ومع ذلك، هناك فروقٌ رئيسيّةٌ تجعلُ الحرب المعرفيّة فريدةً من نوعها بما يكفي لتتمَّ معالجتها في إطارٍ خاص.

كمفهومٍ، تمّ صياغة وتطوير IW لأوّل مرّةٍ في ظلّ عقيدة الجيش الأمريكيّ، وقد تمَّ تبنّيها لاحقًا في أشكالٍ مختلفةٍ من قبل العديد من الدول، وتقوم معياريًّا على خمس عناصر: الحرب الإلكترونيّة، وعمليّات شبكة الكمبيوتر، والعمليّات السيكلوجيّة PsyOps، والخداع العسكري، وأمن العمليّات". بإيجاز، تهدفُ حرب المعلومات إلى التحكّم في تدفّق المعلومات، وقد صُمّمت حرب المعلومات بشكلٍ أساسيٍّ لدعم الأهداف التي تحدّدها المهمّة التقليديّة للمنظّمات العسكريّة - أي إحداث تأثيراتٍ حركيّةٍ مميتةٍ في ساحة المعركة، وإن لم تكن مصمّمةً لتحقيق نجاحاتٍ سياسيّةٍ دائمّةٍ، لكن يبدو أنّ هذا يتغيّر في الواقع العالميّ الآن.

من المعروف أنّ العلوم المعرفيّة تشملُ جميع العلوم التي تتعلّق بالمعرفة وعمليّاتها (علم النفس، واللغويّات، والبيولوجيا العصبيّة، والمنطق، وأكثر من ذلك). ومن ثَمَّ، فإنّ الحرب المعرفيّة هي طريقةٌ لاستخدام المعرفة لغرضٍ متضارب. بمعناها الواسع، لا تقتصر الحرب الإدراكيّة على العالم العسكريّ أو المؤسّسي. منذ أوائل التسعينيات، تميلُ هذه القدرة إلى التطبيق في المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة، وأي مستخدمٍ لتقنيات المعلومات الحديثة هو هدفٌ محتمل. إنّها تستهدف رأس المال البشريّ للأمّة بالكامل.

التحوّل الأكثر لفتًا للانتباه في هذه الممارسة من العالم العسكري إلى المدني؛ هو انتشار أنشطة الأسلحة المعلوماتيّة الإدركيّة عبرَ الحياة اليوميّة التي تقع خارج نطاق السلام العادي والصراع والأزمات (مع آثارٍ ضارّة)، حتّى إذا كان من الممكن شنّ حربٍ معرفيّةٍ لاستكمال نزاعٍ عسكريّ، فيمكن أيضًا إجراؤها بمفردها، دون أي صلةٍ باشتباكٍ مع القوّات المسلّحة، ودون إطلاق طلقةٍ واحدة، علاوةً على ذلك، فإنّ الحرب المعرفيّة قد لا تنتهي؛ لأنّه لا يمكن أن تكون هناك معاهدة سلام أو استسلام لهذا النوع من الصراع، وتوجد الآن أدلّةٌ تظهر أنّ أدوات الأسلحة المعرفيّة الجديدة وتقنيّاتها تستهدف الأفراد العسكريين بشكلٍ مباشر، ليس فقط بأسلحة المعلومات الكلاسيكيّة، لكن أيضًا مع ترسانةِ أسلحةٍ عصبيّةٍ متناميةٍ وسريعةِ التطور؛ تستهدفُ الدماغ. من المهم التعرّف على المساعي المكرّسة لمختلف الدول لتطوير عمليّاتٍ غير حركيّةٍ تستهدف الإنسان بآثارٍ على كلّ المستويات - من المستوى الفرديّ إلى المستوى الاجتماعيّ والسياسيّ.

مركزيّةُ الدماغ البشريّ؛ "في الحرب المعرفيّة، من المهمّ أن تعرف نفسك أكثرَ من أيّ وقتٍ مضى."

