Menu

عالم يجب أن يتغير

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

منذ بداية الأزمة الخاصة بفيروس كورونا، انشغل النظام العالمي وحكوماته ومكوناته الرئيسية في حسابات الربح والخسارة أكثر مما هي حسابات الصحة والأرواح، فبينما كان نموذج الخسارة الكارثية للأرواح نشطًا في إيطاليا لم يكترث أحد باتخاذ إجراءات طارئة واستثنائية على مستوى الاستعدادات الصحية في بقية الدول الأوروبية، هذا ناهيك عن الالتفات لغيرها من دول العالم المُفقَرة والمهمشة.

الكمامات التي تحتاجها إسبانيا حاليًا ويجري استيرادها بالملايين، وأجهزة التنفس الصناعي، والروبوتات الفاحصة وبدلات الوقاية، كل هذه الأدوات كان يفترض أن تكون وافرة لدى أي قطاع صحي في بلد متوسط أو دون المتوسط، من حيث قدرته الاقتصادية، ناهيك عن دول المعسكر الأوربي والغربي، وإن غابت جراء التقطير المتعمد على القطاع الصحي والنفقات الاجتماعية للدول فستكون حتمًا أولوية حينما يزحف المرض ويهدد صحة الملايين، لكن انشغال النظم الأوروبية خصوصًا والغربية عمومًا كان مختلف؛ فالحكومة البريطانية قررت الكذب على الناس لعدة أيام باختراع نظرية عن مناعة القطيع لتبرير عدم اتخاذ أي تدابير احتياطية، واستمرارها في تشغيل الاقتصاد والأسواق حرصًا على رأس المال وأصحابه، ولو على حساب صحة الملايين.

كل خبر نقرأه الآن ومعلومة نسمع بها عن إجراء جديد على مستوى المنشآت والأدوات الصحية التي تدخل لحيز الاستخدام الآن أو يتم استيرادها، هو دليل إدانة على إجرامية العالم الرأسمالي وقياداته وحكوماته، فهذه الأدوات كانت متاحة وهذه الإجراءات كانت ممكنة لتنقذ ملايين الأرواح لو تم التبكير بالقرارات بضعة أيام فحسب، فما بالك لو تحدثنا عن التبكير لبضعة سنوات في تحضير قطاع طبي لائق لإنقاذ الأرواح.

الحقيقة، أن هذه الدول المتقدمة اقتصاديًا والمهيمنة على هذا العالم لسنوات طويلة جدًا، لديها أنياب ومخالب كبيرة اهتمت بتنميتها لتتغول بها على شعوب العالم الفقير، وتواصل فرض هيمنتها لمصلحة رأس المال، لكنها من الداخل تركت قطاعات أساسية دون الاهتمام الملائم، مثل الصحة والتعليم وغيرهما. فالصحة كما نعلم باتت درجات متفاوتة بين من يملك المال اللازم لشراء تأمين خاص وبين من يعتمد على التأمين الحكومي، وهكذا بإمكانك القياس على كل تلك القطاعات.

حكومات المركز الرأسمالي، ليس مسؤولة فحسب عما حدث لشعوبها في هذه الأزمة، بل لديها مسؤولية مضاعفة تجاه شعوب العالم الثالث التي نهبت ثرواته ولم تقدم له مساعدة تذكر على الصعيد الطبي، وكل هذا ليس بتأثير نقص في مواردها، بل بتأثير هوس وجشع مراكمة المزيد من المال، وزيادة الاستهلاك لكل ما هو مضر للإنسان ومربح لرأس المال.

هذا نموذج آنيٌّ له أن ينتهي ويلفظ أنفاسه الأخيرة بهذه الأزمة، خصوصًا في ضوء ما قدمته الشعوب والأمم الحرة من مساعدات وتضامن إنساني حقيقي، يشير لنا إلى إمكانية وجود عالم أفضل، عالم لا نختنق فيه ليكتنز اللصوص المزيد من المال.