Menu

الجدلُ بشأن تدخّل الموساد في الاحتجاجات: هل تتجسّسُ الولايات المتّحدة على حليفتها؟

بوابة الهدف - متابعة خاصة

احتدم الجدال الأمريكي - الصهيوني على مدار يوم أمس الأحد حول صحة ما بدا أنه تحليلٌ استخباراتيٌّ أمريكيٌّ سريٌّ مسرّبٌ يقول إن جهاز المخابرات الصهيوني - الموساد - سعى للترويج للاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي الذي اقترحته الحكومة التي يرأسها بنيامين نتنياهو.

حيث كان تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، قد زعم بناءً على ما يبدو أنه معلوماتٌ استخباراتيّةٌ حقيقيّةٌ للبنتاغون، أن كبار مسؤولي الموساد شجعوا الاحتجاجات في الكيان.

ومن الجانب الآخر زعمت صحيفة جيروزاليم بوست أن لديها مؤشراتٍ على أن المخابرات الأمريكية، حتى على افتراض أنّها وثيقةٌ سريّةٌ أصلية، ربّما أساءت فهم عددٍ من الاتجاهات المعقّدة داخل مجتمع المخابرات الصهيوني.

وذكرت الصحيفة سابقًا أنه في عهد رئيس الموساد ديفيد بارنيا، سمح الموساد، مثل الجيش "الإسرئيلي"، للموظفين الحاليين حتى رتبة معينة بالمشاركة في الاحتجاجات، بشرط أن يكون ذلك خارج أوقات العمل وأن ينتبهوا لعدم الكشف عن هويتهم. هذا على عكس الشاباك، الذي منع موظفيه من المشاركة في أي احتجاجات.

يأتي هذا الجدال في ظلّ أن عددًا كبيرًا من عملاء المخابرات السابقين ومعظم رؤساء الموساد السابقين الأحياء قد انتقدوا بشدة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إما بسبب محاكمته بالفساد أو سياساته الإصلاحية القضائية أو كليهما. كما دعا رئيس الموساد السابق تامير باردو مرات عدة نتنياهو إلى الاستقالة.

وفي الآونة الأخيرة، وقع رئيس الموساد السابق المتقاعد وأحد المقربين من نتنياهو يوسي كوهين رسالةً عامةً تدعو رئيس الوزراء إلى وقف عملية الإصلاح القضائي من أجل التفاوض على حلٍّ وسطٍ مع المعارضة،و صدرت الرسالة قبل أسابيع من موافقة نتنياهو على مثل هذا الإجراء.

هل المخابراتُ الأمريكيّة بشأن الموساد والإصلاح القضائي مسألةُ تضليلٍ أم تشويش؟

وزعم الجيروساليم بوست أن واشنطن بوست أيضًا أن لديها مؤشرات تشير إلى أن الاستنتاج القائل إن مسؤولي الموساد حاولوا التأثير على الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي خاطئ، إما بسبب التضليل أو نتيجة لاتجاهاتٍ معقدةٍ مربكة.

وتزعم أيضًا أنه إذا كان تقرير نيويورك تايمز وبرقيات المخابرات الأمريكية عبارة عن معلومات مضللة، فمن الممكن أن تكون قد اختلقت من قبل المخابرات الروسية وتم الترويج لها من قبل عناصر في "إسرائيل" ترغب في تشويه سمعة حركة الاحتجاج. حيث أن معظم البرقيات الاستخباراتية الأمريكية التي تم تسريبها عبر التايمز وول ستريت جورنال ومنصة التواصل الاجتماعي المعروفة باسم Discord، تتعلق بقضايا المخابرات الروسية الأوكرانية.

ويبدو أنه تم نشر الدفعة الأولى من الوثائق في أوائل آذار/ مارس، ولكن لم يتم الكشف عنها إلا في وقت مبكر من يوم أمس الأحد.

ذكر تقرير التايمز أنه "في أوائل ومنتصف فبراير، دعا كبار قادة الموساد، وكالة التجسس الخارجية الإسرائيلية، مسؤولي الموساد والمواطنين الإسرائيليين إلى الاحتجاج على الإصلاحات القضائية التي اقترحتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة".

وبعد عدة ساعات من انتشار هذه الأنباء في وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانًا قال فيه إن "التقرير الذي نشر بين عشية وضحاها في الصحافة الأمريكية كاذبٌ ولا أساس له على الإطلاق. لم يشجع الموساد وكبار مسؤوليه - ولا - أفراد الجهاز على الانضمام إلى المظاهرات ضد الحكومة أو أي نشاط سياسي آخر ".

ونظرًا لتضارب المصالح المحتمل بين مكتب رئيس الوزراء والموساد في هذه الحالة، لم يكن واضحًا في البداية ما إذا كان بيان مكتب رئيس الوزراء يمثل حقًا موقف الموساد. وومع ذلك، أثبتت صحيفة The Post أن البيان لا يتتبع موقف الوكالة بشأن هذه القضية.

وعلى الرغم من أن بارنيا عمل مع رؤساء وزراء آخرين وتناقض مع نتنياهو علنًا فيما يتعلق بأهمية صفقة الغاز الطبيعي مع لبنان، إلا أنه لا يزال موثوقًا لدى نتنياهو، مما يدل على أن الاثنين تربطهما علاقةٌ طويلةُ الأمد.

في سياقٍ متصلٍ ووفقًا لتقرير الصحيفة، احتوت الوثائق المسربة على إشاراتٍ مجمعةٍ أو استخبارات قرصنة للاتصالات الداخلية الإسرائيلية. حيث أظهر تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت ما زعمت أنهما صورتان للبرقيات ذات الصلة التي أظهرت الاستنتاجات المتعلقة بالمخابرات، لكنها لم تقدم أدلةً على هذه الاستنتاجات. ويبدو أن الوثائق أصلية - بغض النظر عما إذا كان التحليل خاطئًا - نظرًا لأن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد فتح تحقيقًا جنائيًّا في التسريب، وبسبب ردود أفعال مجموعةٍ متنوعةٍ من المسؤولين الأمريكيين المتورطين.

وفيما يتعلق بالادعاءات نفسها، قال التقرير الصهيوني إنّ التورط في القضايا الداخلية ليس من طبع الموساد الذي توجد بنيته التحتية كلها تقريبًا في الخارج، حيث إن الشاباك مسؤولٌ عن قضايا المخابرات الداخلية.

كما أطلق يائير نتنياهو، الابن الأكبر لرئيس الوزراء الصهيوني، مزاعم غامضة بأن وزارة الخارجية الأمريكية وعناصر من المخابرات الصهيونية دعموا الاحتجاجات.

ولم يتضح أيضًا تأثير التسريب على علاقات التبال الاستخباراتي بين الكيان والولايات المتحدة نظرًا لافتراض أن واشنطن تتجسس على حليفها.

في الوقت نفسه، سبق أن اتهمت "إسرائيل" بالتجسس على أمريكا .كانت هناك مزاعم مماثلة بين الحلفاء الغربيين الآخرين، على الرغم من أن التجسس بشكلٍ عامٍ مؤطّرٌ من حيث الاطلاع على المعلومات وليس الإشارة إلى النوايا العدائية.