كان الدماغُ محظى اهتمام العلماء وافتنانهم لقرونٍ عديدة، وحتّى الآن ما زلنا نجهل عنه أكثر ممّا نعرف، رغم أنّنا انتقلنا معه من حيّز "غير المفهوم" إلى حيز الكشف عن أسراره، وتعلمنا المزيد عنه في العقد الماضي أكثر من أيّ قرنٍ سابق؛ وذلك بفضل الوتيرة المتسارعة للبحث في العلوم العامة، والعلوم السلوكيّة، وتطوير تقنيّات بحثٍ جديدة. لذلك، فإنَّ فهم الدماغ هو التحدّي الرئيسي للمستقبل، في حين تظلُّ عمليّاُت صنع القرار لدينا تتمحور حول الإنسان على وجه الخصوص من خلال قدرته على التوجيه في حلقة: OODA)) (مفهوم مهمّ في عمليّات صنع القرار، ويشير إلى الميزة الاستراتيجيّة التي يتفوّق بها صانع القرار على خصومه عندما يراقب الموقف ويوجّه نفسه ثم يتصرّف على هذا الأساس)، التي تغذّيها البيانات والتحليل والتصوّرات، فإنّ عدم قدرة الإنسان على معالجة وفرة البيانات ودمجها وتحليلها في الوقت المناسب يستدعي من الآلة القيام بذلك. ومن أجل الحفاظ على التوازن بين الإنسان والآلة في عمليّة صنع القرار، يصبح من الضروريّ أن تكون على درايةٍ بالقيود البشريّة ونقاط الضعف، ويبدأ كلُّ شيءٍ بفهم عمليّات الإدراك لدينا، والطريقة التي يعمل بها دماغنا. وخصوصًا فهم نقاط ضعف الدماغ البشري، حيث طوّر البشر تكيّفات للتعامل مع القيود المعرفيّة ممّا يسمح بمعالجةٍ أكثرَ كفاءة للمعلومات وتؤدّي هذه نفسها إلى حدوث تشوّهاتٍ في ملفّات تفكيرنا وتواصلنا، مما يجعل جهود الاتّصال غيرَ فعّالةٍ وعرضةً للتلاعب والتضليل أو التشويش، ويمكن أن تؤدّي هذه التحيّزات المعرفيّة إلى أحكامٍ غيرِ دقيقةٍ وضعفٍ في اتّخاذ القرار الذي يمكن أن يؤدّي إلى تصعيدٍ غيرِ مقصودٍ أو منع تحديد التهديدات في الوقت المناسب. وعلى وجه الخصوص، فالدماغُ غيرُ قادرٍ على التمييز بين ما إذا كانت معلوماتٍ معيّنةً صحيحةً أم خاطئة، وهو يعمد إلى اتّخاذ طرقٍ مختصرةٍ لتحديد مدى مصداقيّة الرسائل في حالة الحمل الزائد للمعلومات، ويقود إلى تصديق العبارات أو الرسائل التي سمعت بالفعل على أنّها صحيحة، على الرغم من أنّها قد تكون خاطئة، ويقبل الأقوال على أنّها صحيحة، إذا كانت مدعومةً بالأدلّة، دون اعتبارٍ لصحّة ذلك الدليل. هذا هو، من بين العديد من الأشياء الأخرى، التحيّز المعرفيّ، الذي يتمَّ تعريفُهُ على أنّه نمطٌ منهجيٌّ للانحراف عن القاعدة أو العقلانيّة في الحكم. وهناك العديد من التحيّزات المعرفيّة المختلفة التي تنبع بطبيعتها من الدماغ البشري، معظمها ذات صلةٍ ببيئة المعلومات.

الهندسةُ الاجتماعيّةُ أو تحييدُ القدراتِ الفرديّة:

تبدأُ الهندسةُ الاجتماعيّةُ دائمًا بالغطس العميق في البيئة البشريّة للهدف. الهدفُ هو فهمُ نفسيّة الأشخاص المستهدفين. تعدُّ هذه المرحلة أكثرَ أهميّة من أيّ مرحلةٍ أخرى؛ لأنّها لا تسمح فقط بالاستهداف الدقيق للأشخاص المناسبين، ولكن أيضًا لتوقّع ردود الفعل وتطوير التعاطف؛ فهم البيئة البشريّة هو مفتاحُ بناء الثقة التي ستؤدي في النهاية إلى النتائج المرجّوة، حيث البشرُ هدفٌ سهلٌ؛ لأنّهم جميعًا يسهمون من خلال توفير المعلومات عن أنفسهم ويمنحون مزيدًا من القوّة المعلوماتيّة للخصوم، ولأنّ "الحرب المعرفيّة هي حربُ أيديولوجيّاتٍ تسعى جاهدةً لتقويض الثقة التي يقوم عليها كلُّ مجتمع"،  لذلك يصبح الفرد هو السلاح، في حين أن الهدف ليس مهاجمةَ ما يعتقده الأفراد بل طريقة تفكيرهم. ولديها القدرة على تفكيك العقد الاجتماعي بأكمله الذي تقوم عليه المجتمعات.

دورُ العواطف:

في العالم الرقمي، ما يسمح للصناعات الرقميّة وعملائها (وخاصّة المعلنين) بالتمييز بين الأفراد في الحشد، وتحسين التخصيص والتحليل السلوكي، هي المشاعر؛ تمَّ تصميمُ كلّ منصّةٍ وسائطَ اجتماعيّة، وكل موقع ويب ليكون إدمانًا ولإثارة بعض الانفجارات العاطفيّة، مما يؤدّي إلى محاصرة الدماغ في دائرة من المنشورات.

