ما يجري في رقعة جغرافية محدودة هي أوكرانيا – ليس حدثا محدودة آثاره وتبعاته، بمآلات وسيناريوهات، تلك الحرب، إذ كان الحديث يدور عن حرب عالمية ثالثة، فإن وقف أو استمرار الحرب الدائرة، لا يعني نهاية تلك الحرب التي نتحدث عنها، الحروب الواسعة، لا تنته خلال أسابيع أو أشهر، ولا تتوقف عند استخدام المعدات الحربية، إذا كان من الضروري الإشارة إلى من يتحمل المسؤولية عن اندلاع تلك الحرب، فإن علينا الاعتراف بأن الولايات المتحدة فعلت كل ما يلزم، لدفع روسيا نحو الدفاع عن مصالحها وأمنها الاستراتيجي، في المشهد تظهر روسيا، مقابل أوكرانيا، ولكن في المشهد الحقيقي، فإن روسيا في مواجهة مع الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، الذين يخوضون حرباً بالوكالة، لا يقتصر وقودها على الأوكران، وإنما ستدفع دول كثيرة في هذا العالم أثماناً باهظة، ثمة من يدفع مئات مليارات الدولارات، ويدفع وهنا مكلفا على مستقبله مثل أوروبا، وهي الضحية الأبرز، ولكن ثمة من سيدفع تكاليف الارتفاع الجنوني لأسعار الطاقة، والمواد الغذائية والأولية.
في سنوات سابقة أدت الحرب الأمريكية على يوغسلافيا، إلى تقسيمها إلى سبعة دول، وأدت حروبها اللاحقة إلى تدمير وإفقار العراق، وأفغانستان، وها هي اليوم تصب الكثير من الزيت على نار الحرب التي ستؤدي إلى تدمير أوكرانيا. نعم قد تتوقف الحرب، بعد وقت في الميدان، ولكنها ستستعر على المستوى الشامل، بسبب التداعيات الخطيرة، للعقوبات الأمريكية والأوربية، ليس على روسيا واقتصادها فقط، وإنما على النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. في هذه الحرب ليس ثمة منتصر ومهزوم، فالكل مهزوم، لكن النظام سيتغير نحو عالم متعدد الأقطاب، وعلينا أن نتذكر أن وجود الردع النووي، يجعل لهذه الحرب طابعا وأدوات مختلفة.