Menu

أوهام العدو وأكاذيبه

بوابة الهدف الإخبارية

قصف على غزة

خاص بوابة الهدف

ما يؤخّر بدء العدو الصهيوني بحربٍ جديدةٍ واسعةٍ تضاف لسجل حروبه المتواصلة وعدوانه المستمر ضدّ شعبنا؛ هما أمران، الأوّل: إدراكه دفعَ فاتورةٍ باهظةٍ؛ ماديّةٍ وبشريّةٍ ومعنويّة، والثاني: معرفته بالتجربة أنّه سيعجز عن تحديد مفصلٍ بعينه في قوى المقاومة يمكن لتصفيته أو العدوان عليه أو ضرب قواعده، أن يشكّل تعطيلًا كافيًا لمسار وحدة الساحات بين قوى المقاومة، فخلال الأيام الماضية، ومنذ عمليّة القصف من جنوب لبنان؛ ناورَ العدوُ بكلّ أدوات التسريب والتضليل؛ ليقودَ المقاومة وجماهيرها لحالةٍ من الاسترخاء، لكنّه لم يفلح، وبالأمس جاءت المناورةُ أوّلًا بتسريباتٍ مفادُها أنّ هذا العدوان سيتركّز على غزّة، ثمّ بخطاب رئيس وزراء العدوّ الذي جاء موحيًا أنّ العدوّ قد استكمل "ردّه"، وأخيرًا بتسريباتٍ أخرى تشيرُ لانتظار العدوّ مرور احتفالاته بما يسمّى عيد الاستقلال للقيام بضربةٍ عدوانيّةٍ جديدة.

هذا كلّه صغيرٌ في مقاييس عدّة؛ إذ يتوهّم العدو أن تمكّنه - فَرضًا - من الوصول لاغتيال أيّ من قيادات المقاومة، سيشكّلُ أداةَ ردعٍ لها، أو أنّ توجيهَ ضربةٍ لجزءٍ من مقدراتها سيوفّق حقًّا للوصول لتدميرٍ حقيقيٍّ لهذه المقدّرات؛ متناسيًا أنّ كادرات هذه المقاومة وقيادتها وبيئتها الحاضنة قد خبرت جرائمه وعرفتها جيّدًا، وأنّ قادتها جيلًا بعد جيلٍ قد تسابقوا تضحيةً في سبيل قضيّتهم، وأنّ الاستشهاد عندنا ليس موضوعًا للتعلّم أو كي الوعي، ولكن هو موضوعٌ للاحتذاء، وردّ الضربة، وتدفيع العدوّ ثمنًا لها، والتأكّد من مواصلة المسيرة.

لكن، ربّما يفيد العدو أن يتذكر ما الذي سيتلقّاه، فمئات الصواريخ التي كانت تهطلُ على العدو يوميًّا في معركة سيف القدس - على سيبل المثال لا الحصر - ستكون كسورًا عشريّةً بجانب الرقم الذي سيطاله من الصواريخ إذا قرّرت المقاومةُ هذا الطريقَ ردًّا على جرائمه، وعمليّات الإنزال التي يتوهّم أنّه استعدَّ لها ستنال منه، حيث احتسب ولم يحتسب، وجبهة غزة التي استنزفته سنواتٍ لن تكونَ وحدَها، بل ستتضاعف، وأكثر من ذلك أنّ عشرات الآلاف من أبناء شعبنا في الضفّة المحتلّة، وربّما مئات الآلاف قد كسروا أطواق الإخضاع، واستعادوا مسار التمرّد؛ وهؤلاءِ اليوم هم من يجبي ثمنًا يوميًّا من العدو، وبوسعهم مضاعفة هذا الثمن متى شاؤوا وشاءت مقاومتهم.

إنّ ما بوسع العدو أن يأمله الآن هو تأجيل آثار ما أحدثته استراتيجيّة المقاومة وعمليّاتها الأخيرة، وإبطاء مصير الغزاة المحتوم، ولكن عودة عقارب الساعة للوراء، أو تمزيق هذه الجبهات الموحّدة، أو أن يحصل الغزاةُ المعتدون على الأمن في أرضنا؛ هيهات هيهات؛ فكلّ قطر ةِ دمٍ يريقها العدو سيدفع ثمنها، وكلّ جريمةٍ يقترفها على أرضنا سيدفع ثمنها، وفي المقدّمة منها جريمتُهُ الأولى بغزوه أرضَنا وتشريدِ شعبِنا، إلى أن ننال حرّيّتنا واستقلالنا وتقرير مصيرنا.