في مقال حول زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، قال بنحاس عنباري، الباحث في مركز القدس للشؤون العامة، إنّه من أجل فهم السياق الأوسع لزيارة بايدن إلى القدس الشرقية وبيت لحم، يحتاج المرء إلى فهم السياق الأوسع للزيارة إلى الشرق الأوسط وأهدافها.
ورأى الكاتب أنّ السياق هو الحرب في أوكرانيا وعودة الحرب الباردة، وحاجة الولايات المتحدة إلى تنظيم حلفائها التقليديين لمواجهة التحدي المزدوج لروسيا وإيران.
لهذا السبب انتقل بايدن مباشرة من " إسرائيل" إلى جدة، لأنّه يرى "إسرائيل" و السعودية حجر الزاوية للتنظيم الإقليمي الجديد مع روسيا وإيران. إذ توضح مشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القمة الروسية الإيرانية في طهران أن الولايات المتحدة لا يمكنها الاعتماد إلا على "إسرائيل" والسعودية.
لكن من أجل الحصول على دعم "إسرائيل" والسعودية، وخاصة السعودية، يجب على بايدن إقناعهما بأنّ الولايات المتحدة ستبقى في المنطقة ولن تتخلى عنها، وأنّ التحالفات ستكون متبادلة.
ورأى المقال إنّ علامة الاستفهام الكبيرة تدور حول الاتفاق النووي مع إيران، ما إذا كان سيكون هناك اتفاق، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستكون مستعدة في غياب الاتفاق لتحرك عسكري لمنع إيران من الاستحواذ على سلاح نووي والانطباع العام هو أن هذا السؤال يظل مفتوحّا في "إسرائيل".
في جدة يحتاج بايدن إلى إقناع السعوديين بأنّ الولايات المتحدة لن تتخلى عنهم من أجل تلبية مطالبتها بزيادة إنتاج النفط، وبالنسبة للسعوديين، فإنّ الإطاحة ببايدن في الانتخابات سيكون أفضل إذا عاد الجمهوريون إلى البيت الأبيض.
حيث إنّ انعدام الثقة في المواقف الأمريكية، التي تتغير كثيرًا، دفع دول الخليج إلى توضيح أنها ليست في عمل تحالف إقليمي، وأنها على وجه التحديد في اتجاه تحسين العلاقات مع إيران.
وماذا عن الفلسطينيين؟
بعد كل شيء، كان هدف بايدن هو تسخيرهم للمعسكر الموالي لأمريكا أيضًا، والاستنتاج المقنع هو أنهم ليسوا جزءًا منه. فحقيقة عدم وجود إعلان مشترك مع ابو مازن عن زيارة بيت لحم تشير إلى خلافات، بشكل عام، الموقف الرسمي للفلسطينيين ينفي القيادة الأمريكية في عملية السلام والقيادة الفلسطينية تطالب بعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، وتوسيع اللجنة الرباعية لتقليل دور الولايات المتحدة في حل المشكلة الفلسطينية.
في ظاهر الأمر، بدا أنّ زيارة القدس الشرقية، غير المصحوبة "بإسرائيليين"، تدل على قرب من مواقف السلطة الفلسطينية، لكن هذا لم يكن كذلك. وعلى الرغم من أنّ بايدن لم يعترف بسيادة "إسرائيل" على القدس الشرقية، إلا أنه لم يعترف أيضًا بسيادة السلطة الفلسطينية. والاجتماعات في شرق المدينة كانت مع ممثلين عن المستشفيات وليس مع وزارة الصحة الفلسطينية، على سبيل المثال.
إنّ نقل الزيارة من المقاصد الخيرية على جبل الزيتون إلى أوغستا فيكتوريا على جبل المشارف، حتى لو تم ذلك على الأرجح من أجل أمن الرئيس، أنتج أيضًا نتيجة نهائية غير جيدة للقيادة الفلسطينية، حيث تتمتع أوغستا فيكتوريا بعلاقات عمل ممتازة مع هداسا، بينما المقاصد هو مستشفى "فلسطيني" - على الرغم من أنّ تدخل وزارة الصحة "الإسرائيلية" قد بدأ مؤخرًا فيه أيضًا.
يعكس إعلان المساعدة للمستشفيات في القدس الشرقية، بشكل مباشر وليس من خلال السلطة الفلسطينية، مشكلة رئيسية أخرى بين الولايات المتحدة ورام الله - المطالبة بالعودة إلى التعاون الاقتصادي مع "إسرائيل". وأدى الطلب، الذي تقف وراءه أوروبا أيضًا، إلى تعليق المساعدات الأوروبية حتى الآن. ويرفض رئيس الوزراء محمد اشتية بشدة القيام بذلك حتى تطالب الدول المانحة بإقالته كشرط لاستئناف المساعدات.
كل هذا، والاستقبال المخيف في بيت لحم، المصحوب بمظاهرات ضد بايدن وقمصان شيرين أبو عاقله التي ارتداها الصحفيين المتواجدين في القاعة، أظهر للأمريكيين أنّ الفلسطينيين ليسوا جزءًا من التنظيم الإقليمي وأنّ السعودية وإسرائيل في مركزه.