Menu

مشروع مطار رامون: تفكيك للروابط السياسية والمجتمعية والثقافية بين الشعبين الفلسطيني والأردني

حسن عبد الجوّاد

من المؤسف والمعيب، أن تتصدر أبواق هذا الزمن الرديء "زمن التطبيع العربي" دون رد جازم، وأن يرتفع صوتها، في الدعوة لتسويق وترويج مسار مطار "رامون"، وبضاعة المحتل الغاصب لهوائنا وسماءنا وأرضنا، ولكل ما هو فلسطيني، على حساب القيمة والمكانة الوطنية والقومية للعلاقة التاريخية، بين الشعبين الفلسطيني والأردني.

فالبعض ممن تغرد أصواتهم بالدعوة للسفر عبر مطار رامون، كمسار فلسطيني سياحي أو اقتصادي، بديل لمعبر الكرامة، يبيعون الوهم الافتراضي الآني للشعب الفلسطيني، تحت شعارات استهلاكية تتعلق بالتسهيلات، والخدمات الأقل كلفة، في إطار "علاقة الأسياد بالعبيد"، فيما يذهب بعضهم للقول من باب تسطيح الأمور والرمي بالحجارة، بأن هذا المشروع هو ثمرة تنسيق واتفاق بين كيان الاحتلال والسلطة الفلسطينية، فيما الأجدر أن يقال، أن هذا المشروع نتاج اتفاقيات أوسلو، والتطبيع العربي الرسمي.

كما لا يريد هؤلاء أن يفكروا لو قليلا، بفعل كونهم أدوات لمصالح وارتباطات سياسية واقتصادية بالسوق الإسرائيلي، بأن هذا المشروع الإسرائيلي، سيكشف الوهم الذي سعوا إليه، ولو بعد حين، وأن ما يمارسونه ليس سوى تسويق استهلاكي وخداع وتضليل في الفضاء الإعلامي وغيره، خدمة لهذا المشروع الإسرائيلي المعادي للعمق الحضاري القومي العربي، والذي يقف على نقيض الواقع الموضوعي، والعلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني.

إن مطار رامون كبديل لمعبر الكرامة، هو مشروع اقتصادي إسرائيلي خالص بامتياز له ما بعده، ولا تستفيد منه السلطة الفلسطينية و الأردن اقتصاديا، وإنما وجوده يفتح ثغرة في جدار هذه العلاقة التاريخية ستتسع مستقبلا، إذا لم تحسن فلسطين والأردن مواجهته، في إطار خطة استراتيجية لا تقتصر فقط على التسهيلات والاجراءات، وإنما تتعدى ذلك إلى تعزيز وتمكين العلاقة الاستراتيجية بينهما، فالفلسطينيين في هذا المشروع، ليس سوى سلعة تشغيلية بمردود اقتصادي كخيار احلالي بديل لجسر الملك حسين، توظفه وتستغله إسرائيل لفك الارتباط التاريخي بين الشعبين الفلسطيني والأردني. ولا يقتصر الأمر في ذلك، على المساس الاقتصادي بمعبر الكرامة، وإنما يتعدى ذلك إلى استهداف وتفكيك الروابط السياسية والمجتمعية والثقافية التاريخية بين الشعبين الفلسطيني والأردني، والتي يجب أن تبقى خطا أحمر يتوجب الحرص عليها، وعدم السماح بالعبث فيها.

إن مشروع رامون، ليس سوى بروفة وخطوة في سلسلة الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية الاحلالية، لكل ما يتعلق بالحقوق الوطنية وبالسيادة الفلسطينية، بما في ذلك علاقة فلسطين مع الأردن، وأبعد من ذلك مع أي دولة أخرى، وأن إفساد العلاقة مع الأردن، هو استهداف سياسي واقتصادي مدروس بدقة من حكومة المحتل، يستند إلى مشروع السلام الاقتصادي التطبيعي الإقليمي، وتعزيزه في المنطقة العربية، بهدف تعميق التبعية والإلحاق بالمشروع الصهيوني.