تتسبّب السرعة والشدة العاطفيّة وخصائص غرفة الصدى لمحتوى الوسائط الاجتماعيّة في تعرّض أولئك الذين يتعرضون له لردود فعل أكثر تطرّفًا؛ تعدّ وسائل التواصل الاجتماعي مناسبةً بشكلٍ خاصٍّ لتفاقم الاستقطاب السياسي والاجتماعي؛ بسبب قدرتها على نشر الصور العنيفة والشائعات المخيفة بشكلٍ سريعٍ ومكثّف، إذ "كلما انتشر الغضب، أصبح مستخدمو الإنترنت أكثرَ عرضةً لأن يصبحوا متصيّدون".

على المستوى السياسي والاستراتيجي، سيكون من الخطأ التقليل من تأثير العواطف؛ أظهر دومينيك مويسي في كتابه "الجغرافيا السياسيّة للعاطفة" كيف أنّ العواطف - الأمل والخوف والإذلال - تشكّل العالم والعلاقات الدوليّة مع تأثير غرفة الصدى لوسائل التواصل الاجتماعي، من خلال الحدّ من القدرات المعرفيّة، تؤدّي العواطف أيضًا دورًا في اتّخاذ القرار والأداء والرفاهيّة العامة، ومن المستحيل منع الناس من تجربتها، "في مواجهة العنف، فإنّ العقبة الأولى التي سيتعيّن عليك مواجهتها لن تكون المعتدي عليك، بل ردود أفعالك".

الحربُ المعرفيّة: دعايةٌ تشاركيّة

من نواحٍ عديدة، يمكن مقارنة الحرب المعرفيّة بالدعاية، التي يمكن تعريفها بأنّها "مجموعةٌ من الأساليب التي تستخدمها مجموعةٌ منظّمةٌ تريد تحقيق المشاركة الإيجابيّة أو السلبيّة في أفعالها من قبل مجموعةٍ من الأفراد، موحّدين نفسيًّا من خلال أساليبَ نفسيّة. التلاعب ودمجها في منظّمة"؛ الغرض من الدعاية ليس "برمجة" العقول، لكن التأثير على المواقف والسلوكيّات من خلال جعل الناس يتبنّون "الموقف الصحيح"، الذي قد يتكوّن من القيام بأشياء معيّنة، أو في كثير من الأحيان، التوقّف عن القيام بها.

يتمُّ استغلالُ الحرب المعرفيّة بشكلٍ منهجيٍّ عنصرًا من مكوّناتٍ استراتيجيّةٍ عالميّةٍ من قبل الخصوم؛ بهدف إضعاف استقرار السكّان وزعزعة المؤسّسات والدول المستهدفة، من أجل التأثير على خياراتهم، لتقويض استقلاليّة قراراتهم وسيادة مؤسّساتهم؛ تجمع هذه الحملات بين المعلومات الحقيقيّة والمشوّهة (المعلومات الخاطئة) والحقائق المبالغ فيها والأخبار الملفّقة (التضليل)،  وهذا يتطلّبُ من المعتدي أن يكون لديه فهمٌ عميقٌ للديناميكيّات الاجتماعيّة والسياسيّة التي تؤديه، وأن يعرف بالضبط متى وكيف يتغلغل لاستغلال هذه الثغرات بشكلٍ أفضل، حيث تختلف CW عن الدعاية في حقيقة أن الجميع يشارك، عن غير قصدٍ في الغالب، في معالجة المعلومات، وتكوين المعرفة بطريقةٍ غيرِ مسبوقة، هذا هو تغييرٌ دقيقٌ لكنّه مهمّ، في حين كان الأفراد يخضعون بشكلٍ سلبيٍّ للدعاية، فإنّهم الآن يسهمون بنشاطٍ فيها، وأصبح استغلال الإدراك البشري صناعةً ضخمة، ومن المتوقّع أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي الناشئة ستوفّر قريبًا دعايةً محسّنةً بشكلٍ جذريٍّ للقدرة على التلاعب بالعقول البشريّة، وتغيير السلوك البشري.

 

*اعتمد هذا المقال على عدد كبير من المؤلفات والأدبيات المنشورة أو المتاحة على الشبكة، وبشكل خاص: وثائق مركز الناتو المتخصص للابتكار والأمن الدفاعي في كندا، (IDEAS و معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني (INSS)، ومعهد أبحاث منهجية الذكاء (IRMI)في مركز ذاكرة وتراث مجتمع المخابرات "الإسرائيلي"، وورقة Warfighting 2040، الصادرة عنACT القيادة عسكرية تابعة لحلف الناتو، التي تشكلت في عام 2003 بعد إعادة هيكلة الناتو. والكتاب الرائد cognitive warfare فرانسوا دو كلوزيل، الذي صدر أيضا برعاية القيادة العسكرية للناتو ACT.