Menu

تحليلمن "ديزنغوف" إلى المطلة مرورًا بمجدو: توتر أمني صهيوني غير مسبوق

بوابة الهدف - متابعة خاصة

حالة الطوارئ الأمنية القصوى في الكيان الصهيوني، تتمدد، ويبدو أنّها لن تنتهي قريبًا، والقيادة العسكرية الأمنية الصهيونية ستعاني من الأرق لوحدها على ما يبدو في ظل انشغال المستوى السياسي بالحرب في الكنيست ومشاكل سارة نتنياهو مع طواقم البوينغ 777.

الحوادث المتتالية التي رفعت مستوى الأمن بدأت منذ الهجوم الفدائي في شارع "ديزنغوف" في "تل أبيب"، ليكتمل المشهد بالانفجار في مفترق مجيدو والذي بالمناسبة لم يعلن فيه سوى عن إصابة فلسطيني، اضطر العدو للإعلان عن اسمه لأنّه من الداخل ولأنّ أهله نقلوه إلى المستشفى، ولكن كل الأدلة تشير إلى أنّه كان ضررًا هامشيًا فقط في ذلك الهجوم الغامض.

يضاف إلى ذلك، حادث أمني خطير كما يوصف لكن لا أحد يريد الحديث عنه ولا يسمح بالنشر حوله ويبدو أن التداول بشأنه محصور في القيادة الشمالية ووزارة الحرب والشاباك، أضف إلى ذلك تحذيرات فصائل المقاومة التي تحذر من المساس بوضع الأقصى في رمضان ما قد يؤدي إلى حرب وليس مجرد "انتفاضة ثالثة" كما حذر مسؤولون أمنيون صهاينة في معرض اعتراضهم على تصرفات الوزير بن غفير.

في عمق القلق الأمني الصهيوني

بعد مضي يومين على انفجار العبوة الجانبية قرب مفترق مجيدو، لا يزال هناك منع لنشر تفاصيل أكثر من 90% من جوانب الحدث فعليًا، وإن كان هناك تأكيدات أنّه "هجوم قومي" ويبدو من المؤكد كما ذكرنا أنّ الشاب الفلسطيني المصاب كان ضررًا جانبيًا لمسألة أعمق وأكبر، وينعكس هذا في الخلاف الحاد الذي نشب بين الجيش والمستوى الصهيوني حول مسألة التستر على انفجار العبوة الناسفة وضغط كبار المسؤولين على المستوى السياسي في اليوم الأخير لترك الحدث الاستثنائي في الظلام ودون تفسير للعامة، بينما أوصى كبار الضباط في الجيش بوقف التستر على القضية ومنع انتشار الشائعات. ويؤكد كبار المسؤولين الأمنيين الذين يوصون بوقف التستر على القضية، أن فيضان الشائعات الذي انتشر في اليوم الماضي على الملأ تسبب في مزيد من الضرر والذعر، فيما لم يتم معالجة جوهر الحادث. هذا الخلاف إضافة إلى حادث الشمال الذي دفع بنيامين نتنياهو إلى تقليص زيارته إلى ألمانيا التي كانت تبدأ اليوم.

أيضًا، يتواصل التعتيم على الحدث غير العادي الذي يحظر نشر تفاصيله في مستعمرة المطلة في أقصى أصبع الجليل. وقد أجرى وزير الحرب "يوآف غالانت" عدة تقييمات للوضع في أعقاب الحادث، وحضر المناقشات أيضًا رئيس الأركان اللواء "هيرزي هاليفي"، ورئيس الشاباك "رونان بار"، ورئيس قسم العمليات الجنرال "أوديد بسيوك" ورئيس مجلس الأمن اللواء "أهارون حليفة" ومسؤولون كبار آخرون في الجهاز الأمني​​، وقدمت مختلف الأجهزة الأمنية إلى "جالانت" أول ما توصل إليه التحقيق في الأحداث.

قال رئيس مجلس المطلة، "ديفيد أزولاي"، إنّه في هذه الأثناء يتم الحفاظ على روتين كامل - على الرغم من أنّه، حسب قوله، في الأيام القليلة الماضية، كان الجنود يتنقلون بين المنازل في المستوطنة المعنية بالحدث، وكانت هناك أيضًا حصار من قبل الجيش. وقال "نحن المستوطنة الواقعة في أقصى شمال البلاد، والمستوطنة الوحيدة التي تحيط بها الحدود من ثلاث جهات" و"إنّه تحد. نحن نعيش هنا في هذا الواقع المعقد من وجهة نظر أمنية".

