Menu

أفلا يعقلون؟!

طلال عوكل

يعكس المثل الشعبي الذي يقول "يا رايح كثر ملايح" رحلة حكومة الوفاق، بعد أن ألقت بالمزيد من الأحمال الثقيلة على كاهل عشرات آلاف الموظفين العموميين، الذين يرزحون تحت وطأة أعباء الحياة.

الشكاوى كثيرة وموجعة من عديد الفئات التي تحولت إلى وضعية الشؤون الاجتماعية، ولسان الحال يقول "أن الشكوى لغير الله مذلة".

الأزمة التي تعاني منها السلطة حقيقية، بسبب رفضها الانصياع للسياسة الإسرائيلية التي تمارس القرصنة على الأموال الفلسطينية، من خلال اقتطاع ما يساوي رواتب أسر الشهداء والأسرى. موقفٌ وطنيٌّ لا غبارَ عليه ويستحق أن يتحمل الكلُّ الوطنيّ المسؤولية عن ثباتِه، حتى لو أدى إلى شدّ الأحزمة على البطون بشرط أن يتساوى الكل، فمن ساواك بنفسه ما ظلم. ولكن من بين الشكاوى المحقة الكثيرة، بعض الفئات المظلومة مثل تفريغات 2005 وموظفي سلطة الطاقة، ثمة قضية تتجاوز منطق الشكوى، وهي تلك التي تتصل بخصم 50% من مرتبات المتقاعدين.

نذهب الأمر إلى خرق واضح وفاضح للقانون، والذي يعتبر أن هيئة المتقاعدين هيئة مستقلة شأن العديد من الهيئات، وبالتالي إن جاز الاقتراض منها كما الاقتراض من البنوك، لا يجوز أن يسري عليها ما يسري على الموظفين الذين تتحمل وزارة المالية المسؤولية عن صرف مستحقاتهم. ويعود بنا الأمر إلى حراك الضمان الاجتماعي الذي أدي إلى تأجيل العمل به.

كان من الممكن التواصل إلى تعديلات مقبولة للقانون (الضمان الاجتماعي) ولكن المسألة تتعلق بعدم الثقة بالسلطة واحترامها لحقوق الناس. عملياً، يشكل صندوق المتقاعدين والضمان الاجتماعي الحامي الأساسيّ لمدّخرات المجتمع، ولذلك فإن آخر ما للسلطة أن تفكر به أن تمدّ يدها على مقدرات الناس وحقوقهم. في الواقع فإن سريان مفعول الخصم على الرواتب والمتقاعدين الذين يحصلون في الأساس على 70% من مرتباتهم قبل التقاعد، ما يهبط بالخصم الآخر إلى نحو 37 % من رواتبهم، هذا الأمر يشكل سابقة تحذيرية لرفض الناس قانون الضمان الاجتماعي من أساسه، خوفًا من الناس على مدخراتهم وحقوقهم، وربما لم تخطر هذه القصة على بال صاحب القرار، أو أنه لم يجد نفسه مضطراً لذلك طالما هو مغادر موقع المسؤولية