وأكّد "أزولاي" أنّه أيضًا لا يتلقى معلومات من الجيش، ويقوم فقط "بجمع قصاصات المعلومات" المتعلقة بطبيعة الأحداث. ومع ذلك، حسب قوله، "من الواضح أنّ شيئًا ما يحدث". وأضاف: "الجيش الإسرائيلي لا يكشف شيئًا ولا يشاركنا أي شيء. هناك كسوف كلي. لكن قائد اللواء يقول إنّنا كجيش منشغلون بهذه القضية - وأنتم كمدنيين ستعيشون روتينًا كاملاً. هذه هي التعليمات التي أصدرناها للسكان. اعتدنا أن نعيش هذا الروتين".

ووفقًا له، ليس هناك ذعر في المطلة بعد الحدث الغامض. وقال "هناك أيضًا عدد غير قليل من الحروب النفسية التي يخوضها الجانب الآخر ضد المطلة" و"على مدى الأشهر الثمانية الماضية، ليلة بعد ليلة، كان هناك ليزر هنا على السكان الموجودين على الجانب الشرقي من المستوطنة. إنّه جزء من حياتنا. نحن على اتصال يومي مع جيش الدفاع الإسرائيلي وبتعاون مذهل. في الايام القليلة الماضية انقطع الاتصال بنا".

من ناحية أخرى، قال رئيس بلدية كريات شمونة، "أفيهاي شتيرن"، على إذاعة Ynet إنّ "أي تأخير في خطة حماية الشمال يضعنا ببساطة في وضع لا يطاق لآلاف السكان الذين يتعرضون لخطر يومي". وبحسبه، فإنّ "برنامج حماية الشمال الذي تم الحديث عنه لسنوات عديدة لم يبدأ بعد بالفعل، كما يتم قطع الميزانيات الموعودة. وبينما يتم تسخين كل شيء، بدلاً من الاستثمار في المشاكل، نحن ترى أن هناك تخفيضات، هذا محير. لماذا ننتظر؟ ".

وإلى جانب هاتين المسألتين –مجدو والمطلة- فقد أدى الهجوم الفدائي في "ديزنغوف" إلى توتير الوضع الأمني رفع مستوى يقظة النظام الأمني الصهيوني​​، وقبل قبل أسابيع قليلة، عزز الجيش الصهيوني فرقة الضفة الغربية وأصبح لديها الآن 22 كتيبة. وهذا يحدث أيضًا في منطقة الأغوار. في الوقت نفسه، يواصل جيش الاحتلال تكثيف منطقة خط التماس لمنع تسلل الفدائيين إلى مناطق داخل الخط الأخضر. وتتم هذه التحركات إلى جانب نشاط مكثف في الميدان.

هذه القضايا الأمنية عكست واقع الباب الدوار للعمليات الأمنية الصهيونية في الضفة الغربية تحديدا، وحقيقة أنّ كل عملية قام بها الجيش الصهيوني في الأشهر الأخيرة لتحديد أماكن مقاومين ومطلوبين في الضفة الغربية تنتج سلسلة من الأعمال المضادة سواء في الضفة أو داخل الخط الأخضر، من اجل ذلك يحاول الجيش تحقيق أقصى قدر من الاعتقالات بأقل حد من الإصابات في الجانب الفلسطيني. وذلك بالطبع بعد نجاح المقاومة بتثبيت القاعدة "المعادلة" التي تم إنشاؤها والتي بموجبها أي عمل في الضفة الغربية سيؤدي إلى رد فعل يزعج الجيش بالفعل وإن كان لا يردعه بسبب روتينه التاريخي في الاعتقاد أنّه من الممكن دائمًا ضرب الفلسطينيين وتوقع سكوتهم، هذا الأمر لا يغير منه شيء ما يعتبره الجيش الصهيوني "شجاعة" في القيام ببعض العمليات في وضح النهار، بقدر ما يدعو للسخرية حقًا.

مسألة أخرى تضاف إلى عناصر القلق الأمني الصهيوني تصبح أكثر جدية في رمضان مع تهديد المقاومة في غزة بـ"زلزال" إذا تم تغيير الوضع في الأقصى وهو بالفعل أمر حذر منه مسؤولون أمنيون صهاينة، كما ذكرنا ردًا على تصريحات بن غفير.

يتحدث الصهاينة أيضًا وأخيرًا في هذا السياق في المستوى الأمني عن ما يسمونه "الذئب الوحيد" يقصدون الفدائيين الذين يبادرون لأعمال مقاومة بشكل فردي دون ارتباط تنظيمي، وهذا بالنسبة للصهاينة يعكس ثغرة خطيرة برأيهم حول مستوى السيطرة الاستخبارية على الضفة، رغم ادعاء المؤسسة الأمنية إنّها تجاوزت موجهة شبيهة بموجة 2015.

عموما كل هذا ينبئ بما هو قادم، ويؤكد أنّ الأمور ليست فقط بيد العسكري والسياسي والاستيطاني الصهيوني، ثمة عوامل مقاومة تبرز على السطح تنبؤ بتحولات على الأرجح ستكون مشهودة، ومن جديد ستمنع النوع عن أعين قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الصهيونية.